ضريبة الفراغ: لا مونديال على الشاشة الوطنية... وتنسيق سعودي فرنسي من زاوية الحاجة إلى إنهاء الشغور

اختبر اللبنانيون مرة جديدة، غصة عدم التمكن، عبر شاشة تلفزيون لبنان، من مشاهدة وقائع افتتاح المونديال العالمي في قطر، والمباراة التي جرت بعد الافتتاح، بعدما كادت الأزمة السياسية، تطيح بكل مقومات بلد نال استقلاله قبل 79  عاماً، وهو يحتفل بهذه المناسبة غداً، بلا رئيس للجمهورية، ولا حكومة كاملة الصلاحيات، ولا انتظام عام، في عمل المؤسسات مع إعلان رابطة موظفي الادارة العامة مذكرة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، والاصرار على الحضور لمدة يومين الى مراكز اعمالهم، في ظل فوضى عارمة تطال اسعار المحروقات وسعر صرف الدولار في السوق السوداء، والذي اقترب من تجاوز سعر الاربعين الفاً، مع المخاوف المتزايدة من فوضى عارمة في الاسعار والرسوم بعد دخول الدولار الجمركي حيّز التنفيذ بدءاً من الشهر المقبل، في ظل مضاعفة النفقات العامة بأضعاف تفوق ما هو مرسوم لها في موازنة العام 2022.

فقد استبق فريق التيار الوطني الحر بالرفض مجرّد التفكير  بعقد جلسة لمجلس الوزراء تعقدها حكومة تصريف الاعمال بهدف الموافقة الرسمية على العقد الموقع مع قطر ليتمكن تلفزيون لبنان، كالعادة، كل مرة، من نقل مباريات المونديال العالمي بعد التوصل الى اتفاق، وافقت قطر على توقيعه مع لبنان، بشرط دفع المبلغ المتوجب، وقدره بين اربعة او خمسة ملايين دولار، شرط ان يقره مجلس الوزراء، ليأخذ طريقه الى التنفيذ..

ووصفت الاوسط العونية هذا التوجه الرسمي لعقد جلسة لمجلس الوزراء بأنه «يشكل ضرباً للدستور والميثاق ويعبّر عن استفزاز وتحد».

ويحضر أمام اللجان النيابية قانون الكابيتال كونترول، وسط مخاوف من استمرار المماطلة واضاعة الوقت، في ظل استمرار الخلافات النيابية المعروفة حوله، فيما اشارت مصادر «اللواء» إلى أن نقطتي الخلاف الاساسيتين تكمنان حول الهيئة التي ستشرف على التحويلات وبرئاسة من؟ ومن الهيئة التي ستشرف على السحوبات وقد تغيرت صيغة هذا البند اكثرمن مرة.

 في مجال آخر، استمر الجمود حول الاستحقاق الرئاسي نتيجة الشروط والمطالب والمعايير والمواصفات المختلفة، وأكدت مصادر موثوقة ومتابعة للحراك القائم حول الاستحقاق الرئاسي لـ «اللواء» ان اقتراح رئيس التيار الوطني الحر التوافق مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية على مرشح ثالث غيرهما لم يصل الى باب بنشعي.

 وحزب الله وصل مرحلة العجز عن تحقيق تفاهم بين الرجلين، كما ان الحزب - حسب المصادر الموثوقة – ابدى انزعاجه من تصعيد باسيل بوجه الرئيس نبيه بري وفرنجية، علماً ان باسيل إتفق في اللقاء مع رئيس المجلس على التهدئة السياسية والاعلامية وابلغة بموقفه برفض ترشيح فرنجية والبحث عن مرشح ثالث، فرد بري بالرفض والقول ان فرنجية هو مرشحنا، فكان أن أدلى باسيل بما ادلى به من باريس بحق بري وفرنجية ما ألغى التهدئة المتفق عليها، واضاع فرصة استكمال التشاور والتوافق.

ونفت المصادر المعلومات التي تحدثت عن زيارة مرتقبة لوفد من الحزب الى باسيل قريباً، في محاولة اخيرة لإقناعه بالتوافق على فرنجية او الاستماع الى ما الجديد لديه.

واكدت ان لا لقاء مرتقباً بعد اللقاء الذي جمع السيد حسن نصرالله وباسيل قبل نحو 3 اسابيع، وبالتالي لا خطوة جديدة سيقوم بها الحزب تجاه باسيل، لكن هذا لا يعني فرط «تفاهم مار مخايل» القائم بين التيار والحزب ولا القطيعة بينهما، بإنتظار تهدئة الاجواء التي توترت مؤخراً وظروف افضل للحوار.

  واوضحت المصادر ذاتها، ان كل الحراك القائم خارجياً وداخلياً لم يتوصل الى حل، خاصة بعد دخول لبنان ودول المنطقة في ما يُسمى "هدنة المونديال” والانشغال الدولي به وباحداث كبرى اخرى خلال الشهر الذي يستغرقه «المونديال».

