المصدر: Kataeb.org
الكاتب: الدكتور جورج شبلي
الثلاثاء 27 أيار 2025 16:55:07
كتب الدكتور جورج شبلي:
لن أتطرّق لنتائجَ دوَّت في الأمسِ القريب، وأعتبرُها خارجة عن كلّ معقوليّة، وقد تداولَ بعضهم في عَبَثها، بلغةٍ ليست سوى تجارة خاسرة في أسواق التّعاطي الوطني. ولم يُدهشني ذلك، لأنّني لم أتوقّع، مرّةً، حَدَثًا، أو سِلكًا من الفِكر انتَثَر، مِمّن زاغوا عن محجّة الصّواب والتّوازن، ولم يكنْ حِلمُهم، يومًا، إلّا وَحل السّلطة.
يا سيّدتي، آملُ منكِ، وانتِ العَروفةُ بأزمنةِ الجحودِ والصّدأ، أن تعرفي أنّ المقاييس أصبحت مقلوبة، والمفاهيم ممسوخة، والعلاقات محفوفة بالغدر، ولكن، ثِقي، دائمًا، بالشّمس لآنّها تعود باستمرار، فلن نسمح للعتمةِ أن تهاجمَ أنفاسَنا، ولن نقعَ ركامًا أمامَ خسارةِ جولة، وثِقي بأنّ اليوم الثالثَ موجود.
لقد استمعتُ إليكِ وأنتِ تتمنّين النّجاحَ لِمَن تربَّعوا على سدّة الاتّحاد، من دون أيِّ تلميحٍ قاسٍ، أو ملاحظة فيها خروجٌ على معيارِ الأخلاق، والرقيّ، ففرَضَ شخصُكِ استنتاجًا لطالما كان معروفًا عنكِ، ومُؤَيَّدًا بأنشطتِكِ وإنجازاتك، وهو أنّ قَدْرَكِ يوازي قَدْرَ الروّاد الذين عَدُّهم عَدُّ الأصابع، وفاعليّتُهم فاعليّةُ أُمَم.
في كلمتِك، كان إصرارُكِ وطنيًّا، فالسيادة غير قابلةٍ للقسمة، ولا يمكن التّنازل عنها لأيٍّ كان، والقانون ليس زخرفة، إنّما ينبغي أن ينسحبَ على الجميع، في ظلِّ معادلة الحقوق والواجبات. ولقد رفضتِ أن تزدهر الاتجاهات الفوضوية، في البلدات، والمناطق، والبلاد، فهي خروجٌ موصوفٌ على الدولة، وعرقلةٌ مقصودة لمبادئ الحرية والعدالة والسّلام والاستقرار، وأكّدتِ على الولاء للبنان، هذا الوطن الذي، وإِنْ لم يكنْ موَضّبًا في علبةٍ مزيّنَة، لكنّه، مع ذلك، هديّةٌ من الله.
يا سيّدتي، وإِن كان صوتُكِ ناعمَ الخَفقات، يُشبِهُكِ، لكنّ صداه يصلُ الى أمكنةٍ بعيدة. نحن، معكِ، في المطلبِ الجدّي الذي هو عدمُ القَبول بالواقعِ المفروض في ظلِّ التّهديد، لذلك، كانت لكِ، صرخةٌ أردتِها هزّةً نوعيّة توقظُ الغافِلين عمّا يُنسَجُ للمَتن، وهي تَمَرُّدٌ واعٍ سلميّ، يمكنُ باستمرارِه مُراقِبًا، ومُحاسِبًا، أن يقضَّ مضاجعَ الذين يعيثون فسادًا، ويعتدون على مكوّنات النّماء، حيثُ آمالُ النّاس.
إعلَمي، سيّدتي، أنّ أبواقًا ستنبري لتُنشئ فيكِ إسفافًا، لكنها لن تستطيع، بأيّ شكل، أن تنال من تَسامي الصّالحين. إنّ أولئك المتلوِّنين المُتذاكين الذين يوظّفون التّلميحات الممقوتة، لا ينمُّ عنهم سوى جبانةٍ مشهودة، وكأنّهم لا يعلمون أنّ نيكول الجميّل تعرفُ الشّيطان مهما بَدَّل ثيابَه.