إلى المجتمع الدولي: ماذا لو كان "الإرهاب" في ربوعكم كـ"حزب الله" بيننا؟

شكّل تنظيم القاعدة الإرهابي تهديداً هائلاً للدول المُصنّفة في طليعة المجتمع الدولي، فقاتلته الولايات المُتّحدة حتّى اغتيال "أميره" أسامة بن لادن، ولو كان جغرافياً بعيد آلاف الأميال عن سيادة أراضيها، إلّا أن التهديد المباشر للأمن القومي الأميركي حتّم ذلك، فتمّ. الدول الأوروبية ذاقت الأمرّين من تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بعد احتدام الصراع في سوريا، والخمول في العراق في العقد الثاني من الألفية الثالثة، وذلك مع انتقال عدوى اللجوء إلى أراضيها، انتقلت الأعمال الإرهابية إلى أزقّة عواصمها، مدنها وقراها..

 

في المقلب الآخر من العالم الذي من المفترض أن يكون في طور النمو، سياسيون يحكمون بقبضةٍ من حديد ما يتحكّمون به، وبقبضةٍ من "ريش" ما يُلزمهم السهر على تأمينه، فبفضل فسادهم وعشقهم للسلطة، باعوا سيادة بلادهم وسلّموا أنفسهم لأمرٍ واقعٍ حيث لا ينفع الندم. كذلك في لبنان، منظومة حكم مُتربّصة بمقوّماتِ بلدٍ غني بقطاعاته الإقتصادية، وبتعدّديته، تتشارك من خلالها مافيا "ربطات العنق" الفخورة بلا مركزيتها "الجرمية" و"فيديراليتها" الشعبية، مع ميليشيا "المقاومة" كذريعةٍ لحمل السلاح، و"المقاولة" لتهريبه والتجارة به، أسوةً بممنوعاتٍ أخرى تحت منطق "كل شي ممنوع مرغوب"، إلى أن ذاع صيتهم في أصقاع الكوكب.

 

الأمرُ الخطير ليس بأفعال الميليشيا الجرمية محلّياً، حتّى لو كانت من دون سابق تصوّر، إنّما هو الإنتماء الغريب لدى هذه الجماعة، الغريب بعقيدته وإن كانت دينية-طائفية، الغريب بفكره وإن صُبغ بفقهٍ مُزيّف، الغريب بملبسه وإن ظهر مماثلاً لمُعتقده الحُرّ، الغريب بعاداته وإن بدا مألوفاً في قرانا، الغريب بعتاده وإن لمعت بنادقه بوجه البوارج المُدمّرة، الغريب بلغته وإن كُتبت بالحرف عينه، فليس كلّ ما يلمع ذهباً، وليس كلّ ما يقف جبلاً، لا بل قد يكون إرهابياً مُتخفّياً، نائماً بخليته كمرض السرطان إلى حين ساعة الصفر، لتطبيق أجندته الغريبة أيضاً عن كلّ حضارتنا، منذ "صور" الفينيقية وصولاً إلى "صور" الفارسية.

 

ساعة الصفر لم تأتِ بعد، لكننا شهدنا على عدٍّ تصاعدي من تحت الصفر، وعلى ما يبدو بلغنا الـ" ١ - " بعد سلسلة جولات قتال، أبرزها "اليوم المجيد" في السابع من أيّار ٢٠٠٨، إلى قصمان القمع السود، مروراً باغتيال قيادات ثورة الأرز وكوادر الجيش اللبناني ، إلى الشحن الطائفي إبّان انتفاضة تشرين ٢٠١٩، وصولاً إلى غزوة عين الرمانة التي رافقها تعطيل مجلس الوزراء من قبل الميليشيا عينها، لعرقلة التحقيق بجريمة انفجار مرفأ بيروت، أكبر انفجار غير نووي بتاريخ البشرية، للتأكيد على أن "الحاكم بأمر الله" في زماننا هو فعلياً "بأمر حزبه". من هنا، تجدر بنا الإشارة للعودة إلى "مستديرة" قصر الصنوبر بعد انفجار ٤ آب عام ٢٠٢٠، والتي عقدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على شرف أقطاب لبنان، وعندما قيل له "فلنضع حدّاً لسلاح حزب الله"، أجاب: "الوقت ليس مناسباً للبحث في هذا الأمر، شكّلوا حكومة إنقاذ" وكأنه قال ما بالكم بالسلاح، لا تلتفتوا للأمن، التفتوا للرغيف.. حينها عوّم ماكرون حزب الله العسكري "ذراع الحرس الثوري الإيراني"، قُبالة مياه لبنان الإقليمية والتي من المفترض أن تُنقّب "توتال" الفرنسية عن النفط والغاز فيها، عبر الجلوس مع حزب الله "البرلماني" وكأنّه يُصدق أنّه عامل استقرار، ليعود بعد عامين ويُندّد بإطلاق الحزب لمسيراتٍ فوق حقل كاريش "غير المتنازع عليه" قانونياً وحتّى تكتيكياً في مفاوضات ترسيم الحدود، واصفاً العملية بالمهدّدة لعملية التفاوض، فهل يُعقل أنّه "لم يكُن يعلم"؟

 

يطول السرد إن سُردت تفاصيل الألف حكاية وحكاية في ظلّ حكم السلاح، الذي تحت عباءته يختبئ تُجّار المخدّرات، سارقو السيارات، مُهرّبو السلع المدعومة وأرباب الإتجار بالبشر، وكل ذلك مُحرّمٌ في قوانين "مُعتقد" حزب الله أوّلاً، وفي القوانين المحلّية والدّولية مرورا بشرعة حقوق الإنسان وغيرها، ممّا يجعل منه إرهابياً على كافّة الصُعد، فماذا كان سيفعل "براغماتيو" الدول العظمى، لو تغلغل الإرهاب إلى حكوماتها، برلماناتها، مدنها وقُراها؟