 في غضون ذلك، برز كلام في أوساط سياسية عن فكرة تطالب بعقد حوار روحي - سياسي يُساهم في دفع الاستحقاق الرئاسي نحو مرحلةٍ جديدة.

وأكّدت المصادر أن دور المرجعيات الروحية كبيرٌ جداً في تقريب وجهات النظر والمساهمة في الإتفاقِ على خارطة طريق واضحة بين الأطراف، تساهم في إخراج البلاد من المسار المُظلم.

واعتبرت مصادر سياسية  قريبة من قوى الثامن من اذار، أن رفع منسوب انتقاد باسيل، لحليفه الوحيد حزب الله، على خلفية دعم الاخير لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، لن يؤدي إلى قلب المعادلة لصالح باسيل، ويفسح بالمجال امامه، ليكون مرشحا متقدما على سائر المرشحين لرئاسة الجمهورية.

وقالت: «يعلم باسيل قبل غيره، ان هناك صعوبة بالغة في ترشحه لرئاسة الجمهورية، او دعمه من اي كان، لاعتبارات عديدة، اولها رفض معظم اللبنانيين لهذا الترشح وصعوبة تاييده، كونه يملك رصيدا حافلا بالفشل الذريع بتولي المسؤولية، ونهب الاموال العامة بالكهرباء وغيرها وتدمير قطاع الطاقة بالكامل، وثانياً، عدم القدرة على حشد تاييد المجلس النيابي لانتخابه، لان اكثرية المجلس ترفض هذا الخيار رفضا قاطعا، وثالثاً، العقوبات الاميركية المفروضة عليه بالفساد، ورابعاً استحالة تجاوز العزلة العربية والدولية ضده بالوقت الحاضر.

وفي اعتقاد المصادر المذكورة، فإن رئيس التيار الوطني الحر يعلم بحقيقة هذه الاسباب، ولكنه يطمح على الاقل، من كل ما يقوله، حجز موقع معين له لدى الرئيس المقبل، ويكون له دور في العهد الجديد، لتفادي اي مساءلة او ملاحقة على الارتكابات التي قام بها، هو وفريقه السياسي، ان كان بالكهرباء او السدود المثقوبة وغيرها.

وشددت المصادر ان طرح هذه المواضيع والمسائل منذ الان، لن يقرب ولا يؤدي إلى تسريع الانتخابات الرئاسية، بل الى تعطيل الانتخابات واطالة امد الفراغ الرئاسي، وفتح البلد على تجاوزات ومشاكل غير محسوبة من وقتها وحتى اليوم وقالت: ان الانتقادات التي يوجهها باسيل بكل الاتجاهات، لن تحرجه مع حزب الله، لان الاخير يعرف ما يرمي اليه، وهو يسعى من كل ذلك، لابقاء وضعيته التي كانت قائمة قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون بالحد الادنى، بعد ان فقد امتيازات الرئاسة ومغانمها بعد انتهاء العهد.

وقالت: «ان باسيل هو آخر من يحق له ان يحرتق على حليفه، لانه لم يتبنَ ترشحه للرئاسة، ويعرف ان التوجه بات اقرب لتاييد فرنجية، استنادا الى وعد سابق. ولكن عليه ان يعرف ان الحزب سلفه كما سلف عمه العماد ميشال عون انتخابه للرئاسة الاولى، ودعمه ومنع سقوط في الهجمة الشرسة ضده قبل سنوات، كما دعم باسيل بالانتخابات النيابية الاخيرة في مواجهة خصومه، ليفوز بالكتلة التي يرأسها الان، ولذلك فاذا كان الهدف حرق ترشيح خصمه اللدود فرنجية، فإن  تحقيقه يعود بالضرر على التحالف الذي يضمه مع الحزب، اي على الجميع، ويعود بالفائدة على مرشح توافقي من خارج التحالف.

وقالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان الملف الرئاسي على حاله ولم ينتقل الى مرحلة جدية. 

وأشارت إلى أن الأسماء التي بدأت  تطرح من هنا وهناك  لم تتوفر ظروف دعمها بعد، حتى وان قامت الاتصالات بين المعنيين. 

وأكدت هذه المصادر أن مواقف باسيل الأخيرة لا يمكن وحدها أن تعيد خلط الأوراق، لكنها اتت لتكون بمثابة رسائل واضحة أن لا انتخابات رئاسية من دون التيار الوطني الحر، لافتة إلى أن موضوع تجديد دعوة الرئيس بري إلى الحوار لم  يتضح بعد مع العلم أنه لم يستبعده، وحسب المعلومات الدبلوماسية فإن التنسيق السعودي- الفرنسي قائم علي قدم وساق، من زاوية ضرورة ملء الشغور الرئاسي، وانهاء الفراغ، من زاوية الحاجة الى رئيس اصلاحي.