المصدر: mediafactorynews
الكاتب: جان فغالي
الجمعة 6 تشرين الأول 2023 11:24:51
لم تعد الأرقام في لبنان وجهة نظر ، صارت حقيقة واقعة على الأرض ، هناك هاجس يعيش مع اللبنانيين ، “يأكل من صحنهم ” ويقيم معهم في بيوتهم ، هذا الهاجس له وجهان : وجهه الاول زيادة عدد النازحين السوريين ، ووجهه الثاني نقص العملة الصعبة لديه ، وحتى اثبات العكس ، فإن هذا الواقع سيؤدي الى الارتطام الكبير ، فالنزوح سيزداد ، في غياب المعالجات ، والعملة الصعبة ستتناقص ، في غياب الحلول .
يوميًا يسأل اللبناني : ماذا تبقّى لدينا من أموال؟ يأتي الجواب كالتالي : أموال حساب السحب الخاص لم يتبقَّ منها سوى سبعين مليون دولار ، من اصل مليار و١٣٩ مليون دولار . حين تنفد هذه الاموال ، ونفادها قريبًا ، تكون المرحلة الاولى من الارتطام الكبير ، قد بدأت .
ماذا ايضًا في الارقام التي لم تعد “وجهة نظر ” ؟
لم يتبقّ من اموال المودعين في مصرف لبنان سوى ثمانية مليارات ونصف مليار دولار . حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري يعلن انه لن يمس بما تبقّى ، ان عدم الصرف يعني ان هذه المليارات الثمانية والنصف مليار باتت ” خارج الخدمة” ، هذا يعني ان المرحلة الثانية من الارتطام الكبير قد بدأت ، في هذه الحال ، من اين سيأتي مصرف لبنان بالاموال بعدما كادت اموال السحب الخاص قد استُنفِدت ؟ واموال المودعين ممنوع المس بها ؟
هناك تعويلٌ على الضرائب والرسوم المجباة ، فهل تكفي لتمويل الرواتب وتمويل شراء الادوية والطحين ؟
الخبراء الاقتصاديون يشككون في ذلك ، فحتى لو تحققت نسبة الجباية مئة في المئة، فهذا ليس كافيًا لتأمين دفع الرواتب ودعم الادوية والطحين ، في هذا الحال من اين ستأتي الاموال ؟ هل من خلال طبع ليرات لبنانية وشراء دولارات من السوق ؟ وعندها يقع الارتطام الثالث والأخير .
تحتاج الدولة شهريًا الى ما يقارب المئة والخمسين مليون دولار ،
موزعة على الشكل التالي : ثمانون مليون دولار رواتب للقطاع العام ، اربعون مليون دولار لدعم الادوية ، وثلاثون مليون دولار لدعم الطحين ، في حال تم تأمين الدولار من السوق ، يرتفع سعره ولا يعود حاكم مصرف لبنان بالإنابة المحافظة عليه على سقف التسعين الف ليرة ، وفي حال لم يُلبِّ السوق تأمين المئة والخمسين مليون دولار ، هناك علامة استفهام كبرى على القدرة على دفع الرواتب بالدولار كما كان يحصل في الشهور الاخيرة .
الجميع أمام المأزق ، والرهان على الوقت ليس في مكانه ، السلطة راهنت على الوقت منذ ١٧ تشرين ٢٠١٩ ، فماذا حصدت ؟
حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري سيكون في مأزق ايضًا ، هل ينفض يديه ويقول : ” ليست مسؤوليتي تأمين الأموال ” ، اذا تمّ الضغط عليه من المراجع الرسمية ، كما كان يتم الضغط على الحاكم السابق رياض سلامة ، فهل يرضخ او يستعفي ؟ منصوري في وضع لا يُحسَدُ عليه ، ايًا كان الخيار الذي سيتخذه ، فإذا رضخ يكون “سلامة٢”، واذا استعفى سيُقال انه هرب من المسؤولية ، وفي الحالين فإن مصرف لبنان لن ينجو ، بدوره، من الارتطام .