انطلاقة الكتائب برلمانيّاً: نوّابٌ حلفاء وركائز تعاون

يحتكم حزب الكتائب إلى مقاربة تجدّدية بمعايير تجديديّة في النظرة إلى انطلاقته البرلمانية، بعد اعتماده صيغة جديدة في الترشيحات المبنيّة على دعم أسماء بمنطلقات تحالفية أثمرت في كثير من المناطق. ولم يكن للمحطة الانتخابية أن شكّلت خاتمة تعاونية بين الكتائبيين وحلفائهم، بل بمثابة نقطة بداية جديّة بعناوين سياديّة نحو شبك الأيدي في المجلس النيابي على صعيد المفاصل السياسية الأساسية. ويقارب الكتائب النتائج المنبثقة من استحقاق الانتخابات النيابية بإيجابيّة، لجهة النجاح المحقّق بما يشمل النواب الكتائبيين ورفاقهم الحلفاء الذين أحرزوا فوزاً. وتشير المقاربة الكتائبية إلى تصميم كان وضعه الكتائب في رسم مسوّدته انتخابياً، مع تركيزه على معايير تحالفية دعم خلالها مرشّحين سياديين، بما عكس نتائج متقدّمة على أربعة أصعدة. وتُرجمت أولى النجاحات الانتخابية في وصول المرشحين الكتائبيين إلى الندوة البرلمانية، بما يشمل النواب: #سامي الجميّل والياس حنكش عن دائرة المتن، نديم الجميّل عن دائرة "بيروت الأولى"، وسليم الصايغ عن دائرة كسروان - جبيل. ويتظهّر من خلال توسيع عدسة مجهر المقاعد البرلمانية، فوز عدد من المستقلين الحلفاء الذين دُعموا في معركتهم الانتخابية من حزب الكتائب، ودَعَموه؛ أو خاضوا الانتخابات على لوائح واحدة إلى جانبه. ويقصد هنا كلّ من النواب ميشال معوّض وأديب عبد المسيح عن دائرة "الشمال الثالثة"، نعمة افرام عن دائرة كسروان - جبيل، جان طالوزيان عن دائرة "بيروت الأولى"، وميشال ضاهر عن دائرة زحلة.
إعلان

 

وفي الانتقال إلى المستوى الثالث من علامات النجاح الانتخابي، يُستَطلع وصول مرشَّحين من أحزاب ناشئة ومجموعات تغييرية في "جبهة المعارضة اللبنانية" - التي تشكّلت بالتحالف مع الكتائب - إلى المجلس النيابي: نجاة صليبا ومارك ضو (حزب "تقدّم") عن دائرة الشوف - عاليه، ووضاح الصادق ("خطّ أحمر") عن دائرة "بيروت الثانية". إلى ذلك، يبرز على صعيد الصورة الانتخابية الكاملة فوز مرشّحين على لوائح تحالفية تضم أسماء عن مجموعات "جبهة المعارضة اللبنانية"، حيث فاز الياس جرادة وفراس حمدان في دائرة "الجنوب الثالثة" عبر لائحة تحالفية مع علي مراد ("عامية 17 تشرين" المنضوية في الجبهة). كذلك، يؤكّد مواكبون كتائبيون أهمية القرار الذي اتّخذ بانسحاب لائحة "نحو التغيير" التي تضم المرشحة غيتا عجيل في دائرة "البقاع الغربي"، بما عزّز فرصة الخرق ووصول ياسين ياسين إلى البرلمان.

ماذا عن المقاربة الكتائبية بعد الانتخابات على صعيد العناوين التنسيقية والترتيبات التكتليّة مع النواب الحلفاء؟ تشير مصادر الكتائب لـ"النهار" إلى أنّ الانطلاقة ستباشر من كتلة الكتائب في المرحلة الأولى، باتجاه تشكيل تكتّل أو إطار أو تجمّع نيابيّ يضمّ عدداً من الحلفاء على تنوّع التسمية. ولا يعني ذلك الاتجاه نحو تشكيل تكتل تقييديّ لأيّ من عناصره. ولا يمكن الحديث عن حسم حيال أسماء الأعضاء الذين يمكن أن يشكّلوا الإطار التجمعيّ للنواب المتحالفين حتى اللحظة، باعتبار أنّ الفكرة لا تزال في بداياتها ولا تبدو آنية طالما أنّ التواصل والتنسيق قائم مع النواب المستقلين الحلفاء. ويهتمّ الكتائب في الاضطلاع بدور رأس حربة سيادية سياسية، مع السعي إلى بلورة أهداف كتائبية انطلاقاً من القدرة التواصلية مع النواب التغييريين الذي يتجهون إلى تشكيل تكتل خاص بهم. فيتمثل الاتجاه المتداول به على صعيد النواب الذين انبثقوا من أحزاب ناشئة ومجموعات تغييرية، في تشكيل تكتل نيابي خاص بهم حصراً كنواب جدد، ينطلق من عناوين تعزيز حضورهم التأسيسيّ في كونهم ممثّلين عن تنظيمات سياسية حديثة تسعى إلى تحقيق نموّها الشعبيّ. وتعقد الاجتماعات بين النواب التغييريين على نطاق مستمرّ بغية التوصّل إلى نقاط مشتركة وعناوين كبرى تساهم في الوصول إلى كتلة موحّدة. ولا يمكن اعتبار تركيز دعائم الكتلة العتيدة بالمسألة السهلة التي في الامكان التوصل إليها سريعاً هنا، باعتبار أنّ هناك مقاربات متنوّعة على صعيد النواب حول عدد من المواضيع الأساسية.

تتسارع وتيرة زحمة الاستحقاقات المرتقبة نيابياً بدءاً من انتخابات رئاسة المجلس ونائب الرئيس ومروراً بالاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس للحكومة. ويركّز الكتائب على ضرورة توحيد الموقف بين القوى السيادية جميعها كفرصة لاختيار أسماء مؤهّلة على صعيد المناصب الرئاسية الآنفة الذكر، بعيداً عن الاكتفاء بمنطق تسجيل المواقف فقط. ويقرأ أن الاستحقاق الانتخابي ساهم في كسر الأكثرية النيابية السابقة، لكنه لم ينتج أكثرية نيابية جديدة حتى الساعة. ويرى في الاستحقاقات السريعة المقبلة عناوين هامة من شأنها أن تقرّب أو تبعّد بين عدد من الكتل والشخصيات النيابية. ويؤكد على ضرورة قطع الطريق أمام المنطق القديم في إدارة المسائل، ورفض عدم استيعاب الأكثرية السابقة للتوازنات النيابية الجديدة وقواعد اللعبة التي تغيّرت. ويحرّك الكتائب عجلة التنسيق مع الحلفاء للوصول إلى كلمة واحدة في مقاربة استحقاق رئاسة البرلمان وأعضاء مكتبه ورئاسة الحكومة. ويسعى إلى دينامية برلمانية مختلفة. ولا يزال من المبكر الحديث عن نتائج للمشاورات التي يعقدها حتى الآن. ويؤكد أن التعاون مطروح مع "القوات اللبنانية" في المواضيع السيادية على صعيد كبير. ولا يستقرئ أن التنسيق بين القوى السيادية جميعها سيرتبط بإمكان الاتجاه إلى تشكيل جبهة واحدة، بل الانطلاق من معطى تعاونيّ قائم وفق المواضيع المطروحة.