المصدر: نداء الوطن
الكاتب: أحمد الأيوبي
الثلاثاء 9 كانون الاول 2025 07:31:39
أجرت شركة غالوب الأميركيّة المتخصّصة بالاستشارات والتحليلات العالمية، استطلاعًا للرّأي خلال شهري حزيران وتموز من العام الحالي 2025 في لبنان، حول من له الحق بحمل السلاح، وشمل عيّنات من كل الطوائف اللبنانيّة، وقد بدت لافتة النتيجة الّتي سجّلتها الطّائفة الشيعيّة.
أظهرت نتيجة الاستطلاع أن 27 % من الشيعة الذين تم استطلاعهم هم مع حصر السّلاح بيد الدّولة اللبنانيّة، فيما نسبة 69 % منهم هم مع عدم نزع السّلاح، و4 % لم يكن لديهم موقف.
تأتي أهمية هذا الاستطلاع، بينما يفصلنا عن الانتخابات النيابية التي تجرى على أساس النسبية، ستة أشهر، فهل يمكن أن تحقق المعارضة الشيعية اختراقًا يوازي أو يقل قليلًا عن نسبة الاعتراض على استمرارية السلاح غير الشرعي، أي ما قد يصل إلى ثلث المقاعد الشيعيّة في البرلمان المقبل، وهل هذا ما يخاف منه "الثنائي" وهو ما يجعله يحاول حصر الأصوات في الدّاخل رافضًا تصويت المغتربين، علّه يتمكّن من الحدّ من الخسائر؟
تشهد الساحة الشيعية في هذه المرحلة التحوّل الأخطر، وتبدو الحال بين احتمالين:
ــ الاحتمال الأول: أنّ انقسامًا وقع بين الرئيس نبيه بري و"حزب الله" ظهر في عدد من المواقف منها الاتهامات داخل "الحزب" لبري بأنه المسؤول عن "اتفاق الاستسلام" الذي نتجت عنه لجنة الإشراف على وقف "الأعمال العدائية"، ثم استهداف بري في الكتاب المفتوح الذي وجّهه "الحزب" للرؤساء الثلاثة، مما أدى إلى إرسال مساعده علي حسن خليل إلى طهران لاستجلاء الموقف.
ــ الاحتمال الثاني: أن قيادة "حزب الله" وافقت على المسار التفاوضي، لكنها لا تستطيع احتمال الإعلان الصريح والواضح عن هذا التوجه، لذلك بدأت الحديث عن الشروط للقبول بالتفاوض، على أنها بذلك تكون في المساحة الوسطى، إذا نجحت المفاوضات تضمن موقعها، وإذا فشلت تبقى خارج المسؤولية.
وبين هذين الاحتمالين برز موقف المرجع الشيعي في العراقي السيد علي السيستاني في رسالته إلى مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي التي عبّر فيها عن خطورة ما يعانيه الشيعة في لبنان من استغلال في بازار السياسات الإيرانية محذرًا من حساسية المرحلة التي تمرّ بها الطائفة الشيعية في لبنان، ومحذّرًا أيضًا من أن الظروف الراهنة باتت "حرجة جدًا" وتتطلب حماية عاجلة.
واعتبر السيستاني في رسالته أنه لا يجوز ترك المجتمع الشيعي اللبناني عرضة لحرب جديدة، لما قد يترتب على أي مواجهة من موجات تهجير إضافية، وتدهور في أمن القرى والبلدات، وتعاظم هشاشة البيئة الاجتماعية التي أنهكتها الحرب طوال الأشهر الماضية.
والأهمّ من ذلك، أن السيستاني وجّه رسالة إلى "حزب الله" في لبنان ورسالة أخرى إلى الفصائل المسلحة العراقية في أواخر آب - أغسطس الماضي، تضمّنت الرسالة الموجّهة إلى "الحزب" دعوةً للتفاوض مع إسرائيل ونزع السلاح لتجنب الدخول في مواجهة، كما طلب السيستاني من الفصائل العراقية الموافقة على المقترح الحكومي القاضي بنزع سلاح الفصائل وإجراء تغييرات في هيكلية الحشد الشعبي.
تأتي هذه الوقائع في ظلّ تصريح الناطق باسم الخارجية الإيرانية بأن طهران لا تتدخل في الشأن اللبناني وأن لحزبها في لبنان استقلالية القرار، وهذا كلام يمكن اعتباره "تقية سياسية"، لكنه في التوقيت الإقليمي كلام لافت، بينما تستعد إيران وتعمل على تجنب الحرب الكبرى عليها.
يؤكّد مسار الأحداث حتمية نزع السلاح وأنه لا خلاص بدون العودة إلى الدولة، وأنه بالنتيجة، ومهما اختلفت التقييمات، فإن نبيه بري وافق على جلوس مفاوض مدني لبناني (سياسي) إلى طاولة مفاوضات مع إسرائيل، لذلك، لا يمكن لـ "الحزب" الاستمرار في المراوغة والاستكبار وتجاهل الوقائع التي تؤكد حتمية انتهاء عصر الميليشيات وشواذاته الدموية والعودة إلى الدولة الكاملة السيادة بجيشها الواحد ومؤسساتها الدستورية الفاعلة.