المصدر: جريدة الحرة
الكاتب: شليطا بو طانيوس
الجمعة 18 تموز 2025 08:49:05
كتب د. شليطا بو طانيوس رئيس المجلس التربوي في حزب الكتائب اللبنانية:
قدّم حزب الكتائب عبر تاريخه الطويل رجالًا أفذاذًا ملكوا المنابر وقلوب الكتائبيّين، لن ندخل بتسميتهم لأنّ أعدادهم تفوق أحجام الورق، ولكن قلّة منهم ملكت قلوب جميع اللبنانيين، المسلمين قبل المسيحيين، الخصوم قبل الأقربين…
حين يعتلي منبر مجلس النواب، يسود الصمت. الكل يُصغي. كلام موزون، جديّة أخّاذة، صدق ووضوح. يتكلّم بجرأة وبدقّة، يفنّد المواضيع بثقة وموضوعية. لا يُراوغ، لا يُجامل، لا يساوم.
يمدّ اليد حيث يجب، لكنه لا يُفرّط بالمبادئ. صوته صوت كلّ لبناني حرّ، يحمل أوجاع الناس وآمال الوطن. هو النائب صاحب الكلمة الصادقة، وهو الابن الوفيّ لعائلة سياسية عريقة، صنعت مجدًا وقدّمت شهداء.
هو رئيس حزب الكتائب اللبنانيّة النائب سامي الجميّل.
فخر كل لبناني حرّ، ورمز للسياسة النظيفة في زمن “الحربقة” السياسيّة. سامي الجميل يجرؤ حيث لم ولا ولن يجرؤ الآخرون.
بعد الحرب الأخيرة بين “حزب الله” وإسرائيل، وبعد السقوط المدوي لما سُمّي يومًا “محور المقاومة”، وقف سامي الجميّل على منبر مجلس النواب وقالها بصراحة ووضوح: “نحن نمدّ اليد لبناء لبنان جديد… لبنان التعدّد والديمقراطية، لبنان الدولة، لا الدويلات… على مبدأ حصر السلاح بيد الشرعية وحدها، وقيام دولة مجيدة تحتضن أبناءها جميعًا”.
في لحظة الانهيارات والانكسارات عند بعض اللبنانيين، كان سامي الجميّل جريئًا، واضحًا، صادقًا. مدّ يده وقال: “لكل فئة من لبنان التعددي قصتها… للدروز كمال جنبلاط، وللمسيحيين بشير الجميّل، وللسُنّة رفيق الحريري، واليوم للشيعة السيّد حسن نصر الله”.
ثم أضاف: “لكن حان الوقت لنكتب قصة واحدة، قصّة تجمع كلّ القصص، قصة اسمها لبنان… لبنان الذي يحلم به جميع اللبنانيين، لبنان الدولة الواحدة، الحقيقية، السيّدة، الحرّة المستقلّة”.
خضّ خطابه لبنان من الشمال إلى الجنوب إلى البقاع، وهلّل له اليسار قبل اليمين، وصفّق الجميع… ولكن!
بقي السلاح غير الشرعي… واليد الممدودة أرادوا قطعها كما أرادوا “نزع الأرواح بدل نزع السلاح…”
يوم الثلاثاء الفائت، وبعد ما يناهز خمسة أشهر على وقفته الأخيرة، عاد سامي الجميّل ووقف مجددًا أمام مجلس النواب. لكن هذه المرة، كان أكثر صرامة، أكثر وجعًا، يتكلّم بلوعة المحروق على لبنان، يُنصف الحكومة لعملها الجيّد ويصحح اعوجاجها حيث يجب.
وحين يتراجع البعض، لا يتحجّج (ما خلّونا) ولا يتراجع (ما فرجونا).
وحين يتوتّر الآخرون، تراه كالرمح، ثابتًا، شامخًا (ما تتوتّر: قالها متوجّها لنائب حزب الله الذي حاول مقاطعته).
يحافظ على هدوئه، وعلى حدّة كلمته، التي يأخذ بها ما يريد (نبيه برّي: أنا مع نزع السّلاح).
لا تزعزعه العواصف، ولا تُربكه الفوضى.
في وقت الانفعال، يبقى هو العقل.
وفي لحظة الخوف، تكون كلمته هي الدّعامة وقوّة الصمود.
ثمّ توجّه إلى نواب حزب الله الحاضرين بصراحة لا لبس فيها وقال: “مددنا اليد يومًا، لا خوفًا منكم، بل خوفًا عليكم، على لبنان، وعلينا جميعًا… تحمّلوا المسؤوليّة! وحوّلوا هذه الأزمة إلى فرصة نبني من خلالها لبنان الجديد”.
وختم مداخلته قائلًا ومحذّرًا: “نحن على مركب واحد”.
ما أعمق هذه العبارة وما أبلغها. المركب لا يحتمل أكثر من قائد، ولا أكثر من دفّة. فلنسلّم جميعًا قيادة هذا المركب للدولة اللبنانيّة ومؤسساتها الشرعيّة.
فلننقذ هذا المركب السائر وسط الأمواج العاتية من الغرق، لأننا معًا، لا متفرّقين، نبني لبنان الجديد الذي نحلم به جميعًا.
لا يحقّ لطرف واحد أن يقرّر عن الجميع، ولا أن يأخذ المركب إلى حيث يشاء، خصوصًا إذا كان المسار يقود إلى الهلاك، ويُبعدنا عن برّ الأمان.
نعم، سامي الجميّل… كنت، وستبقى، تمثّل كل لبناني حرّ، كل لبناني يرى في لبنان وطنًا لا مزرعة، دولة لا ساحة نفوذ.
كلماتك طلقٌ يصيب القلب والعقل، واستحسانك عابر للطوائف والمناطق، أينما وُجد اللبنانيون، يقولونها بفخر: “سامي الجميّل يمثّلنا”.
ونحن نقولها اليوم، وبالفم الملآن: أنت تمثّل كل من يحلم بقيامة لبنان، تمثّل أمل الشباب، وتمثّل ذاكرة النضال النظيف. من أيّام المقاومة الطلابيّة حتّى اليوم: “أنت أنت… ولم تتزعزع”.
وليس ذلك بغريب عنك.
فأنت حفيد بيار الجميّل، الصخرة،
وابن أخ بشير الجميّل، الرئيس الشهيد القوي،
ونجل الرئيس أمين الجميّل، “العنيد” والصلب وسط العواصف،
وشقيق البطل الشهيد بيار أمين الجميّل.
لبنان اليوم بحاجة إلى سامي الجميّل، بحاجة إلى من يؤمن ويُقاوم بالكلمة، وينطق بالحق…
لبنان لن يقوم إلا على أكتاف رجال صادقين، رجال يحملون وجع الناس، ويحلمون حلم الدولة، رجال يجرؤون… حيث لم ولا ولن يجرؤ الآخرون.
أنت، سامي الجميّل، أمل لبنان الجديد!
لبنان الذي نحلم به… ونريد.