المقايضة الخفية.. هل تستخدم طهران "سلاح حزب الله" لانتزاع صفقة من ترامب؟

أكد خبراء في شؤون الشرق الأوسط، أن ما جري في المشهد الذي جمع مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي وممثل حزب الله في طهران، عبد الله صفي الدين، وتأكيد الأخير على أن تنظيمه لن يسلم ترسانته العسكرية، عبارة عن لعبة "شد حبال" جديدة بحثا من طهران للتفاوض مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول "سلاح حزب الله" والجلوس على الطاولة.

وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذه الجلسة تقدم طرح مقايضة إيرانية مع الولايات المتحدة على سلاح الميليشيا اللبنانية، في ظل مواجهة داخلية في طهران بين المحافظين والإصلاحيين، في وقت يرى فيه الفريق الأخير، ضرورة فتح مسار سريع للتفاوض مع واشنطن، بغرض تخفيف الضغط الأمريكي الكبير. 

وكان قد التقى مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي مع ممثل حزب الله في طهران، عبد الله صفي الدين، حيث قدم الأخير تقريرا مفصلًا عن الوضع في لبنان وحزب الله ، مؤكدا أن الميليشيا أصبحت اليوم أقوى من أي وقت مضى، ولن تتخلى عن سلاحها تحت أي ظرف. 

من جانبه، أكد ولايتي على المكانة الاستراتيجية لحزب الله، مشيرًا إلى أن التنظيم يشكل أحد أهم أعمدة ما يدعى أنه "جبهة المقاومة"، ويلعب دورا أساسيا في مواجهة إسرائيل، مؤكدا أن طهران ستواصل دعمه على ما اسماه  "خط المواجهة الأمامي" تحت قيادة وتوجيهات المرشد الإيراني علي خامنئي.

ويقول المحلل السياسي اللبناني، عباس حسن، إن هذه التصريحات التي تأتي على لسان مسؤول في حزب الله، ليست الأولى وبالتالي هذا الحديث يمثل نوع من إضفاء الشرعية على خطاب الأمين العام للتنظيم، نعيم قاسم، الذي قال كلام أكبر من ذلك واستخدم عبارة "أنه لو انطبقت السماء على الأرض لن يسلم الحزب سلاحه".

وأضاف حسن لـ"إرم نيوز"، أن ما جرى في هذا المشهد عبارة عن لعبة "شد حبال" جديدة بحثا من طهران للتفاوض مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  حول الملف الشائك "سلاح حزب الله" والجلوس على الطاولة.

وأشار حسن إلى أن التصريحات تقدم تأكيد بأن طهران مازال لها يد في هذا الملف، وهو استدراج عروض من الجانب الإيراني، بالقول إنه لا يزال لاعبا في هذا المشهد وإذا أردتم تجريد حزب الله من السلاح، فعليكم التحدث معي، وذلك على عكس ما جاء من تصريحات إيرانية سابقة، بأن من يريد شيء بخصوص السلاح، فليذهب إلى حزب الله ويطلب منه، لأن طهران لا تتدخل وهو ما يوضح التلاعب  واستخدام مشهد "التقية السياسية". 

واستكمل بالقول إن عقلية حزب الله إيرانية وبني على مبدأ "ولاية الفقيه" والتمويل وكل الأصول والسلاح من طهران وموضوعه مع فصيل لبناني، وهو ما يعتبر تلاعب بحالة السلم للدولة اللبنانية في وقت يريد التنظيم الحصول على تطمينات للقيام بخطوة إيجابية فيما يتعلق بسلاحه أمام ما تقوم به في الوقت ذاته حكومة يمينية بإسرائيل ، تخترق الأجواء اللبنانية ليل نهار.

بدوره، يرى الباحث في الشأن الإيراني، فرهاد عمر، أن ما خرج من صفي الدين، تصريحات إعلامية لتحفيز البيئة الحاضنة في ظل وقوع حزب الله بين المطرقة والسندان بالقصف الإسرائيلي والمطالبة بنزع السلاح حتى لا يدمر لبنان بحرب جديدة، في وقت توجه فيه تل أبيب أهم فاصل من الضربات لقوة الرضوان والمسؤولين عن التسليح ومستودعات ومقرات بالجنوب.

وبين عمر لـ"إرم نيوز"، أن التصريحات التي جاءت في هذا اللقاء، تحمل أكثر من بعد، في صدارتها طرح المقايضة مع الولايات المتحدة على سلاح الميليشيا اللبنانية من جانب طهران، في ظل مواجهة داخلية في إيران بين المحافظين والإصلاحيين، في وقت يرى فيه الفريق الأخير، ضرورة فتح مسار سريع للتفاوض مع واشنطن، بغرض تخفيف الضغط الأمريكي الكبير.

وأردف الباحث في الشأن الإيراني، أن التعامل الآن في طهران في هذا الملف يأتي ضمن صراع داخلي أمام رؤية ترامب بأن الشرق الأوسط يجب ان يكون خاليا من الميليشيات التي تعمل لصالح طهران، وسط رغبة من الإصلاحيين بضرورة عدم تعرض إيران، لضربة عسكرية جديدة على شاكلة حرب الـ12 يوم، في وقت قال فيه وزير الدفاع الإسرائيلي مؤخرا، إن الحرب لم تنته وأن هناك استطاعة بمهاجمة هذا المحور.

وتابع عمر أن هذه التصريحات من صفي الدين، لا تثمن ولا تغني من جوع، ولن تنجد حزب الله من الحرب الإسرائيلية القاصمة، في وقت لا يوجد فيه طريق للميليشيا اللبنانية سوى أن تتعاون مع الدولة اللبنانية وتسلم سلاحها وكسب نقاط داخل بيئتها، لتكون حاضرة سياسيا في المستقبل القريب بدلا من فقدان كل شيء، لاسيما أن الضربات قائمة ومستمرة في ظل انقطاع الدعم اللوجيستي الذي كان يمر من سوريا.