هل ينأى لبنان عن المنطقة المالية الرمادية؟

في ظل تكاثر الحديث عن احتمال وضع لبنان في المنطقة الرمادية أعلن الوزير السابق رائد خوري إثر زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية أن النية ما زالت موجودة لدى الأميركيين، خصوصا وزارة الخزانة الأميركية لمساعدة لبنان على عدم وضعه على اللائحة المالية الرمادية وذلك للحفاظ على العلاقة القائمة بين المصارف اللبنانية والمصارف المراسلة الأميركية والخوف من أن تقوم المصارف المراسلة باقفال حسابات المصارف اللبنانية.

وهنا نسأل ما الذي يجب أن تقوم به الدولة اللبنانية لمنع وضع لبنان على اللائحة الرمادية  وما هي تداعيات هذا الأمر على لبنان والوضع الاقتصادي والنقدي وسعر الصرف؟.

في هذا الإطار كشف الخبير الاقتصادي الدكتور جو سروع في حديث للديار بأن هناك احتمالا بعدم وضع لبنان على اللائحة الرمادية وذلك لإعطائه فرصة، وكذلك لاعطاء الفرصة لحاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري الذي يبدو انه يمشي على الطريق الصحيح.

ورأى سروع أن المشكلة الأساسية في لبنان هي وجود سوق نقدي موازي، ووجود متعاملين اقتصاديين في البلد وُضعت عليهم عقوبات بتهمة تبييض الأموال ،إضافةً الى أن حجم الإقتصاد النقدي أصبح أكبر بكثير مشيراً ،الى أنه في ظل غياب نظام مالي أساسي وغياب إستقرار في كافة النواحي سيما السياسية والاقتصادية وعدم وجود رئيس للجمهورية وحكومة فاعلة ،سنبقى معرضين لوضع لبنان على اللائحة الرمادية .

وتحدث سروع عن وجود قوانين لها علاقة بمكافحة تبييض الأموال وبتبادل المعلومات كما لدينا لجنة تحقيق للتأكد من امتثال المصارف مشيراً ان هناك حالات من تبييض الأموال أعلنت عنها لجنة التحقيق وهي ليست قليلة .

ووفق سروع لأن حجم الاقتصاد النقدي يكبر هناك احتمال أن تحصل عمليات لتبييض الأموال خارج القطاع المصرفي، لافتاً الى أن هناك فوضى في البلد في غياب أي ضوابط وهذه الأمور تشكل خطراً لوضع لبنان على اللائحة الرمادية.

ورداً على سؤال ما الذي يجب أن تقوم به الدولة اللبنانية لتجنب وضع لبنان على اللائحة الرمادية؟ قال سروع: الدولة يجب أن تصبح دولة لها سيادة ولديها القدرة لبسط سلطتها على كل أراضيها وأن تقفل المعابر وتمنع التهريب.

واذ استبعد سروع ان تتوقف العلاقة بين المصارف اللبنانية والمصارف المراسلة نتيجة العلاقة التاريخية بينها، رأى أنه في حال توقفت سيكون الأكثر تأثراً التجارة الخارجية بشقيها الإستيراد والتصدير وهي تُعد العصب الأساسي للإقتصاد اللبناني الذي هو بحاجة الى نمو بنسبة تفوق ال ١٠٪.

وأكد على أن الخطر الكبير هو الإقتصاد النقدي وحجمه الذي يكبر يوماً بعد يوم (11 مليار دولار).

واستبعد ان تتوقف كل المصارف المراسلة عن التعامل مع لبنان اذ ان هناك بعض المصارف المراسلة لها علاقة وخبرة منذ سنوات طويلة مع المصارف اللبنانية.

واشار الى انه في حال توقّفت المصارف المراسلة عن التعامل مع لبنان، فهذا يعني توقف التحاويل الى الخارج والى الداخل ولكن ليس كلياً بل سيتم وضع ضوابط على هذا النوع من التحاويل كالتدقيق فيها.

ووفق سروع الدولة اللبنانية دولة غير منتجة وغير جدية وغير عادلة ومؤسساتها غير منتجة، والمنظومة السياسية لا تهتم الا لمصالحها ،معتبراً أن المشكلة في عدم وجود الثقة التي يجب أن تأتي من الدولة التي قررت عدم دفع ديونها و عدم تطبيق الاصلاحات.

ورأى أن الاقتصاد النقدي كبير جداً وأكبر بكثير مما يظنه البعض و خروج البلد من البؤرة التي وضعوه فيها صعب جداً ،في ظل تجذر عدم الإنتاج وعدم التعافي والتضخم وعدم الاصلاحات ،والخروج من هذه البؤرة يحتاج لعمل مختلف جداً وتخطيط مختلف مع منظومة مختلفة.

وأشار سروع إلى أن الذي يغذي السوق النقدي في البلد هو غياب وسائل الدفع الأخرى كالشيك المصرفي وبطاقات الإعتماد التي كان لها حيز لا بأس به في السوق، معتبراً أن هذه الوسائل لديها مصداقية وديمومة وليست استنسابية، مشدداً على ضرورة إعادة الفعالية لوسائل الدفع الأخرى التي لم تعد موجودة.