نبيه بري يفتح دفتر الإعمار ويغلق صندوق الاغتراب

تتحول الساحة السياسية في لبنان إلى حلبة تدار فيها المصالح بذكاء لافت، حيث تظهر ملامح خطة واضحة تضع البلاد بين مطرقة تهميش المغتربين وسندان ملفات الإعمار، وفي هذا السياق، كشف مصدر خاص لـ “صوت بيروت إنترناشونال” أن ما يجري في ساحة النجمة هو تبادل أدوار دقيق جدا، حيث يقوم رئيس مجلس النواب نبيه بري بإخفاء بند انتخابات المغتربين في أدراج النسيان، بينما يتولى “التيار الوطني الحر” توفير الغطاء السياسي لهذا الإجراء من خلال التمسك ببدعة المقاعد الستة. وبحسب المصدر، فإن هذه الخطة تهدف إلى تحويل حق المغتربين في التصويت إلى مجرد دائرة شكلية مستحدثة هي الدائرة رقم ستة عشر، والهدف الحقيقي من ذلك لم يكن ابدا تسهيل اقتراع اللبنانيين في الخارج، بل كان الغرض هو محاصرة أصواتهم ومنع تأثيرهم الكبير في الدوائر المحلية الخمس عشرة. ويضيف المصدر أن هذه المناورة جعلت صوت المغترب مجرد زينة انتخابية يتم استخدامها عند المصلحة فقط، في وقت يمر فيه الوقت وتضيع المهل القانونية، مما يجعل تنظيم الانتخابات في السفارات والقنصليات أمرا مستحيلا، وهو ما يصفه المصدر بعملية إعدام سياسي منظمة تنفذ بدم بارد.

تناقضات المواقف

في قراءة أعمق للمشهد، أشار المصدر الخاص لـ “صوت بيروت إنترناشونال” إلى أن مشاركة “تكتل لبنان القوي” في الجلسات التشريعية الأخيرة، رغم غياب بند انتخابات المغتربين عن جدول الأعمال، هي بمثابة موافقة صامتة على ضياع هذا الحق مقابل تحقيق مكاسب في ملفات أخرى. ويوضح المصدر أن الاعتراضات التي تظهر في الإعلام ما هي إلا محاولة لتغطية الواقع، بينما الحقيقة هي وجود خوف حقيقي من الكتلة الناخبة في الخارج التي لا تخضع لضغوط السياسة المحلية. ويضيف المصدر أن المفارقة الكبيرة تظهر في سلوك “التيار الوطني الحر” الذي سكت عن ضياع حقوق المغتربين في الجلسة، لكنه في المقابل اعترض رسميا وبقوة على بند يقدم مساعدة بقيمة مئتين وتسعة وخمسين مليون دولار لإعادة إعمار ما تهدم في الجنوب. هذا الموقف بحسب المصدر يكشف بوضوح أن الأولوية هي لتعطيل مشاريع الاعمار بحجة قانونية الاعتمادات، بينما يتم تمرير إلغاء دور المغتربين في الانتخابات دون أي ضجيج حقيقي، مما يؤكد أن السلطة ترحب بأموال المغتربين التي تنعش الاقتصاد لكنها تخشى أصواتهم التي قد تغير الواقع.

شبح إلغاء الاستحقاق الانتخابي

أكد المصدر الخاص لـ “صوت بيروت إنترناشونال” أن المحصلة النهائية لما يجري هي تحالف غير معلن يهدف إلى إبعاد المغتربين عن صناديق الاقتراع، خاصة بعد أن تغير المزاج الشعبي في دول الانتشار. ويشرح المصدر أن نبيه بري يسقط البند من الحسابات، بينما يؤمن “التيار الوطني الحر” النصاب القانوني للجلسات ويتمسك ببدعة المقاعد الستة كذريعة قانونية للتعطيل. وفي هذا الإطار، يبرز دور جبران باسيل الذي يرفع سقف المطالب في ملف الاعمار معتبرا أن المبالغ المرصودة غير كافية، وفي الوقت نفسه يصور نفسه كمدافع عن حقوق المغتربين، لكن المصدر يرى أن هذه المواقف تتحول في النهاية إلى مجرد أوراق للتفاوض والمقايضة. وتختم المعلومات المسربة لـ “صوت بيروت انترناشونال” بالتحذير من أن هذا المسار من المماطلة واختلاق العراقيل التقنية والقانونية قد لا يؤدي فقط إلى تهميش المغتربين، بل يمهد الطريق نحو احتمال عدم إجراء الانتخابات النيابية برمتها، حيث يصبح التأجيل التقني مقدمة لتعطيل شامل قد يطير بهذا الاستحقاق الدستوري ويضع البلاد في مهب المجهول.