6800 تلميذ في "مدارس الإستجابة" جنوباً... ماذا عن الأطفال الصامدين في مناطق الإشتباكات؟

لم يسترح القطاع التربوي في لبنان من التحديات الاقتصادية، التي كان يعاني منها طيلة السنوات الثلاث المنصرمة، حتى صُفع العام الدراسي الجديد في المناطق الحدودية بضربة غير متوقعة، جراء الأوضاع الأمنية والاشتباكات العسكرية الدائرة بين المقاومة الإسلامية وجيش العدو الإسرائيلي، منذ بدء عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول الفائت.

لم يمر على انطلاقة العام الدراسي في القطاع الرسمي بضع أيام، حتى اجبر طلاب بلدات الشريط الحدودي على مغادرة منازلهم وقراهم، والنزوح تجاه البلدات الأكثر امانا، حيث تحولت المدارس في مدينة صور الى ملاجئ تضم الفارين من عمليات الاقتتال العنيفة. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة : هل سيُحرم طلاب القرى المحاذية للعدو الإسرائيلي، ومعهم طلاب المدارس التي تحولت الى ملاجئ للنازحين من عامهم الدراسي؟ وما هو مصير هؤلاء فيما لو توسعت رقعة الاشتباكات واشتد القصف المعادي، وانزلق لبنان في حرب شاملة مدمرة؟

المدارس تحوّلت الى مراكز ايواء

وفي الإطار، كان نائب رئيس إدارة الكوارث حسين حمود قد كشف لـ "الديار" ان "اعداد النازحين من المناطق الحدودية نحو مدينة صور الى ازدياد، وتم إيواء الآلاف في 3 مدارس رسمية". تجدر الإشارة، الى ان قصف العدو الإسرائيلي طال المدارس في الجنوب، مثل مدرسة عيتا الشعب وغيرها من المراكز التربوية الخاصة والرسمية".

مدارس الاستجابة لم تحل الازمة!

رئيس "رابطة معلمي التعليم الأساسي" حسين جواد قال لـ "الديار": "لقد نزح عدد كبير من الطلاب عن مناطق الاشتباكات وصمد قلّة، وكانت وزارة التربية احصت ما يزيد عن 5800 تلميذ تركوا المدارس التي أقفلت قصرا"، لافتا الى "ان الوزارة قامت بدورها ولو متأخرة وأنشأت مراكز الاستجابة".

وأوضح "ان الهدف من هذه المراكز هو لاستيعاب الطلاب النازحين، ودعمهم نفسيا وتعليميا وتأمين كافة مستلزمات التعليم، وهذا الجانب سيُغطّى من قبل اليونيسف". أضاف"يعاني الطلاب من ظروف النزوح القاسية وغير المريحة، ويعيش هؤلاء في قلق دائم واضطراب نفسي وتعليمي، والوزارة طلبت من كل تلميذ الانتساب الى المدرسة الأقرب من مكان النزوح".

وأشار الى "وجود ثلّة لم تستطع الالتحاق بمدارس الاستجابة لأسباب نفسية، كما ليس باستطاعة الاهل تأمين وصول أبنائهم الى المدارس او توفير مستلزمات الحياة المدرسية حيث هم موجودون، فالنازح يقطن في منزل أحد اقاربه او معارفه، والمكوث عند الناس فيه نوع من الانكسار".

وتابع "كنا تواصلنا مع الأحزاب والمكاتب التربوية لتكون ضاغطة معنا، من اجل ضمان حصول المعلمين الذين صمدوا او نزحوا على بدل الإنتاجية". أردف: كرابطة معلمين في التعليم الأساسي "نحن ملزمون بالتحدث مع الوزير لمعرفة مصير العام الدراسي، ويجب ان تتوافر داتا دقيقة عن جميع النازحين".

واستكمل قائلا: "حتى الساعة لم تزودنا وزارة التربية بأي معلومات عن عدد الطلاب الذين التحقوا بالمدارس في أماكن النزوح، ولم تخبرنا كم هو عدد الذين لم يلتحقوا بمدارس الاستجابة، لذلك سنبحث في هذا الموضوع الى جانب سؤال وزارة التربية عن خطتها المتعلقة بأولئك الذين لم يتمكنوا من الانضمام ، هل سيضيع عام هؤلاء الدراسي جراء ازمة لا ذنب لهم فيها"؟

 

هل التعليم "اونلاين" يحل المشكلة؟

وعن التعليم "اونلاين" قال جواد "إذا كان التعليم "الاونلاين" هو من الخيارات المطروحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات التي كانت تعتمدها "التربية"، فإن هذه الطريقة تبقى أفضل من لا شيء. لكن السؤال هل يقدر هؤلاء الطلاب على تلقي التعليم تحت القصف؟ وهل "الانترنت" سيكون متوافرا؟

واشار الى ان "مشكلة انقطاع الكهرباء و"الانترنت "عن المناطق الجنوبية قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ، ومع بدء الجولة الثانية من الحرب لا أحد يعلم متى يعاود التيّار الانقطاع، لذلك ينبغي معالجة الازمة ونحتاج الى خطة تعويض تعليمي بالحد الأدنى لإعادة تمكين الطلاب".

خطة استراتيجية

بالموازاة، قال العضو في "لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي" في لبنان الدكتور حسين محمد سعد لـ "الديار" ان الوزير الحلبي "كان عند حسن ظن الجميع من ناحية اعداد خطة الطوارئ، من اجل التصدي لأي ازمة قد تواجه القطاع التربوي. فمنذ بداية العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان ، اخذت الوزارة على عاتقها إيجاد حلول عملية لهذه المعضلة، بعد ان نزح نحو 6800 تلميذ من القرى المتاخمة للعدو الإسرائيلي، وتواصلت وزارة التربية بحسب الإحصائيات التي أجرتها مع حوالي 5850 تلميذا من مختلف المراحل، ويوجد 3500 في القطاع التعليمي المهني تم توزيعهم على عدة مدارس بعيدة عن مناطق الاشتباك كخطوة أولية. وفي غضون أسبوع أفتتح وزير التربية مدارس اخرى تحت مسمّى "خطة استجابة الطوارئ".

اضاف: "اما بالنسبة للأساتذة الذين نزحوا سواء كانوا في الملاك او متعاقدين، فقد تم اشراكهم في مدارس الاستجابة التي أقامها الوزير، وهذا يدل على التخطيط الاستراتيجي الذي تتبعه وزارة التربية وهذا الامر مهم جدا، كما تم تأمين القرطاسية والكتب المدرسية وتوزيع ما يقارب 3400 جهاز كومبيوتر مع إمكانية الاتصال بشبكة "الانترنت "، الى جانب تأمين الدعم النفسي والاجتماعي واشراك دُور المعلمين والمركز التربوي في هذه المدارس، من اجل الحفاظ على جودة التعليم".

وختم: "الخطة التي اتبعتها وزارة التربية هي لاحتواء الأساتذة والتلاميذ الذين اضطروا للانتقال قصرا من مدارسهم الأساسية او الاصلية او من بيوتهم في المناطق الأكثر هدوءا ".