المصدر: المدن
الكاتب: غادة حلاوي
الخميس 1 أيار 2025 02:35:51
بعدما انتظر لبنان حضور رئيس لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، الجنرال الأمريكي جاسبر جيفرز، لتقديم شكوى بشأن الاعتداءات الإسرائيلية، ولحثّه على تكثيف اجتماعات اللجنة التي يرأسها، جاءت المفاجأة بوصوله برفقة زميله الجنرال مايكل ليني، الذي قدّمه إلى المسؤولين اللبنانيين على أنه خليفته المرتقب، والذي سيتولى مهامه في رئاسة اللجنة المعنية بمراقبة تنفيذ الاتفاق بين لبنان وإسرائيل
وأعلنت السفارة الأمريكية، في بيان، أن رئيس لجنة آلية تنفيذ وقف الأعمال العدائية، الجنرال جيفرز، اجتمع في بيروت مع القيادة اللبنانية وقيادة "اليونيفيل"، برفقة الجنرال مايكل ليني، الذي انضم إلى اللجنة بصفته قائدًا عسكريًا أمريكيًا رفيعًا بدوام كامل، بهدف تعزيز العلاقة المتينة بين الجيشين اللبناني والأمريكي.
ونقل البيان عن ليني قوله: "أنا ممتنٌ لفرصة المشاركة في هذه المهمة بالغة الأهمية، ومتفائل جدًا بالمستقبل. فالجيش اللبناني معروف بكونه قوة فعّالة، وقد أظهرت لقاءاتي مدى التزامه بضمان السلام والاستقرار".
وجاء في بيان السفارة: "سيعمل الجنرال ليني بشكل وثيق مع الجيش اللبناني، و"اليونيفيل"، وفرنسا، واللجنة الفنية العسكرية اللبنانية، لتمكين الجيش من تعزيز الأمن وحماية السيادة الوطنية بشكل كامل. وإدراكًا لأهمية وقف الأعمال العدائية، سيواصل الجنرال جيفرز اهتمامه بالشأن اللبناني، فيما يتولى مهامه الجديدة كقائد لقوات العمليات الخاصة الأميريكية في بلاد الشام والخليج العربي وآسيا الوسطى".
لقاءات إيجابية والعبرة في الممارسة
وشملت جولة الوفد، برفقة السفيرة الأميريكية ليزا جونسون، لقاءات مع الرؤساء الثلاثة. وتشير المعلومات إلى أن هذه اللقاءات كانت إيجابية بالمجمل من ناحية تفعيل عمل لجنة المراقبة. وخلال لقائه مع رئيس الحكومة نواف سلام، استمع رئيس اللجنة إلى مطالبة لبنانية واضحة بضرورة الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها والانسحاب من الأراضي اللبنانية، كما طُلب منه تكثيف اجتماعات اللجنة وتفعيل دورها.
وفي عين التينة، سمع استنكارًا من الرئيس نبيه بري للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والخروقات اليومية، في وقت يلتزم فيه لبنان بتطبيق الاتفاق. وطالب بري، كما فعل رئيس الحكومة نواف سلام، بضرورة الضغط على الولايات المتحدة الأميركية لإلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق فورًا. كما نقل رئيس الحكومة موقفًا مفاده أن "الانسحاب الإسرائيلي هو المدخل الفعلي لتعزيز سلطة الدولة وتقويتها، إلى جانب الإجراءات التي يتخذها لبنان لتعزيز قدرات الجيش عددًا وعتادًا".
من خلال الممارسة ووتيرة عمل لجنة المراقبة، سيتضح ما إذا كانت الخطوة الأميركية "المفاجئة" سترتقي بأداء اللجنة أم العكس. وهو ما يشير اليه البيان الصادر عن السفارة والذي يتحدث عن إقامة للرئيس الجديد في بيروت لمتابعة عمله عن قرب، رغم أن التبديل بقي موضع تأويل واستفسار من قبل المحليين.
