هل تغتال إسرائيل خامنئي ويسقط النظام الإيراني؟

يتصدّر السؤال عن احتمالات تغيير النظام الإيراني واغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي الاهتمامات؛ فهل تُفضي العملية الإسرائيلية التاريخية إلى تغيير واقع إيران السياسي؟ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألمح إلى هذه القضية، ووعد الإيرانيين بـ"تحقيق حريتهم"، في حين اعتبر مسؤول إسرائيلي خلال حديثه لـ"وول ستريت جورنال" أن اغتيال خامنئي "ليس خارج حدود" إسرائيل.

سبق لإسرائيل أن خرقت خطوطاً كانت تعتبر "حمراء"، فاغتالت الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله، واستهدفت البرنامج النووي الإيراني، ومن غير المستبعد في ظل التغييرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط أن تسعى لتغيير النظام في إيران وإنهاء تهديده، لكن حسابات إيران تختلف عن حسابات سوريا و"حزب الله".

إسقاط النظام ممكن... ولكن؟

يريد نتنياهو بلوغ هدف تغيير النظام الإيراني وليس "تهذيبه"، لأنه على قناعة بأنّه قائم على "العداء" لإسرائيل. المتخصّص في الشؤون الأميركية عقيل عباس يتحدّث من واشنطن لـ"النهار"، فيشدّد على أن إسرائيل تريد إسقاط نظام خامنئي، لكن الولايات المتحدة لا تريد التورط في تغيير أنظمة، وما يستتبعه ذلك من فوضى، بل ما تريده هو تغيير سلوك النظام؛ وذلك بانسجام كبير مع الدول المحيطة بإيران.

"كرة تغيير النظام الإيراني في ملعب خامنئي"، وفق عباس، الذي ينطلق من فكرة رغبة واشنطن في عقد اتفاق نووي مع طهران، وبقاء النظام الحالي، مع تغيير سلوكه، ووقف مشاريعه النووية والصاروخية الباليستية، وتفكيك محوره المسلّح في المنطقة، وبالتالي التحوّل إلى "دولة طبيعية"؛ وهو ما يرفضه نتنياهو. بالتالي، الكرة في ملعب إيران إما لعقد اتفاق مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإما تأزيم الواقع أكثر.

يسعى نتنياهو لإطالة أمد الاشتباك وإضعاف النظام الإيراني إلى أقصى الحدود؛ ولهذا السبب يقول الجيش الإسرائيلي إن الهجوم على إيران لا يزال في مراحله الأولى، ومسار العمليات الإسرائيلية التصاعدي هو تهديد، لأن الهجمات قد تصبح أكثر عنفاً. ويريد رئيس الوزراء الإسرائيلي استمرار المواجهات وإنهاء احتمالات عودة إيران إلى طاولة المفاوضات.

رغبة نتنياهو في إطالة أمد الحرب، واستفزاز إيران، ودفعها للتصلّب بمواقفها أكثر، وعدم التوجّه إلى اتفاق مع ترامب، تنطلق من أن طهران أيقنت حجم الضغط العسكري المفروض عليها، وباتت تنتهج لغة "أكثر عقلانية" وفق عباس، وكانت ستقدّم تنازلات لواشنطن لإتمام الاتفاق قبل الهجمات الإسرائيلية، وقد تقدّم هذه التنازلات اليوم لحماية نظامها، وهو ما لا يريده نتنياهو، حسب ما يرى عباس.

السباق يكمن بين الهجمات الإسرائيلية والموقف الإيراني من الاتفاق النووي، وكلما طالت المواجهات تقدّم سيناريو التصعيد على سيناريو التهدئة والتسوية؛ وعندها، ترتفع أسهم إسقاط النظام الإيراني برأي عباس. ولهذا السبب تتكثّف الجهود الديبلوماسية الإيرانية والعربية أيضاً، لأن الدول العربية المحيطة تخشى من فوضى في إيران، تؤثر عليها إذا سقط النظام.

اغتيال خامنئي

اغتيال خامنئي قد ينتقل من الحديث الإعلامي و"لغة التهديد" إلى الواقع، فيما السؤال ينصبّ على الموعد المحتمل لتنفيذ إسرائيل هذه العملية، التي قد تكون الأكبر والأخطر في تاريخها. وفي هذا السياق، يعتقد عباس بأن التهديد قد يُصبح جدّياً "إذا استمرّت المواجهة لوقت أطول وتوافرت أركان إسقاط النظام الإيراني عند نتنياهو".

الوصول إلى هذه النقطة سيعني استخدام إيران أسلحة لم تستخدم بعد، وتحرُّك الفصائل المسلّحة المقرّبة، حسب سيناريو عباس، الذي يتحدث أيضاً عن إيران ما بعد سقوط النظام المفترض، فيستبعد التقسيم لكون الشعور الوطني "عميق" عند الإيرانيين، ولا نزعات انفصالية، بل يتوقع بأن يكون الإصلاحيّون هم البديل، بالإضافة إلى مستقلّين؛ فإزالة النظام بشكل كامل مثل سوريا أمر مستصعب.

في الإطار نفسه، نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أميركيين قولهما إن ترامب عارض خطة إسرائيلية في الأيام الأخيرة لاغتيال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، وعند سؤال نتنياهو عن تقرير رويترز، قال: "هناك العديد من التقارير الكاذبة عن أحاديث لم تحدث قط، ولن أخوض في هذا الأمر".

في المحصلة، فإن السباق بين المساعي العسكرية الإسرائيلية والمحاولات الأميركية للتهدئة مستمر، خصوصاً أن ترامب قال إن الحرب "يجب أن تنتهي"، فيما نتنياهو يريد معركة طويلة تضعف النظام الإيراني، ولا يستبعد اغتيال خامنئي، فإما يسقطه أو يحوّله إلى نظام "مخلوع الأنياب".