المصدر: النهار
الكاتب: علي حمادة
الثلاثاء 8 تموز 2025 08:32:36
لكل من اعتقد أن الموفد الأميركي سيعلق على الرد اللبناني على الورقة الأميركية نقول إن توم برّاك هو ديبلوماسي محترف بخلفية رجل أعمال. فهو لا يعلق على ورقة قال إنه لم يقرأها بتمعّن، ولا يصدر مواقف قبل أن تصل الورقة إلى مرجعيتيه المباشرتين، المبعوث الأميركي الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية ورئيس مجلس الأمن القومي بالإنابة ماركو روبيو. أضف إلى ذلك أن الورقة اللبنانية تقع في ٧ صفحات، وفيها الكثير ممّا يجب أن يدرس بالتفاصيل، على المستوى الأميركي، وأيضاً على المستوى الإسرائيلي.
لكن ما لفتنا في كل ما قاله في لقائه مع الإعلام اللبناني أنه شدد أكثر من مرة على أن موضوع السلاح قرار لبناني داخلي. لكن الموفد الأميركي أكد أن واشنطن تقوم بصياغة خطة للمستقبل بشأن لبنان والتغيير بيد اللبنانيين وأميركا ستكون بجانبهم إن قرّروا السير به! بمعنى أن واشنطن تترك للبنان خيار الانضمام إلى مسار تغييري في المنطقة، على الأرجح هو مسار "سلام" مع إسرائيل. فقد أشار إلى أن المنطقة تتغير بسرعة وكل من يتخلف عن التغيير سيتكبّد خسائر. فهل معنى كلام الموفد الأميركي عن التغيير هو توسيع حلقة الاتفاقات الإبراهيمية؟ ربما لأن برّاك تحدّث بإعجاب عن التحوّل السوري، وبدء مفاوضات بين سوريا وإسرائيل، معرباً عن أمل بأن يحصل الشيء ذاته مع لبنان. ولا شك في أن قوله بأن الفرصة سانحة للسلام بين لبنان وإسرائيل من خلال إنهاء النزاع مع إسرائيل يعني أن واشنطن تنظر إلى الواقع اللبناني من زاوية أنها تريد الدفع بقطار "السلام" مع إسرائيل، تاركة للدولة اللبنانية مسؤولية معالجة سلاح "حزب الله" على أن تكون معالجة "مسؤولة". ولعل أهمية حديثه عن الإصلاحات تعود إلى أنه ربطها بالأمن و الاستقرار. بكلام آخر، قال لا استثمارات ولا مال وإصلاحات مالية وغيرها من دون استقرار. فهل كان يعني استقراراً مع سلاح الحزب كما هو أو كما يتصور قادة الحزب؟ بالطبع لا.
من هنا لا بد من انتظار أن يدرس الجانبان الأميركي والإسرائيلي الرد اللبناني. والبحث في ما بينهما عن رد مرتبط بتهرّب الدولة اللبنانية من مسؤولياتها في ما يتعلق بـ"سلاح حزب الله" خلف نهر الليطاني في كافة أرجاء لبنان. ولمن يعتقد أن من الممكن اللعب على عامل الوقت لتمييع القضية دولياً وإقليمياً نقول إنه واهم ومشتبه. فلا التحاق للبنان بركب المنطقة ما لم تتم معالجة السلاح في كل لبنان. أي ألّا يبقى في لبنان أي سلاح من خارج الشرعية اللبنانية. ولذلك من المهم أن نترقب رد الفعل على الورقة اللبنانية، التي كانت أقرب إلى مناورة لفظية هدفها إرضاء الأضداد. وعليه لا نستبعد مفاجآت في المدى المنظور، لا سيما أن واشنطن تنظر إلى الأزمة هنا بمنظار "السلام والتطبيع". والعنصران يفترضان منطقياً إزاحة القوى المعرقلة مثل "حزب الله".