رسالة عون للجنة المراقبة
وأتت الخطوة مع إعلان رئيس الجمهورية ميشال عون أن الجيش اللبناني أنجز مهمته جنوب الليطاني بنسبة 85 بالمئة، وهو ما يفهم على أنه رسالة إلى الأميركيين في وقت تخطو السلطة خطوات واثقة نحو فتح حوار مع حزب الله حول مستقبل سلاحه. سباق محموم بين لجنة برئاسة أميركية تبحث عن دور لها في عملية تفكيك الترسانة العسكرية لحزب الله، وبين حوار بعبدا مع حزب الله بشأن تسليم السلاح. وكان لافتًا هنا بيان الخارجية الفرنسية الذي جاء فيه أن "القوات المسلحة اللبنانية فقط" هي من تفكك المنشآت العسكرية التابعة لحزب الله، بما يفهم على أنه رسالة فرنسية للأمريكيين بهذا الشأن.
تظهر مواقف عون وسلام، وجود تفاهم ضمني مع الحزب على مرحلة جديدة بدأت تنعكس على خطاب الأخير، الذي بدا أكثر مرونة في التعاطي. وتكشف معلومات "المدن" أن لقاءات هادئة وتبادل رسائل حول ملف السلاح جرت بين بعبدا وحزب الله، كما سجب تواصل لحزب الله مع رئيس الحكومة.
بداية الحوار
وتتحدث مصادر متابعة عن لقاءات بين حزب الله ورئيس الحكومة نواف سلام، الذي أوكل ملف السلاح إلى بعبدا، بينما يهتم وحكومته بالإصلاحات المطلوبة والخطوات الإصلاحية. وتذهب المصادر إلى حد الحديث عن جلسات عقدت لترتيب العناوين الأولى للتفاهم على الحوار حول "الاستراتيجية الوطنية" للبنان، بعدما استنفد الحديث عن "استراتيجية دفاعية"، والتي يدخل في صلبها الحوار حول سلاح الحزب.
وحسب معلومات "المدن"، فإن خطوة متقدمة ستسجل خلال اليومين المقبلين بخصوص الحوار حول السلاح، وأن هذا الحوار سينطلق ريثما يكون النقاش قد نضج بشأن الصيغة المطلوبة وآليته، وعما إذا كان ثنائيًا أم بين رئيس الجمهورية ورؤساء الكتل النيابية، أم مع حزب الله حصريًا. وتقول مصادر متابعة لسير النقاشات الدائرة إن وفدًا من حزب الله سيلتقي رئيس الجمهورية عما قريب، بعدما سجل لقاء خلال اليومين الماضيين مع رئيس الحكومة، وأن البحث كان إيجابيًا.
منذ نهاية الحرب الإسرائيلية على لبنان، يبدي حزب الله مرونة لافتة، منفتحًا على الرئاستين الأولى والثالثة، واتخذ قرارًا ضمنيًا بتسمية الأشياء بأسمائها في ردوده على منتقديه وسلاحه، بدلًا من أن يُفسر رده تصويبًا على الرئيسين كما يتقصد البعض إظهاره للعب على وتر العلاقة بينهما.
أسلوب جديد ومقاربة جديدة لحزب الله في تعاطيه مع السلطة السياسية، واتفاق بينهما على أن الحديث في تسليم السلاح يكون بعد الانسحاب الإسرائيلي ووقف العدوان وتسليم الأسرى (عددهم 8 من حزب الله و7 مدنيين).
بعبدا عن التهديد بقطع اليد، مد حزب الله يده لمن يريد أن يحاوره حتى على سلاحه، من منطلق أن يكون السلاح مصدرًا لقوة لبنان. مرحلة البحث عن المصطلحات انطلقت لتمهد لحوار لم يزل موعده مجهولًا، طالما أنه مرهون بانسحاب إسرائيل ووقف عدوانها.