هل ينتقل كورونا عبر المكيّفات الهوائية؟

من يذكر أن فيروس "كورونا" لا يزال يصول ويجول في الأرض، وأنه يُمكنه أن يقتل ثلث البشريّة، كما أشار الى ذلك البعض في بداية تفشّيه؟ ومن يسمع بهذا الفيروس في الوقت الرّاهن بمعزل عمّا تخرج به التقارير التي تُفصِح عن عدد الإصابات اليومية، سواء على مستوى لبنان ككلّ، أو على صعيد مناطقي؟

ولكن معطيات جديدة، مقلقة ومخيفة صدرت أمس، إذ ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن أدلّة تفيد بأن فيروس "كورونا" في الجسيمات الأصغر في الهواء يُمكنه أن يُصيب البشر، وأن عدداً من العلماء يدعون "منظّمة الصحة العالمية" الى مراجعة إرشاداتها.

وذكرت ("نيويورك تايمز") أن 239 عالماً من 32 دولة قدّموا في خطاب مفتوح للمنظّمة، أدلّة تُظهِر أن الجسيمات الصّغيرة من الفيروس قادرة على إصابة الإنسان، وهم يعتزمون نشره في دورية علمية الأسبوع القادم.

ومهما كان جواب "منظّمة الصحة العالمية" في وقت لاحق، إلا أنه لا بدّ من الإضاءة على تلك المعطيات، لأن انتقال الفيروس في الهواء إذا ثبت، يفتح الأبواب للكثير من التعقيدات، ويطرح مخاوف ترتبط أيضاً بمكيّفات الهواء التي يتوسّع استعمالها خلال أشهر الصيف الحارّة.

مجهول

أوضح طبيب الأمراض المُعدية والجرثومية في مستشفى "أوتيل ديو دو فرانس" الدكتور ايلي حداد، أن "فيروس "كورونا" لا يزال جديداً، لا يتجاوز عمره السّبعة أشهر تقريباً، وتُنشَر مئات المقالات الجديدة عنه يومياً، وهو مجهول بنسبة كبيرة".

وشدّد في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" على أنه "لا يُمكن الاستناد الى كلّ ما يصدر بشأنه في شكل كامل، إذ إن ليس كلّ ما يتمّ تداوله يكون دقيقاً بالضّرورة، وذلك حتى ولو نُشِرَ في مطبوعات أو على منصّات تتمتّع بمصداقيّة عالميّة، بنسبة كبيرة. فلو أن انتقال الفيروس في الهواء يشكّل فرضيّة مثبتة وكاملة، لكان الفيروس أصاب كلّ الناس، ولكانت الأمور تبقى سيئة سواء تمّ ارتداء الكمّامات أو لا، وحتى ولو اتُّخِذَت أساليب الوقاية كافّة".

المكيّفات الهوائية؟

وقال حداد:"ما يصدر حالياً عن إمكانية انتقال الفيروس في الهواء يعيدنا بالذّاكرة الى فترة التداوُل بأسماء عدد من العلاجات، واعتبارها الدّواء الشّافي للفيروس. ولكن رغم كلام طبي كثير في هذا الإطار، لاحظنا كيف تراجع الحديث عنها في وقت لاحق، وهو ما يُثبت أن لا شيء مؤكداً بَعْد في هذا الإطار، بنسبة 100 في المئة".

وشرح:"ما يحصل في الوقت الرّاهن هو أن مجموعات من الأطباء يتواصلون مع بعضهم، ويتبادلون خبراتهم حول الفيروس. ولكن لا وجود لأي "بروتوكول" واحد، يؤكّد أن هذه المعلومة صحيحة، أو تلك، لا في ما يتعلّق بمسألة انتقال "كوفيد - 19" في الهواء، ولا حتى عبر المكيّفات. فالأمور كلّها لا تزال قيد الدّرس. ولو أن المخاطر مُثبتَة، حول انتقال الفيروس في الهواء أو من خلال المكيّفات، لكان سكّان كلّ البلدان الحارة التي لا يُمكن العيش فيها بلا مكيّفات، أصيبوا بالفيروس، وبنسبة هائلة".

مضبوطة

وعن آخر المعطيات الوبائية في لبنان والعالم، أكد حداد أن "كلّ شيء يتوقّف على وعي النّاس، وعلى عدم توقّفهم عن الوقاية. ورغم الإصابات التي تُسجَّل، إلا أن الوباء لا يزال مضبوطاً في لبنان، أكثر من دول كثيرة أخرى، وهو (لبنان) من بين البلدان التي تمكّنت من السيطرة عليه".

وختم:"العبرة تكمُن بالثّبات في توعية الناس، وبعَدَم الإهمال، وذلك رغم أن قوّة الفيروس تخفّ تدريجياً، كما يبدو، بموازاة انخفاض مستوى التعقيدات والصّعوبات التي كنّا نواجهها خلال الفترة الأولى من انتشار "كوفيد - 19" في لبنان".