السفارة الإماراتية تفتح مجدداً بعد إقفال لدوافع أمنية

في خضم الأجواء التشاؤمية التي تسود الساحة اللبنانية رئاسياً وسياسياً واقتصادياً، جاء خبر إعادة فتح سفارة دولة الامارات العربية المتحدة في لبنان، ليشكل مفاجأة سارة بعد استقبال رئيس دولة الامارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في العاصمة الاماراتية.

والسؤال: ماذا عن العوائق التي كانت تحول دون فتح سفارة دولة الامارات، هل هي ذات طابع سياسي أم أمني وهي مقفلة منذ فترة طويلة بخلاف سفارات دول مجلس التعاون الخليجي التي تمارس أعمالها بشكل طبيعي وتُصدر التأشيرات، لا سيما سفارة المملكة العربية السعودية؟ إذ وفي غمرة الحملات التي استهدفت المملكة بقيت التأشيرات تصدر، وبمعنى أوضح ان السفارة لم تُقفل والأمر عينه انسحب على السفارات الخليجية والغربية. فهل من قطبة مخفية دفعت أبو ظبي الى إقفال سفارتها في بيروت؟ مع التذكير بأن العلاقة السياسية بين البلدين لم تتأثر بإقفال السفارة وليس هناك ما يدل على قطيعة، اذ ثمة شخصيات سياسية وإعلامية تزور دولة الامارات بشكل دائم، وبالأمس القريب كان الوزير السابق وئام وهاب في دبي، وأشاد بما بلغته الامارات من تقدم، ونقل عن الجالية اللبنانية امتنانها للمعاملة التي تحظى بها من حكام دولة الامارات.

في السياق، تلفت مصادر سياسية مواكبة لهذا المسار، الى أن اقفال السفارة الإماراتية في العاصمة اللبنانية ووقف التأشيرات، ترك آثاراً سلبية على رجال الأعمال وتداعيات اقتصادية واستثمارية، لا بل كان ضربة موجعة، والمعلومات الموثوق بها حول الإجراءات الإماراتية طابعها أمني، خصوصاً أن هذا المعطى يعود لسنوات خلت وليس وليد ساعته عندما اتُخذ القرار بإقفال السفارة، وذلك مردّه الى القاء القبض من قِبل الأمن الاماراتي على مجموعات لبنانية اتُّهمت بأعمال مخلّة بالامن، وهو ما كشفته التحقيقات فجرى إبعادهم الى بلدهم، فيما خلايا أخرى تمّ سجنها، ويومها شُكّلت لجنة من مجلس العمل اللبناني زارت بيروت لتوضيح ما حصل حينذاك، وعقدت لقاءات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين سياسيين وأمنيين، لكن البعض في لبنان أخذ هذه المسألة بأبعادها الطائفية باعتبار ان المتهمين هم من طائفة معينة ولديهم صلة بحزب بارز ممانع، وتجنباً لأي أعمال انتقامية أُقفلت سفارة الامارات في منطقة الجناح على تخوم الضاحية الجنوبية، وبالمعطى الأمني تقع في منطقة نفوذ "حزب الله". والمؤكد أنه تم إبعاد جميع المتهمين الى لبنان وليس من معتقلين، اضافة الى أن بيانات حملت تهديدات للإمارات صدرت من بعض المبعدين الى جهات أخرى، ناهيك عما نُشر في الاعلام المقرّب من "حزب الله". كل هذه الأجواء أدت الى اقفال السفارة وعدم تعيين سفير جديد مكان السفير سعيد الشامسي، وهذا يحدث للمرة الأولى في إطار العلاقة اللبنانية - الاماراتية، مع التأكيد مجدداً وفق المصادر المعنية ان ذلك لم يؤثر على العلاقة التاريخية بين بيروت وأبو ظبي.

توازياً، كان لافتاً بعد استقبال رئيس دولة الامارات للرئيس ميقاتي صدور بيان مشترك حول الزيارة ما يؤكد طابعها الرسمي، لا سيما الشق المتعلق باتفاق الجانبين على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة افتتاح سفارة دولة الامارات في بيروت، وتشكيل لجنة مشتركة لوضع آلية لتسهيل إصدار تأشيرات دخول اللبنانيين الى الامارات، فيما شدد الشيخ محمد بن زايد على العلاقات الأخوية بين البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات وبخاصة التنموية والاقتصادية وغيرها من الجوانب التي تخدم مصالحهما المشتركة.

وتقول المصادر إنه وإن لم يُحدد موعد إعادة افتتاح السفارة وإصدار التأشيرات، إلا أن القرار اتُّخذ على أعلى المستويات من خلال بيان رسمي، وسيسبق ذلك بعض الإجراءات الأمنية وتدابير تحفظ أمن سفارة الإمارات عبر لجنة مشتركة، لا سيما في هذه المرحلة بالذات حيث الظروف التي يمر بها لبنان بالغة الدقة والوضع الأمني يبقى الهاجس الذي يُقلق ليس اللبنانيين فحسب وانما المقيمين ايضا ما يستوجب اتخاذ إجراءات فوق العادة قبل إعادة افتتاح السفارة وسط تساؤلات هل سيكون ذلك بعد انتخاب رئيس للجمهورية ليقدم السفير الاماراتي أوراق اعتماده الى الرئيس الجديد، في حين يرى البعض ان الأهم في هذه المرحلة هو إعادة فتح القنصلية ومنح التأشيرات للراغبين في السفر الى دولة الامارات وتسهيل أعمالهم في ظل المعاناة الراهنة التي بلغت ذروتها.

أخيراً، وفي ظل الغياب الاماراتي، هل تعود أبو ظبي لتلعب دورها في كل المجالات على الساحة اللبنانية حيث الجميع يتذكر عندما كان البلد يحترق، صرخة باني دولة الإمارات الشيخ زايد بن نهيان، الذي قال "ارفعوا أيديكم عن لبنان" وقام بدور كبير في تلك الحقبة، هذا ما ستبلوره الأيام القليلة المقبلة بعد الخطوة الكبيرة بإعادة فتح السفارة ومنح التأشيرات للبنانيين.