إلغاء امتحانات "البروفيه": المدارس-الدكاكين باعت آلاف الشهادات

منح مجلس الوزراء مدارس الدكاكين آلاف الشهادات لطلابها مجاناً، وقرّر إلغاء امتحانات الشهادة المتوسطة، التي كان يفترض أن تجري في السادس من تموز. وانتصر الفريق المحابي للمدارس الخاصة في وزارة التربية، بعدما تحققت الوعود السابقة التي قطعت لها لإلغاء البروفيه.

...رغم تأكيد الحلبي
من دون علم المعنيين في وزارة التربية، قرر مجلس الوزراء إلغاء امتحانات هذه الشهادة. هذا رغم أن الوزير عباس الحلبي أكد في اجتماع مع المسؤولين عن وحدات وزارته يوم أمس على إجراء الامتحانات. كما أكد إجراء الامتحانات للشهادتين يوم أمس خلال احتفال نظم في الوزارة. لكن القوى السياسية، التي تعهدت للمدارس الخاصة بإلغاء الامتحانات، وبالتنسيق مع بعض النافذين في الوزارة، وفت بوعودها وألغت الامتحان. علماً أنه مساء أمس ذهب كل المعنيين في الوزارة إلى بيوتهم مطمئنين أن الوزير تغلب على مصاعب التمويل. وعادوا وتفاجأوا صباح اليوم بأن مجلس الوزراء ألغى امتحانات هذه الشهادة. وقد علا الصراخ في الوزارة بعد سماع الخبر وتندّم بعض المستخدمين بأنهم لم يقدموا طلبات حرة للحصول على إفادات.

موافقات استثنائية
الخطير في الأمر ليس منح 1474 طالباً تقدموا بطلبات حرة وأعمارهم كبيرة، بل آلاف الطلاب الذين حصلت مدارسهم على موافقات استثنائية، تقول مصادر مطلعة لـ"المدن".

في التفاصيل، بلغ عدد الطلاب الذين تقدموا لامتحان الشهادة المتوسطة نحو 62300 طالب، فقط نحو 16 ألف طالب منهم من تلامذة المدارس الرسمية. أما عدد الطلاب السوريين فبلغ نحو 2500 طالب من السوريين الذين يتعلمون في فترة بعد الظهر في المدارس الرسمية. ما يعني أن باقي الطلاب (41 ألف طالب) للقطاع الخاص. وارتفاع عدد الطلاب في التعليم الخاص ليس مرده أن سبعين بالمئة من الطلاب يتعلمون في هذا القطاع، بل لأن المدارس التي تطالب بموافقات استثنائية منذ العام 2019 لتسجيل طلاب من دون تبرير انقطاعهم عن التعليم، منحت موافقات استثنائية هذا العام. وقد سجلت المدارس الدكاكين آلاف الطلاب المنقطعين عن التعليم هذا العام لأنها وعدت منذ البداية بأن الامتحانات الرسمية ستلغى. وسبق وكشفت "المدن" عن وعود أطلقها مدير عام التربية بالإنابة عماد الأشقر للمدارس الخاصة بإلغاء الشهادة المتوسطة في مجلس النواب. وفي جميع الاجتماعات التي حصلت في وزارة التربية مع المؤسسات التربوية الخاصة، كان مطلب الأخيرة إلغاء هذه الشهادة.

المراقبون والتمويل
بعد قرار الحكومة، انتشرت أخبار أن مجلس الوزراء ألغى الامتحانات نظراً لعدم توفر مراقبين في منطقة جبل لبنان ولعدم وجود تمويل لها. لكن وفق مصادر المدن تسجَّل على المنصة الخاصة التي أطلقتها الوزارة مؤخراً أكثر من مئة أستاذ لتولي منصب رئيس مركز امتحانات، ونحو 450 مراقباً عاماً ونحو 3500 مراقب عادي، في جبل لبنان. أي أن الوزارة بات لديها فائض في هذه المحافظة، خصوصاً بعد إقدام المدارس الكاثوليكية على ممارسة ضغوطها على أساتذتها لتسجيل أسمائهم.

ووفق الأرقام التي حصلت عليها "المدن"، تسجل أكثر من 400 أستاذ كرؤساء مراكز في لبنان (الحاجة هي لنحو 300 رئيس مركز) وتسجل أكثر من ألفي مراقب عام (الحاجة لأقل من 1500 مراقب عام) وتسجل نحو 11 ألف مراقب بما يفي حاجة الوزارة لتأمين مراقبة الامتحانات. أما بما يتعلق بالتمويل، فقد أمنت الوزارة كلفة الامتحانات من منظمة اليونيسف، وكانت بصدد استخدام هبة من البنك الدولي لمشروع S2R2 ومن الجانب الألماني لتأمين حوافز رؤساء المراكز (25 دولاراً) وحوافز المراقبين العامين والمراقبين (18 دولاراً). والسؤال الذي يطرح: ماذا ستفعل الوزارة باللوجستيات التي أمنتها اليونيسف لإجراء هذا الامتحان، خصوصاً أن الحصة الأكبر من تمويل الامتحانات تذهب للشهادة المتوسطة، نظراً لارتفاع عدد الطلاب.  

قرار غير تربوي
إلغاء مجلس الوزراء امتحانات هذه الشهادة للعام الحالي، لا يعني إلغاءها بشكل دائم للسنوات المقبلة. فهي بحاجة لقانون من مجلس النواب. وبمعزل عن أن هذا الامتحان بات غير معتمد في العالم ولا فائدة تربوية منه، لكن في ظروف لبنان حيث تنتشر أكثر من مئتي مدرسة مصنفة بعرف وزارة التربية نفسها كدكاكين، فإلغاء هذه الشهادة يعني فتح الباب لتجارة بيع الافادات. وما يساعد هذه المدارس في تجارتها الموافقات الاستثنائية التي تمنح لها سنوياً (لا تملك معظمها غذن مباشرة عمل) لتسجيل الطلاب.

تربوياً، كان حرياً بالحكومة الغاء امتحانات التعليم المهني والتقني وامتحانات الثانوي والإبقاء على البروفيه. ففي التعليم المتوسط بلغ عدد أيام التدريس، بعد إضراب الأساتذة نحو سبعين يوماً، بينما في التعليم الثانوي لم تصل أيام التدريس إلى أكثر من أربعين يوماً من أصل نحو 125 يوماً، بعد تقليص أيام الحضور رسمياً. أما في التعليم المهني، الذي يواصل إجراء الامتحانات الرسمية، فغالبية الطلاب لم يتعلموا أكثر من ثلاثين يوماً، ولم ينهوا المقدمات النظرية للمواد التي يمتحنون بها. ما يعني أن استعداد المدارس الرسمية لامتحان البروفيه أفضل بمرات من امتحانات البكالوريا العادية والفنية.