هكذا ستصبح الرواتب والضرائب بعد إقرار موازنة 2022

تحت ذريعة "إقرارها أفضل من عدمه" أقرت موازنة العام 2022 بمخالفاتها وثغراتها وعللها. وبعيداً من حفلة النفاق التي شاركت فيها الكتل السياسية في مجلس النواب، أقرت الموازنة وباتت واقعاً. ومعها ستدخل الرسوم والضرائب الجديدة والزيادات على رواتب القطاع العام حيز التنفيذ خلال أيام. فكم بلغت الزيادات على الرواتب بعد تعديلها عدة مرات؟ وما هي الرسوم والضرائب الجديدة الواردة في موازنة 2022؟

رواتب وأجور
علامتان فارقتان تتّسم بهما موازنة 2022، تُضافان إلى سلة الشوائب التي لازمت الموازنة وفنّدتها "المدن" بأكثر من تقرير. العلامة الأولى تتمثل بزيادة رواتب وأجور القطاع العام. فقد أقرت الموازنة زيادات لرواتب وأجور القطاع العام، لا تلبي مطالب العاملين واحتياجاتهم ولا تعفي في الوقت نفسه العملة من مزيد من التضخم. فالزيادات أقرت مربوطة بشكل أو بآخر بإيرادات الدولار الجمركي، وبمعزل عن أي إجراءات إصلاحية أو خطة تستهدف تعزيز القدرة الشرائية للموظفين بالتوازي مع لجم التضخم.

زيادات عشوائية أقرها مجلس النواب ضمن قانون الموازنة، لم ترق إلى مستوى تحسين معيشة الموظفين. فالزيادة تقل كثيراً عن مطالب العاملين بالقطاع العام. ناهيك عن تراجع قيمتها نظراً إلى ارتفاع سعر الصرف مؤخراً وبلوغه عتبة 40 ألف ليرة.
أعطت موازنة 2022 موظفي القطاع العام المدنيين والعسكريين والمتقاعدين وكافة الأجراء في الدولة، مساعدة مؤقتة تساوي ضعفي أساس الراتب الشهري، على ألا يقل إجمالي ما يتقاضاه المستفيد بما فيه راتبه الأساسي عن 5 ملايين ليرة، وعلى ألا تزيد قيمة المساعدة الاجتماعية عن 12 مليون ليرة لبنانية. وتُعدّ هذه الزيادة استثنائية ومحدودة الزمن ريثما تتم المعالجة النهائية لموضوع الرواتب، في حين أنها لا تُحتسب في تعويضات نهاية الخدمة أو المعاش التقاعدي.
إذاً، قيمة المساعدة تبلغ ضعفي الراتب الأساس وبذلك يصبح الراتب مؤلفاً من 3 رواتب (راتب أساس + المساعدة والتي هي راتبي أساس). وإذا أخذنا مثالاً راتب من يتقاضى اليوم مليونين و500 ألف ليرة، منها 2 مليون ليرة أساس الراتب والباقي تعويض عائلة أو درجات وما إلى ذلك، فتبلغ المساعدة الاجتماعية المخصصة له 4 ملايين ليرة، أي راتبي أساس. وبذلك يصبح مجموع مدخوله 6 مليون و500 ألف ليرة (2 مليون + 500 ألف + 4 مليون ليرة).

الدولار بـ4500 ليرة
بصيغة أخرى وإن لم تأت على ذكرها موازنة 2022، فقد تم احتساب رواتب وأجور القطاع العام بشكل غير مباشر وفق سعر صرف 4500 ليرة للدولار، في حين أن سعر صرف الدولار في السوق السوداء اليوم يتأرجح بين 37000 ليرة وعتبة الـ40000 ليرة.
أما الثغرة الكبرى الواردة في الموازنة والمرتبطة بالأجور والرواتب فهي حسم المساعدات التي سبق للموظفين أن حصلوا عليها سابقاً. وتورد الموازنة الصيغة الآتية "في حال استفاد أحد العاملين في القطاع العام من أية زيادة على الراتب أو تعويض استثنائي أو مساعدة مالية مهما كان نوعها أو تسميتها (ما عدا الدرجات التي يستحقها العامل في القطاع العام) اعتباراً من 1/1/2020، تُحسم هذه الزيادة أو التعويض أو المساعدة المالية من قيمة المساعدة المستحقة ولا يستفيد صاحب العلاقة إلا من قيمة الفرق بين المساعدة والمبلغ الذي استفاد منه على راتبه".
باختصار، الزيادة المقرة حديثاً للقطاع العام لا تعوض أكثر من 5 إلى 6 في المئة من تدني رواتب العاملين في مقابل خسارتهم البالغة نحو 95 في المئة من قيمة رواتبهم وتدني قدرتها الشرائية. من هنا بات مستبعداً عودة العاملين بالقطاع العام عن إضرابهم المستمر منذ أشهر.

ضرائب ورسوم جديدة
علامة فارقة أخرى تضمنتها موازنة 2022 وتُضاف غلى العلامة الأولى، هي رفع الدولار الجمركي من 1500 ليرة إلى 15000 ليرة، وهذا الأمر لا يُمكن قراءته سوى كهدية مجانية مقدمة من السلطة للتجار والمستوردين، الذين ضاعفوا عمليات الاستيراد بالدولار الرسمي وسيضاعفونها مستقبلاً طالماً أن الدولار الجمركي غير متقارب مع الدولار السائد في الأسواق.
ما يعني أن المستوردين والمحتكرين سيتمكنون من التحكم أكثر فأكثر بأسعار السلع المستوردة ومراكمة الأرباح، في ظل غياب الاجهزة الرقابية والضوابط الحائلة دون استغلال المستهلكين.
رسوم أخرى تم إقرارها في موازنة 2022، منها رسم جمركي جديد بنسبة 10 في المئة على السلع والبضائع التي يتم استيرادها ويصنع لها مثيل في لبنان، وعلى السلع والبضائع المصنفة فاخرة. قد تستهدف الموازنة من هذا الرسم تشجيع ودعم الصناعة الوطنية، غير أن غياب المؤسسات الرقابية تدفع بهذا الرسم إلى وضع رقاب المستهلكين تحت مقصلة التجار.