"هيئة القضايا" مستاءة من إنهاء استجواب سلامة: أجوبته ضبابية

لا جديد في ملف التحقيق اللبناني مع حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة. فقاضي التحقيق الأول، شربل أبو سمرا، وصل إلى خلاصة تستدعي الوقوف عندها، ومفادها أن الإجابات التي قدمها الحاكم خلال جلسات استجوابه، على مدار جلستين فقط، كانت كافية لإنهاء استجوابه. هذه الخلاصة التي أثارت حفيظة هيئة القضايا في وزارة العدل، دفعها لتقديم "طلب رسمي" أمامه، صباح اليوم الإثنين 24 تموز، اعترضت فيه على قراره، مشددةً على ضرورة إعادة استجوابه مرات عدة للحصول على معلومات إضافية.

دولياً، بات مصير رياض سلامة معروفاً حتى اللحظة. بنظر القضاء الأوروبي، حاكم المصرف المركزي "فار من وجه العدالة"، بعد تغيبه عن جلسة استجوابه الفرنسية، ما أدى إلى صدور مذكرة توقيف دولية بحقه. لكن، داخل القضاء اللبناني، الأمور تختلف.

أسئلة محدودة وإجابات ضبابية
هنا، الرجل "بريء"، وتعمل الجهات السياسية والقضائية على "تلميع" صورته أمام الرأي العام، راجين تمديد ولايته مرة أخرى.

في الحقيقة، "المحاباة" في تعاطي القاضي أبو سمرا مع الحاكم باتت مكشوفة أمام القضاء الأوروبي، والرأي العام اللبناني. وليس مستغرباً عودة الحاكم إلى منزله نهاية تموز الجاري بحماية أمنية مشددة، من دون أن نشهد في ملفه القضائي اللبناني أي تطور لافت.

ففي الثامن عشر من تموز، ربما تمكن سلامة من اقناع أبو سمرا بإفادته، فاعتبر أقواله كافية ليعلن عن انتهاء جلسات استجوابه، في حين أن الأمر كان مختلفاً. ووفقاً لمعلومات "المدن"، فإن الأسئلة التي طرحت على سلامة كانت محدودة، وغير كافية، نظراً لأهمية هذا الملف وحساسيته.

في المقابل، ووفقاً لمصدر قضائي رفيع، قدم سلامة إجابات غير واضحة وضبابية، مؤكداً أن أمواله هي أموال خاصة آتية من المصارف، ولا علاقة للدولة اللبنانية أو للمصرف المركزي بهذه الأموال نهائياً. ما يعني أنه متمسك بنظريته السابقة التي تسلح بها، مدعياً أن الأموال التي صادرتها الدولة الفرنسية هي أمواله الخاصة، وليست من نصيب الدولة اللبنانية.

من جهة أخرى، علمت "المدن" أن الأسئلة التي تقدمت بها هيئة القضايا في وزارة العدل، والتي رفضها القاضي أبو سمرا، معتبراً أنها أسئلة مكررة ومن دون أي جدوى، لم تكن كذلك -وفقاً لما أشارت إليه المصادر المتابعة لهذا الملف- إنما كانت عبارة عن أسئلة واضحة متعلقة بمجرى القضية بشكل مباشر، وهي ضرورية لمعرفة جميع التفاصيل في هذا الملف.

مطالبة رسمية
لذلك، اعتراضاً على مسار أبو سمرا القضائي في ملف الحاكم، تقدمت هيئة القضايا في وزارة العدل بطلب رسمي للمطالبة باستجواب الحاكم مرة جديدة، ابتداءً من يوم غد، أي في الجلسة التي حددها أبو سمرا لاستجواب كل من رجا سلامة، شقيق الحاكم، والمساعدة المصرفية ماريان الحويك.

وهنا يجب أن نلفت إلى أن موعد الجلسة المقبلة لم يتغير بعد، حيث من المتوقع أن يتم استجواب سلامة والحويك يوم غد الثلاثاء، 25 تموز، من دون استدعاء الحاكم.

يصح القول أن شخصية القاضية الفرنسية، أود بوروسي، قد تكون مشابهة إلى حد كبير بشخصية أبو سمرا، من ناحية واحدة فقط، فهي قاضية امتلكت من الجرأة ما يكفي لتصدر مذكرة توقيف دولية بحق حاكم مصرف لبنان، لحظة إدراكها ألاعيب الحاكم، فصادرت أملاكه، وأصرت على متابعة ملفه حتى تثبيت التهم عليه. أيضاً، أبو سمرا يملك من الجرأة ما يكفي ليردد بأنه ليس مقتنعاً بقرار توقيف سلامة، وليس مقتنعاً بقرار تركه "حراً طليقاً" في الوقت عينه. لكن، فارقاً وحيداً بينهما، بوروسي تريد ملاحقة سلامة وإدانته، بينما يتحاشى أبو سمرا هذه الخطوة "خوفاً على مصير الليرة المنهارة".