التحذير الأردني جرعة إضافيّة من التحذيرات الدولية المتكرّرة في الشأن اللبناني...

كتب أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم":

 لعلّ الأبرز في ما يمكن استخلاصه من جراء تحذير الملك الأردني عبد الله الثاني، من تدهور الأوضاع في لبنان خلال أسابيع، إذا استمر على ما هو عليه دون انفراج، أنه مثل من يبلّغ رسالة الى اللبنانيين، مدّتها الزمنية محصورة بأسابيع، وهي تطير من الولايات المتحدة الأميركية، حيث التقى ملك الأردن الرئيس الأميركي جو بايدن.

لا ثقة

وربما الأهمّ في ما قاله عبد الله الثاني، هو أنه يُظهر انعدام الثقة الدولية بالمساعي اللبنانية الحاصلة حالياً لتشكيل الحكومة الجديدة، وبما يرشح عنها، ويؤكّد أن لا تعويل دولياً على قدرة الحكومة الجديدة على تطبيق الإصلاحات المطلوبة من لبنان، والتي تشكّل الشرط الأساسي للعودة الدولية والعربية الفعلية، إليه (لبنان).

التحدّي الأكبر

أكد مصدر واسع الإطّلاع أن "التحذير الأردني هو جرعة إضافيّة من التحذيرات الدولية المتكرّرة في الشأن اللبناني، التي تصدر عن عواصم القرار الدولي، سواء عبر مسؤولين، أو من خلال أكبر الصّحف الفرنسية والأجنبية. فضلاً عن تحذيرات المؤسّسات المالية الدولية، ولا سيّما "البنك الدولي"، و"صندوق النّقد الدولي". كما أنه يؤكّد القلق الذي يشعر به الأردن، انطلاقاً من أن مشاكل لبنان قادرة على إزعاج عمّان على أكثر من مستوى".

وكشف في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "لا شيء جديّاً في الملف الحكومي حتى الساعة، غير الحديث مع عدد من الشخصيات المطروحة لترؤس الحكومة الجديدة. ولكن التحدّي الأكبر هو القدرة على إيجاد غطاء سُنّي، مع دعم دولي كبير، لرئيس الحكومة الجديد".

"من كيسك"

وأوضح المصدر أن "الغطاء السُنّي الضروري ليس لبنانياً فقط، بل يجب أن يكون سعودياً أيضاً، الى جانب دعم دولي وأميركي. وهذا كلّه لن يتوفّر إلا لمن هو قادر على تقديم ضمانات حول قدرته على ضبط حدود تأثير الفريق التابع لإيران في لبنان، على طاولة مجلس الوزراء الجديد. فالمسألة لا تتعلّق بأسماء، بل بمن هو قادر على تقديم ضمانات، والإلتزام بها".

وشرح: "واشنطن قادرة على فرض رئيس الحكومة الذي تريده في لبنان، لو كانت تريد ذلك. ولكنها لا تريد حتى الساعة، مقابل أن لا إمكانية لنجاح أي رئيس حكومة في عمله، إذا كان عدائياً أو فاتراً تجاه السعودية. فالرياض غير راضية عن مجرى الأمور في لبنان منذ التسوية الرئاسية في عام 2016، ولكنها لم تعارِض في العَلَن آنذاك، منعاً للمساس بمصالحها مع أوروبا والولايات المتحدة ومصر، وهي الأطراف التي غطّت التسوية في تلك السنة".

وأضاف: "في مقابل ذلك، سلكت السعودية مسلكاً حيادياً تجاه لبنان، فاستقبلت رئيس الجمهورية ميشال عون في بداية ولايته الرئاسية، وأبلغت الرئيس سعد الحريري أنه "إذا نجحت فسيكون ذلك "من كيسك"، وإذا فشلت، فـ "من كيسك" أيضاً"، وانتظرت. ولا تزال على تلك الحالة، لأن سياسات الدّعم السعودي المجّاني انتهت منذ عام 2015. والرياض ثابتة على تلك الحالة الحيادية، الى أن يتوفّر من يحفظ لها حقوقها بوجه إيران، في لبنان. وبالتالي، لا دعم سعودياً مجانياً لأي شخصية سُنيّة لا تعمل على ذلك".

ابتزاز

وأشار المصدر الى أن "بعض المعطيات المتوفّرة تُفيد بأننا أمام مرحلة من الإنهيار المتزايد في مستقبل قريب، توفّر فُرَص الإتفاق على حلّ جذري للأزمة اللبنانية، يبدأ تطبيقه تدريجياً. فتكون الحكومة الجديدة النقطة الأولى فيه، في طريق الوصول الى ما هو أبعَد منها".

وتابع: "الإصلاحات نفسها، في قطاع الكهرباء وغيره، باتت تحتاج الى مدّة زمنية أطول، لتبدأ مفاعيلها بالظّهور، بعدما استُنزِفَت الدولارات من لبنان، والثّقة الدولية تجاه الدولة اللبنانية، في 2021، أكثر من العام الفائت".

وختم: "خريطة الطريق اللبنانية المطلوبة دولياً، لفكّ أسر المساعدات للبنان، أصبحت أكثر تشعُّباً اليوم، مقارنةً مع العام الفائت، خصوصاً أن لا أحد من دول العالم سيقبل بالرّضوخ لابتزاز الطبقة السياسية في لبنان".