أسلحة كيميائية في سوريا فهل تُفَجَّر بحرمان النازحين من التصويت للرئيس الجديد؟!

إستكمالاً لمسار ترتيب الأوراق في المنطقة، على ضوء المتغيّرات السياسية الأميركية، ومضيّ واشنطن بتقليص حضورها العسكري في الشرق الأوسط، تبقى العين على الأنشطة الروسية الميدانية في سوريا، مهما بدَت روتينية بالنّسبة الى البعض، لأنها ستتبع إيقاع تقليص الحضور العسكري الأميركي في المنطقة، في شكل يؤمّن حاضنة أمنية روسية تضبط التدفُّق الإيراني الى سوريا عبر العراق، وتحدّ من أطماع إيران في عدد من المناطق السورية التي تحوي ثروات يُمكن استغلالها في مدى استراتيجي بعيد.

فتضارُب المصالح بين موسكو وطهران واضح، لا سيّما بعد التداوُل بمعلومات مؤخّراً عن رفض "الحرس الثوري" الإيراني تنفيذ طلب روسي بتسليم موسكو مواقع تسيطر عليها ميليشيات تابعة لإيران، في بادية البوكمال.

الى الوراء

وفي سياق متّصل بترتيب الأوراق أيضاً، عاد تسليط الضوء من جديد على المخزون السوري من الأسلحة الكيميائية، منذ أكثر من شهرَيْن، وسط شكوك حول أن تكون الأنشطة السورية في هذا المجال انتهت بالفعل، وذلك رغم هدوء نسبي في هذا الملف، طبع مرحلة ما بعد توجيه واشنطن ولندن وباريس ضربات عسكرية في نيسان عام 2018، أعادت برنامج الأسلحة الكيميائية السورية سنوات إلى الوراء، بحسب خبراء في المجال العسكري.

هذا فضلاً عن التركيز أيضاً على ما سُمّيَ بـ "حِيَل" استخدمها النّظام السوري للإلتفاف على اتفاق تفكيك ترسانته الكيميائية، والإحتفاظ بقدرات هجومية في هذا المجال، تارة عن طريق إخفاء الأسلحة الكيميائية، وطوراً من خلال الحصول على عقاقير الأعصاب سرّاً، أو حتى عبر قتل من يمتلكون معلومات عن تلك الأنشطة.

فهل ستُرسَم المنطقة من جديد، بموجب مستقبل البرنامج النووي الإيراني، وبرنامج الأسلحة الكيميائية السورية، من ضمن تسويات مرحلة ما قبل، وما بعد، المسار الرئاسي في كلّ من سوريا (نيسان - أيار 2021) وطهران (حزيران 2021)؟

تنسيق

أوضح مصدر مُطَّلِع أن "الإستقرار في سوريا هو الهدف الأساسي لروسيا. وإدخال منطقة البوكمال الى دائرة الضّوء حالياً ينسجم مع أنها منطقة صدامية تربط سوريا بالعراق، وتحوي ميليشيات تابعة لإيران، وهي تشهد هجمات إسرائيلية. ولذلك، تبقى موضع متابعة على أبواب مزيد من الإنسحاب الأميركي من الشرق الأوسط".

وشدّد في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" على أنه "كلّما اقترب موعد الإنتخابات الرئاسية السورية، سنشهد فتح ملفات سوريّة إضافية، سواء من باب الأسلحة الكيميائية، أو من زاوية ملف النّزوح الذي ينعكس على رسم وحدة الجغرافيا السورية مستقبلاً".

وكشف أن "الروس ينسّقون مع دول الخليج العربية في ملف النّزوح السوري، على أساس أن تلك الدول تخاف من التطرّف الإسلامي، ومن التهديد "الأخواني" التركي، فيما يشكل إبقاء أعداد هائلة من النازحين السوريين في تركيا خطراً، لأن المدّة الزمنية الطويلة لذلك ستمنح أنقرة قدرة إضافية على بثّ النَّفَس المتطرّف في صفوفهم. وهو ما سينعكس على المستقبل العربي عموماً".

أوكرانيا

وشدّد المصدر على أن "موسكو تعمل أيضاً وفق وقائع حصلت خلال الإنتخابات الرئاسية في أوكرانيا، إذ منعت حكومة كييف ثلاثة ملايين أوكراني يقطنون في روسيا من التصويت، فيما لم تعترض واشنطن ولا الإتحاد الأوروبي على ذلك. فهل سيتكرّر الصّمت الأميركي والأوروبي في ما لو قام الرئيس السوري بشار الأسد بمنع كلّ سوري موجود خارج سوريا من التصويت في "رئاسية" 2021 السورية؟".

وأضاف:"تحضّر روسيا الظروف السياسية والأمنية للإنتخابات الرئاسية السورية. وهي تنسّق مع الأميركيين المنسحبين من المنطقة، وتتفاوض مع الأكراد، ومع الأتراك أيضاً حول شمال سوريا".

تجاذُب

وأشار المصدر الى "وجود تجاذُب بين موسكو ودمشق حول المسار الدستوري الجديد في سوريا، وحول عدم تسهيله من جانب الأسد. فضلاً عن أن الروس، والأتراك أيضاً بنسبة معيّنة، يدفعون باتّجاه تطبيع سوري - إسرائيلي".

وقال: "إعادة انتخاب الأسد بلا تطبيع سوري مع إسرائيل، يطرح أسئلة حول المجالات الروسية لدعم إنجاحه مستقبلاً، في تلك الحالة. فهذا هو العنوان الأساسي لسوريا في المرحلة القادمة".

 وختم:"موقف الأسد من تل أبيب سيحدّد سلوك الغرب تجاه الأسلحة الكيميائية في سوريا مستقبلاً. وكلّ ما يُقال في هذا الإطار حالياً، يبقى من باب الضغوط، تمهيداً لتحقيق هدف أميركي - روسي هو توقيع سلام سوري - إسرائيلي بعد الإنتخابات الرئاسية السورية".