المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الخميس 31 تموز 2025 14:55:18
في الوقت الذي يعيش فيه لبنان حالة من الترقب السياسي والضبابية الاقتصادية، تبقى الساحة الأمنية إحدى المساحات القليلة التي يُسجل فيها تقدم ملموس. فخلال الأشهر القليلة الماضية، عرفت العاصمة بيروت أيامًا أمنية بامتياز، تمكنت خلالها القوى الأمنية من فرض نوع من الاستقرار النسبي، بفضل خطة دقيقة أُعدّت مسبقًا ونُفذت بتنسيق عالٍ بين مختلف الأجهزة المعنية.
وبحسب مصادر أمنية خاصة لموقع kataeb.org، فإن الخطة التي طُبّقت في بيروت أظهرت نتائج إيجابية، لا سيما على صعيد الحد من التفلت الأمني، وملاحقة الخارجين عن القانون، ما عزّز من مناخ الأمان لدى المواطنين، ولو بشكل جزئي. هذا النجاح لم يمر مرور الكرام، بل شكّل حافزًا للانتقال إلى مراحل جديدة من الخطة، تشمل مناطق أخرى كانت قد شهدت سابقًا حالات من الفوضى أو التراخي في تطبيق القانون.
من بيروت إلى صيدا... التطبيق يتوسّع
المحطة التالية كانت صيدا. فابتداءً من مطلع هذا الأسبوع، بدأت ملامح خطة أمنية جديدة تتبلور في المدينة الساحلية، بمشاركة فاعلة من قوى الأمن الداخلي والشرطة البلدية، بهدف إعادة ضبط الوضع الميداني ورفع الغطاء عن كل المخالفات.
وتفيد المعلومات الأمنية، لموقعنا، أن الحملة تشمل إزالة التعديات والمخالفات كافة، وملاحقة الدراجات النارية التي تُمنع أساسًا داخل المدينة، إلى جانب عربات "التوك توك" المخالفة التي باتت تنتشر بشكل عشوائي في بعض الشوارع.
المصادر نفسها تشير إلى أن الحملة لا تُنفّذ بشكل منفصل عن التنسيق البلدي، بل تأتي ضمن خطة مشتركة بين وزارة الداخلية والسلطات المحلية، وهو ما تأكّد من خلال اللقاء الأخير الذي جمع وزير الداخلية العميد أحمد الحجار برئيس بلدية صيدا المهندس مصطفى حجازي ورئيس اتحاد بلديات صيدا الزهراني، حيث تمّ تثبيت بنود الخطة والتشديد على ضرورة تطبيقها بحذافيرها.
أكثر من مجرد ضبط... نحو طمأنينة مستدامة
بحسب المصادر نفسها، فإن الهدف من هذه الإجراءات لا يقتصر على تطبيق القوانين وملاحقة المخالفين، بل يتعداه إلى إعادة الطمأنينة والثقة في الدولة ومؤسساتها، بعد فترة طويلة من غياب الدولة عن التفاصيل اليومية لحياة الناس. وتُراهن الجهات الرسمية على أن هذه الخطوة ستكون مؤثرة خصوصًا في صيدا، بالتزامن مع عودة مهرجاناتها الثقافية والسياحية، ما يُحتم توفير بيئة آمنة ومستقرة لاستقبال الزوار والمستثمرين.
كما لفتت المصادر إلى أن الدعم اللوجستي للقوى الأمنية هو بند أساسي في نجاح الخطة، إذ لا يمكن تحقيق أي نتائج فعلية من دون تزويد العناصر بالمعدات والموارد اللازمة، فضلًا عن الدعم الشعبي المطلوب لإنجاح الحملة.
جنوباً... الاستعدادات على قدم وساق
تمتد الخطة لتشمل مناطق أخرى في الجنوب، وفق ما أفادت به المصادر لـkataeb.org، لا سيما أن بعض القرى والبلدات تشهد بين الحين والآخر حالات تفلت تحتاج إلى معالجات سريعة. وتشير التقديرات إلى أن نجاح الخطة في صيدا قد يشكل نموذجاً يُبنى عليه لاحقاً في صور، النبطية، وجزين.
كما يُنتظر أن تُفعّل آليات الرصد والمتابعة بعد التطبيق الميداني، لتقييم النتائج وتحديد نقاط القوة والضعف، بهدف تعديل الخطط وتطويرها بما يتناسب مع كل منطقة وخصوصياتها.
السياق العام: أمن مستقر في ظل واقع هش
في ظل غياب أي أفق سياسي واضح، تبقى هذه الخطوات الأمنية بمثابة بصيص أمل في واقع هشّ. فالإجراءات الأمنية لا تعني بالضرورة حلولًا جذرية، لكنها تُشكّل عنصرًا جوهريًا في دعم الاستقرار المجتمعي، وضمان سلامة الناس في الحد الأدنى.
ويرى متابعون أن الأمن لا يُمكن أن يكون منفصلًا عن باقي الملفات الاقتصادية والاجتماعية، لكنه يشكّل الأرضية الأساسية لأي إصلاح أو نهوض مستقبلي. من هنا، فإن التعويل على نجاح هذه الخطط – بدءاً من بيروت ومرورًا بصيدا، ولاحقًا في باقي المناطق – هو جزء من معادلة متكاملة، عنوانها: عودة الدولة من الباب الأمني أولاً.