المصدر: نداء الوطن
الكاتب: طارق أبو زينب
الجمعة 20 حزيران 2025 07:44:47
كشفت المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل جانباً ظلّ لسنوات مغيبًا في المشهد اللبناني: الحضور العسكري الإيراني المباشر. فمنذ اندلاع الاشتباكات بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي عقب السابع من أكتوبر، تبرز معلومات عن سقوط مستشارين إيرانيين في غارات إسرائيلية دقيقة استهدفت مواقع تابعة لـ "حزب الله" في الجنوب والضاحية الجنوبية، ما أزاح الستار عن دور ميداني لقيادات إيرانية تعمل عن قرب مع الكوادر العسكرية لـ"الحزب" في علاقة سرية.
هذا الحضور لم يكن طارئًا أو هامشيًا، بل ثمرة تحالف استراتيجي طويل الأمد جعل لبنان قاعدة متقدمة للحرس الثوري الإيراني. بعيدًا عن الشعارات السياسية، يتمركز القادة والمستشارون الإيرانيون في مواقع حساسة ضمن هيكلية "حزب الله"، حيث يشرفون على أدق تفاصيل التحضيرات العسكرية ويتدخلون في صناعة القرار الميداني.
خلال حرب تموز 2006، حضر قاسم سليماني شخصيًا من طهران إلى دمشق ثم إلى لبنان، ليلعب دورًا محوريًا في إدارة المعركة. أما في الحرب الأخيرة، فقد تجاوز التنسيق بين "حزب الله" وطهران الطابع العسكري التقليدي، كاشفًا عن تأثير إيراني مباشر بات يطال القرار السياسي داخل "الحزب" نفسه. هذا التشابك العميق بين الجانبين لم يعد مجرد تحالف، بل أصبح ارتباطًا عضويًا مرشحًا للتوسع مع تصاعد المواجهة المفتوحة بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى.
الواقع الميداني ينفي الإنكار
مصادر لبنانية مطلعة أكدت لـ"نداء الوطن" أن نفي "حزب الله" المتكرر لوجود قواعد إيرانية ثابتة على الأراضي اللبنانية يتناقض مع الوقائع الميدانية. فالغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع "الحزب" خلال حرب الإسناد لم تقتصر على عناصره فقط، بل طالَت أيضًا ضباطًا ومستشارين إيرانيين، ما يعكس مستوى متقدمًا من التنسيق العملياتي.
تصف المصادر التعاون بين "حزب الله" والحرس الثوري بأنه تطور من الدعم الفني إلى شراكة ميدانية كاملة تتجلى في إدارة المواجهات واتخاذ القرارات الحاسمة. وفي ظل المطالب الدولية المتزايدة لتطبيق القرار 1701 ونزع سلاح الميليشيات، برز تصريح نائب رئيس المجلس السياسي في "الحزب"، محمود قماطي، الذي أكد استعداد "الحزب" لـ"العودة إلى القتال ضد العدو الإسرائيلي إذا فقد الأمل بقدرة الدولة اللبنانية على الوفاء بالتزاماتها"، ما يعكس استمرار اعتماد "الحزب" على معادلة مستقلة عن مؤسسات الدولة.
لبنان بين خيار المواجهة والنأي بالنفس
لعب المستشارون الإيرانيون دورًا محوريًا في تعزيز ترسانة "حزب الله" وتهيئته لمواجهة محتملة ضمن استراتيجية إيرانية أوسع تُخاض في المنطقة. في ظل هذا الواقع، يطرح السؤال: هل سيقدم "حزب الله" على نقل المعركة إلى لبنان، جاعلًا البلاد ساحة مركزية في الصراع الإقليمي بين إيران وإسرائيل، في وقت يتصاعد فيه الضغط الدولي لتطبيق القرار 1701 الذي ينص على حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية؟