انطباعات إيجابية في مجلس الأمن حيال لبنان... ماذا عن حال البحر بعد انسحاب "اليونيفيل"؟

عاد أعضاء مجلس الأمن إلى مقرهم في نيويورك بـ"انطباعات إيجابية" من حصيلة ما جمعوه من لقاءاتهم مع المسؤولين ومشاهداتهم في الناقورة وعلى الحدود مع إسرائيل، صبت كلها في مصلحة ديبلوماسية لبنان، وسط تخوف من اليوم التالي لانتهاء مهمة "اليونيفيل" في نهاية 2026.

قبل أسابيع من التحضير لهذه الزيارة لم تكن أميركا متحمسة لها رغم محاولات عرقلة إسرائيلية، فيما كانت محل ترحيب عند الأعضاء الدائمين الآخرين وغير الدائمين، وفي مقدمهم الجزائر.

وتوصلت ديبلوماسيات هذه الدول إلى أن الزيارة كان لا بد منها للاطلاع على واقع لبنان وتأكيد السلم الدولي في هذه المنطقة، وأن لبنان لا يحتاج إلى ترتيبات أمنية فحسب، بل إلى مساعدات وإصلاحات اقتصادية، وإن كان التهديد الأمني يسيطر على المشهد، مع تشديد لبنان على تطبيق القرار 1701 والتمسك به. وبحسب مصادر ديبلوماسية "كانت الزيارة ضرورية"، والحكومة جادة في حصر السلاح رغم كل الصعوبات والحواجز التي تعترضها، مع التوقف عند الدور الذي يؤديه الجيش وخصوصا في جنوب الليطاني.

وتؤكد مصادر ديبلوماسية مواكبة أن أعضاء الوفد تلقوا بإيجابية ما استمعوا إليه من عرض مفصل قدمه العماد رودولف هيكل في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المؤسسة العسكرية. وتكمن أهمية الزيارة في أن السفراء الذين حضروا كانوا يعتمدون على الإعلامين الغربي والإسرائيلي في تجميع خلاصاتهم حيال ما يحصل في لبنان وترقب ما سيحصل في الجنوب. وكان لافتا أن مندوب لبنان في الأمم المتحدة السفير أحمد عرفة الذي ساهم في ترتيب هذه الزيارة ومواكبة محطاتها لم يرافق الوفد إلى الناقورة ليشاهد بأم العين حجم الدمار الإسرائيلي والمهمات الصعبة التي ينفذها الجيش. ويعدّ الوفد تقريرا عن الزيارة يرفع إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في انتظار أن يطلع عليه لبنان.

ولم يغب عن وقائع الزيارة الأممية الحديث عما سيطرأ في الجنوب بعد انسحاب "اليونيفيل" التي تبقى محل اهتمام الدائرة المعنية في مجلس الأمن، وقد بدأت من اليوم تفكر في مستقبل الحدود بين لبنان وإسرائيل. وتبرز الوقائع أن الحكومة تشعر بـ"قلق حقيقي" ما لم تحل قوة دولية مكان "اليونيفيل"، ولو بطبعة جديدة. ويرجع هذا الأمر إلى جملة من الأسباب، في مقدمها عدم ترك ساحة الجنوب مفتوحة أمام إسرائيل لتنفذ اعتداءاتها بعيدا من عيون العالم، ولا سيما إذا لم تنته رحلة "الميكانيزم" والمفاوضات إلى نتائج إيجابية.

وإضافة إلى ذلك، تثبت التطورات أن لبنان الرسمي وبيئة أبناء الجنوب لا ينظران بعين العداء إلى القوة الدولية، مع ملاحظة سفراء مجلس الأمن، ولا سيما من الدول الممثلة في وحدات "اليونيفيل"، أنها محل ترحيب عند الأهالي لولا بعض الإشكالات الفردية. أما "حزب الله" فلا يعترض على وجود القوة الدولية والتعاون معها، في وقت تثبت إسرائيل بالأفعال العسكرية والديبلوماسية نيتها التخلص منها، علما أنها لم تكن محل ترحيب عند تل أبيب منذ عام 1978.

ويؤكد مراقبون ديبلوماسيون متابعون أن على لبنان أن يسارع إلى البحث مع الجهات الدولية المعنية في ملء الفراغ الذي ستخلفه "اليونيفيل".

ولم يفاتح لبنان بعد في إرسال قوة دولية إلى لبنان وإقامة نقاط عسكرية وأبراج مراقبة لها على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية، وصولا إلى الحدود الشرقية مع سوريا. وتفيد المصادر أنه لم يتم تناول هذه النقطة بعد، لأن أكثر من دولة تنتظر حصيلة مفاوضات "الميكانيزم" والبناء على نتائجها.