المصدر: المدن
الكاتب: حسين سعد
الأحد 26 أيار 2024 15:30:06
وفي هذه البلدة المسيجة ببنت جبيل وعين إبل ورميش ومارون الراس، واحدة من أبرز ظواهر الإغتراب الجنوبي واللبناني، التي حولت البلدة إلى "سويسرا" الجنوب، بعدما عمرت بكثير من البيوت الجميلة والقصور الفارهة والفاخرة، وشوارعها الرئيسية الواسعة وأحراج السنديان والصنوبر والخروب وأشجار الأرز، لم تسلم فيها قاعة "ناصيف النصار" من الغارات الإسرائيلية، فسوتها بالأرض، بعدما كان يجري الاستعداد لافتتاحها. وكذلك عشرات المنازل في الحارات القديمة، المجاورة لكنيستها ومسجدها. وهي بيوت تراثية مبنية بالحجارة الصخرية "الكدان".
بلدة المغتربين
قدمت يارون، التي كانت دروباً للعابرين الناجين المثقلين بوجع التهجير، من أهالي صلحا في أيار 1948، وملجأً مؤقتاً للكثير من عائلاتها، عشرات الشهداء، في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، سقطوا على يد العدو الإسرائيلي، الذي يوغل مجدداً في القتل والتدمير، فسقط اثنان من أبنائها "شهيدين على طريق القدس"، ولم يعف الفرق الصحافية، التي كانت تغطي أضرار القصف الإسرائيلي، فاستهدفهم الطيران المسيّر، وجرح أحدهم بجروح طفيفة، وهو الزميل المصور قي قناة الجزيرة عصام مواسي.
يبلغ عدد أبناء بلدة يارون، حسب سجلات النفوس، أكثر من 12 ألف فرد، من المسلمين والمسيحيين، يعيشون الأفراح والأتراح سوياً. ويزيد عدد المغتربين من أبناء يارون على ثمانين بالمئة، ينتشرون في الولايات المتحدة الأميركية (كاليفورنيا، نيويورك) وبنما، وأستراليا، ودول أميركا الجنوبية وغيرها. ولهؤلاء بصمتهم في المساهمة بتحسين نواحي الحياة والبنية التحتية وجمالية العمران في البلدة، الممتددة على مساحة تفوق 15 ألف متر مربع، يزرع قسم كبير من أراضيها بأشجار الزيتون، التي حرم الأهالي من موسمه، إلى جانب زراعات بعلية أخرى وتبغ.
بلدة التآخي
تتابع بلدية يارون ومخاتيرها وفعالياتها شؤون وشجون الأهالي النازحين من أبنائها، إلى مناطق صور وبيروت، من خلال اللجنة التي شُكلت مع بداية العدوان الإسرائيلي.
ويؤكد نائب رئيس بلديتها، حسين جعفر، أن بلدة يارون -جارة فلسطين- هي بلدة التآخي والعيش المشترك، منذ أكثر من أربعمئة عام. وأن تاريخ يارون معمد بالشهادة، ابتداء من الشيخ ناصيف النصار، الذي واجه جيش أحمد باشا الجزار، الذي هدم قلعتها التاريخية عام 1781، مروراً بتفجير الكثير من بيوتها وارتكاب المجازر بحق عدد من أبنائها في السبعينيات، من قبل العدو الإسرائيلي.
وقال جعفر لـ"المدن"، إن الخسائر التي ألحقها العدو الإسرائيلي في بلدتنا كبيرة جداً، وإلى جانب استشهاد مقاومين من خيرة أبنائها، دمر أكثر من أربعين منزلاً تدميراً كاملاً في كل أنحاء البلدة، وعلى وجه الخصوص في الحارات القديمة، التي تشكل روح يارون التاريخي النابض. وأيضاً دمّر محطة المياه والبئر الارتوازي، المنجز حديثاً بتكافل البلدية والأهالي الخيرين، وألحق أضراراً بمئات المنازل وشبكة الكهرباء.
ويضيف جعفر، إن البلدية تواكب كل التطورات المتعلقة بالبلدة، وتقف إلى جانب أبنائها النازحين، من كل طيفها الاجتماعي، الذي يصر على دفن أمواته في ترابها، على الرغم من الغارات والقصف المستمرين.