85 شخصا على قارب الهجرة غير الشرعية... مفقودون قسراً أم موقوفون؟

لا تزال علامات الإستفهام تُطرح حول مصير قارب الهجرة اللبناني الذي انطلق قرابة الثانية من بعد منتصف ليل الثاني عشر من شهر كانون الأول 2023 وعلى متنه 85 شخصاً بينهم 35 طفلاً. في حين تمكنت القوارب الثلاثة التي انطلقت في الليلة نفسها من دخول ألأراضي القبرصية ومن هناك إلى وطن يحلم المهاجرون غير الشرعيون أن يحملوا هويته ويعيشون فيه بكرامة .

بحسب رئيس مركز سيدار للدراسات القانونية المحامي محمد صبلوح "لا يزال مصير ركاب القارب مجهولا، وكأن الأرض انشقت وابتلعتهم". ويضيف" باستثناء مقطع الفيديو الذي التقطه ركاب كانوا على متن القارب لا نملك أية معطيات  حتى  داتا أسماء الركاب وجنسياتهم لا تزال مبهمة إلا أننا تمكنا من معرفة إسم 76 شخصا فقط من أصل  85 من خلال التواصل مع اهالي الركاب المفقودين ، واللافت أن كل الإتصالات الواردة للإستفسار عن مصير الركاب تعود لأشخاص سوريين علما أن هناك لبنانيين أقله القبطان ومساعده.

وتفسيرا لهذه الظاهرة يشير صبلوح إلى  أن اللبنانيين الذين يهاجرون على قوارب الموت يقومون برمي جوازات سفرهم في البحر عند وصول القارب إلى حدود المياه الإقليمية ويدّعون أنهم سوريين أو فلسطينيين فور دخولهم الأراضي الأوروبية،  لأن حاملي إحدى هاتين الجنسيتين مصنفون كلاجئين وهناك سهولة أكبر في دخولهم الأراضي الأوروبية واستقبالهم أما اللبناني فيتم ترحيله إلى لبنان".

البلاغ الأول الذي تلقاه صبلوح عن اختفاء القارب جاء من خلال منظمة "هاتف الإنذار" التي أطلعته بحسب قوله أن معلوماتها الأولية تشير إلى احتمال أن يكون المركب وصل إلى قبرص، عندها تواصل مع المعنيين في الأمم المتحدة الذين أكدوا متابعة القضية من دون إعطاء أي جواب واضح.

لكن هذا الغموض دونه شكوك عديدة حول مصير الركاب ومكان تواجد القارب . وفي حين لا يزال الصمت سيد الموقف في أروقة السلطات القبرصية"إلا أن علامات الإستفهام ترتسم حول عدم ورود أي اتصال من قبل القبطان اللبناني وكأنه بذلك يؤكد على فرضية وجود القارب ومن كانوا على متنه داخل قبرص. وما يعزز هذه الشكوك وفق المعطيات المتوافرة " أنه قرابة السادسة صباحا كان الإتصال الأخير بين الركاب وأهاليهم مما يؤكد أن المركب اجتاز المياه الإقليمية ".

إلى المعطيات الأولية المتوافرة من قبل أهالي الركاب، ثمة معلومات يتم التداول بها ومفادها أنه بعد اجتياز المركب المياه الإقليمية تم سحب الهواتف من الركاب. والمرجح حتى الآن أن القارب والمهاجرين محتجزون لدى السلطات القبرصية لأن الإتصال الأخير ورد من أقرب نقطة في قبرص. والسؤال الذي يطرح لماذا تتكتم السلطات القبرصية في حال احتجازها المركب؟

بحسب شهادات أشخاص عاشوا تجربة قوارب الموت وتمت إعادتهم إلى لبنان، يُرجح أن يكون الركاب قد تعرضوا للضرب بعد اعتقالهم من قبل السلطات القبرصية بهدف ثنيهم عن خوض التجربة ثانية. وتتريث السلطات في الكشف عن مكانهم إلى حين زوال آثار الضرب.

معطى آخر تتردد أصداؤه مفاده وجود ممنوعات على متن القارب والسلطات القبرصية تحقق في الأمر.لكن "كل هذه المعطيات تبقى في إطار الشائعات" يقول صبلوح إلا أنه لا يستبعد أن يكون المركب دخل الأراضي القبرصية والركاب محتجزون لدى السلطات، مستنداً في ذلك على نقطتين أساسيتين: أولا في حال غرق المركب يفترض ظهور الجثث على سطح المياه. وهذا لم يحصل حتى الآن. أما النقطة الثانية فتتعلق بحقوق الركاب غير الشرعيين الذين تم توقيفهم إذ تنص القوانين على السماح لهم بالإتصال بأهاليهم.

و يشير صبلوح إلى المراسلة التي أرسلها إلى مفوضية حقوق اللاجئين في قبرص وكان الجواب بأن المراجع المعنية تتابع الموضوع ولا معلومات إضافية عن تلك التي أعلنت عنها السلطات الرسمية في قبرص وفيها أن المركب لم يدخل المياه القبرصية. كما تم رفع طلب بمراجعة السلطات القبرصية  للفريق المعني في الأمم المتحدة في جنيف.

وفي لبنان تقدم صبلوح بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية لاعتبار الركاب مفقودين وطالب بالبيانات المتعلقة بهم التي تحدد من خلال هواتفهم آخر مكان تواجدوا فيه وذلك لتسهيل عملية البحث عنهم، كما تقدم بكتاب أمام وزارة الخارجية للطلب منها اتّخاذ الإجراءات الدبلوماسية اللازمة، أي التواصل مع الدول المحيطة بلبنان للتأكد في حال كانوا على أراضيها.

بعد يومين على انطلاق المراكب الأربعة غير الشرعية من أحد الشواطئ في طرابلس إنطلق مركبان جديدان على متنهما لبنانيون وسوريون إلا أن الجيش اللبناني تمكن من توقيفهما وإعادة الأشخاص الذين كانوا على متنهما إلى لبنان.

من كانوا على متن هذين المركبين سمعوا بخبر اختفاء المركب، وعاشوا معاناة قارب الموت سابقا .ومع ذلك لا تزال قوارب الهجرة غير الشرعية تتصدر مشهد الحياة اليومية في الشمال والرحلات بحسب صبلوح شبه يومية مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول دور الأجهزة الأمنية التي باتت على علم بزواريب الشبكات العنكبوتية لمنظمي رحلات الموت وأدائها" .

وفي انتظار الرد على المراسلات يبقى  السيناريو الأكثر واقعية حول القارب المفقود منذ أكثر من 20 يوما "أنه موجود في قبرص ولم يغرق ركابه، وما يعزز هذه النظرية أن قبرص هي وجهة القوارب غير الشرعية شتاء وليس إيطاليا أولا بسبب قرب المسافات ووجود ممرات تسمح بعبور قوارب الموت المهاجرة إلى الضفة الأخرى من الحياة" يختم صبلوح.