المجلس الشرعي يستغرب استمرار تعطيل تأليف حكومة إنقاذ

عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى جلسة في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، وتدارس الشؤون الإسلامية والوطنية وآخر المستجدات اللبنانية، وأصدر بيانا تلاه عضو المجلس القاضي الشيخ عبد الرحمن شرقية هذا نصه:
"توقف المجلس باستغراب واستنكار شديدين أمام استمرار تعطيل وعرقلة جهود الرئيس سعد الدين رفيق الحريري المكلف تأليف حكومة جديدة تعمل على إنقاذ لبنان من أزمته الخانقة وإخراجه من دوامة الفراغ السياسي الذي يدور فيه على غير هدى.
إن لبنان أحوج ما يكون اليوم الى حكومة انقاذ وطني تكون على مستوى التحديات التي يواجهها، وتتمتع بثقة الرأي العام اللبناني والمجتمعين العربي والدولي.
ورأى المجلس ان تقاذف الاتهامات التعطيلية ما هو إلا تعبير عن عقلية المساومات الرخيصة لتحقيق مكاسب شخصية أو حزبية أو فئوية لا تمت الى المصلحة الوطنية. ومن المحزن والمخزي معا أن يجري ذلك في وقت يتواصل فيه تراجع قيمة العملة الوطنية وارتفاع نسبة اللبنانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر، مع ازدياد نسبة المهاجرين من أصحاب الكفايات ومن الشباب.
إن الأزمة الخانقة التي تعصف بلبنان خصوصا بعد انفجار مرفأ بيروت، وما ترتب على هذا الانفجار الرهيب من مآس إنسانية واجتماعية واقتصادية، كان يفترض ان تشكل حافزا للترفع عن الحسابات الشخصية والفئوية الضيقة، والارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية السامية. إلا ان الوقائع تشير، مع الأسف الشديد، الى عكس ذلك، بدليل تعطيل مهمة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة.
وتوقف المجلس كذلك أمام الحوادث الأمنية الدامية التي وقعت في مدينتي باريس ونيس بفرنسا، وفي فيينا في النمسا وأودت بحياة مجموعة من الأبرياء. وإذ يؤكد المجلس مبدأ احترام الشرائع والرسالات السماوية، يندد بشدة بهذه الحوداث ويؤكد ان الدولة المسؤولة عن المحافظة على حرية الإيمان والمعتقد، وعن المقدسات الدينية، هي أيضا المسؤولة عن معاقبة المعتدين على هذه الحرية.
فالإساءات المتعمدة التشويهية والتضليلية التي تطاول هذه المقدسات لا تمت الى حرية الرأي والتعبير، ولكنها تستغل الحرية للاساءة الى إيمان الآخرين والى الأنبياء والرسل عليهم السلام، على رغم أنها تخالف الفقرة الثالثة من الفصل التاسع عشر من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، إضافة الى المادة 20 من العهد نفسه.
وأشاد المجلس بالمواقف الأخلاقية السامية التي أعرب عنها عدد من السادة الأساقفة في فرنسا والتي أكدت فك الارتباط بين الإساءة والمقدسات الدينية وحرية التعبير.
وأشاد المجلس بالمبادرات التوضيحية البناءة التي قامت بها الحكومة الفرنسية مع الأزهر الشريف في القاهرة.
إن المجلس الشرعي إذ يقدر المبادرة الفرنسية لمساعدة لبنان على تجاوز المحنة الخانقة التي يمر بها، على ثقة بأن حسن النيات يشجع على العمل معا لكبح جماح خطاب الكراهية ومكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا المدمرة للعلاقات الانسانية".