هل تقر الحكومة تفرغ متعاقدي اللبنانية؟

كتب ابراهيم حيدر في النهار: 

بقيت ملفات الجامعة اللبنانية معلّقة في الحكومة بفعل الخلافات بين القوى السياسية والطائفية حول الحصص في تعيين العمداء، وجرى ترحيلها في كل اجتماع لمجلس الوزراء لصوغ اتفاق لم يحصل على الأسماء، وربطت الملفات الاخرى به. لم تناقش قضايا الجامعة كمؤسسة تعليم عال لها وظيفة أكاديمية ينبغي توفير مقومات استمرارها وصمودها وتأمين حاجاتها لتعليم 86 ألف طالب وطالبة في كلياتها المختلفة، وكل ما حصل أنه بعد اصرار وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي، تم التوافق مبدئياً على فصل ملف العمداء الخلافي عن سائر الملفات وفي مقدمها التفرغ والمدربين وأساتذة الملاك، وأيضاً موضوع موازنة الجامعة وتأمين اعتمادات طارئة لتتمكن من الاستمرار في مهمتها، من دون الحسم في ما إذا كانت الحكومة ستقر ملف التفرغ مثلاً لتعطي الجامعة حافزاً أو للقول أن هذه المؤسسة تعنيها ولن تتركها لمصيرها.

المفارقة أن الملفات تركت لأخر جلسات مجلس الوزراء بعد انتهاء الانتخابات، لكن لا تظهر مؤشرات تدل على أن التوافق سيمرر بعض ملفاتها، خصوصاً وأن الحكومة لم تقر نقل اعتماد من احتياطي الموازنة للجامعة كي تتمكن من تسديد التزامات مالية للاساتذة والمدربين وتسيير أمورها.

وتعقد الحكومة جلستها الاخيرة هذا الأسبوع قبل أن تتحول إلى تصريف الأعمال ابتداء من 21 الجاري، موعد انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي بعد إجراء الانتخابات، ويفترض أن يطرح موضوع الجامعة اللبنانية وملفاتها على جدول الاعمال وإقرار تفرغ المتعاقدين كما وعد رئيس الجمهورية ميشال عون بأن الجلسة الأخيرة ستبت به. وإذا صدقت النوايا فإن الملف يسلك طريقه نحو الاقرار ما لم يتراجع عون عن طرح قضايا الجامعة في الجلسة. وبالفعل نُقلت أجواء سلبية تعكس إصرار رئيس الجمهورية على العودة إلى المربع الاول، أي حل مشكلة العمداء قبل إقرار أي ملف آخر، فيما نتائج الانتخابات النيابية قد يكون لها تأثير على ملفات الجامعة، وقد ترمى في وجه الحكومة المقبلة أو في الفراغ، اي ترك الجامعة تنازع لانتفاء مبرر وجودها. وفي الواقع لا أحد يستطيع تفسير ترحيل ملفات الجامعة الى ما بعد الانتخابات، إلا إذا كان الامر يخدم الخلفية السياسية لمعطلي وضع هذه المؤسسة ككل ومنعها من أن تتنفس، ووقف النزف الذي يأكل من رصيدها.

الأمر أكثر تعقيداً من مجرد طرح ملف التفرغ في الجامعة، فإذا صحت المعلومات أن رئيس الجمهورية غير متحمس لإقرار التفرغ ولا "المدربين" طالما لم يحسم الاتفاق على تعيين العمداء، وعلى أسمائهم واي كليات والتوزيع الطائفي والمذهبي والحصص المرتبطة بكل فريق، ستدخل الجامعة في أزمة صعبة وشديدة التعقيد ولن تتمكن من متابعة الاعمال الاكاديمية في شكل طبيعي على الرغم من أن أساتذتها قرروا العودة عن الإضراب والتوقف القسري لانجاز الامتحانات وانهاء السنة الجامعية.

المشكلة أيضاً لا تتوقف عند رئيس الجمهورية، بل أيضاً بنظرة كل القوى السياسية وبما تمثله في الحكومة، للجامعة، والعجز المخيف عن التوصل الى توافقات وتسويات تنقذ الجامعة قبل البحث في صيغ جديدة تمكنها من خوض غمار الاصلاح واستعادة دورها وموقعها وصلاحياتها.

الجامعة تحتاج إلى جرعة دعم، وففكفكة العقد وتطبيق القانون كي لا تنكسر وتذهب مكاسبها وتاريخها إلى الجحيم...