المصدر: الشرق الأوسط
الكاتب: محمد شقير
الأربعاء 9 تموز 2025 07:30:38
يقف لبنان أمام معادلة جديدة لتطبيق اتفاق وقف النار، وهذا ما تصدّر لقاءات رؤساء الجمهورية العماد جوزيف عون، والمجلس النيابي نبيه بري، والحكومة نواف سلام بالسفير الأميركي لدى تركيا، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى سوريا، توم برّاك، والتي خُصّصت للتداول في العناوين الرئيسة للرد اللبناني على الأفكار التي كان طرحها في زيارته الأولى لبيروت، لمساعدة لبنان على وضع آلية لتطبيقه على قاعدة تثبيت وقف إطلاق النار.
ويمكن تسجيل مجموعة من النقاط التي اتسمت بها لقاءات الرؤساء ببرّاك، أبرزها أنهم يقرأون في كتاب واحد في دفاعهم عن الرد اللبناني، ما فتح الباب لمعاودة المفاوضات غير المباشرة بين البلدين لتطبيق الاتفاق، على قاعدة ربطه بتثبيت وقف إطلاق النار مقروناً بالتلازم بين سحب السلاح وانسحاب إسرائيل، باعتماد خطوة خطوة بينهما لاستكمال تطبيقه.
وكشفت مصادر سياسية أن الرد اللبناني يقع في 7 صفحات ويتضمن 15 نقطة. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن برّاك استفاض، لدى اجتماعه بعون، في طرح بعض الأسئلة، واستوضح بعضها الآخر، وقوبلت برد من الرئيس، وتوقف أمام التزام لبنان بحصرية السلاح، وسأل عن آلية تطبيق سحبه التي تقع على عاتق الحكومة.
ولفتت إلى أن برّاك ركّز على سلاح «حزب الله» باعتباره مسألة داخلية ويعود للحكومة حلها، وقالت إنها تأمل بأن تؤدي لقاءاته إلى تعطيل جنوح إسرائيل، ولو مؤقتاً، نحو توسيع اعتداءاتها، وهذا ما سيبحثه في زيارته لها، على أن يعود بعد أسبوعين إلى بيروت، لعله يحمل ما يدعو للتفاؤل بإلزامها بتثبيت وقف إطلاق النار باعتبار أنه ممر إلزامي لتحقيق التلازم.
وأكدت المصادر أن الرؤساء شددوا على مبدأ التلازم، وقالت إن برّاك لم يعطِ ضمانات أميركية، سواء فيما يتعلق بعدم الانسحاب أو توسيع الاعتداءات، لكنه وعد بمساعدة لبنان.
ونفت أن يكون برّاك طرح المفاوضات المباشرة بين لبنان وإسرائيل، أو تطبيع العلاقة بينهما. وقالت إنه ركز على أن يعم السلام من تركيا إلى إسرائيل، مروراً بسوريا ولبنان، وكان لسلام ردٌّ بأن لبنان لا يزال يلتزم بالمبادرة العربية للسلام التي أطلقتها في حينها المملكة العربية السعودية في القمة العربية التي استضافها لبنان عام 2002، وتقوم على مبدأ الأرض مقابل السلام.
وكشفت المصادر أن برّاك قدّر لعون دوره في انفتاحه على جميع الأطراف الذي أنتج رداً لبنانياً على أفكاره، وقالت إن الرؤساء أبدوا ارتياحهم لتعاطيه بإيجابية وانفتاح مع الرد اللبناني مع أنه جمع بين المرونة والحزم، داعياً لالتقاط الفرصة الاستثنائية المتاحة أمام لبنان لإنقاذه، وعدم إضاعتها لعلها لا تتكرر، ناصحاً بأن يلتحق بركب التحولات والتغيّرات التي تشهدها المنطقة، وأن يكون شريكاً فيها. وأكدت أنه لم يطالب بوضع جدول زمني لسحب سلاح «حزب الله» وحصريته بيد الدولة لبسط سلطتها على كل أراضيها، لكنه حذّر من الرهان على شراء الوقت، مؤكداً أنه لا خيار أمام لبنان سوى استعجاله بسحب سلاح الحزب، وعدم ربطه بالمفاوضات الأميركية-الإيرانية إذا تقرر استئنافها.
وبكلام آخر، فإن برّاك شدد على أن الوقت ليس مفتوحاً أمام الحزب، ولم يعد من خيار سوى تسليم سلاحه، مع أنه يربطه، كما يقول مصدر في الثنائي الشيعي لـ«الشرق الأوسط»، بزوال الأخطار الإسرائيلية التي تهدد لبنان، مؤكداً أن امتناع الحزب عن الإجابة عن رد الرؤساء لا يعني أنه سيتعامل سلبياً مع ردّهم، بل سيواصل حواره مع عون حول حصرية السلاح، ويبدي تفهُّمه لموقف بري، ولن ينقطع عن التواصل معه، كما ظهر جلياً طوال الفترة التي استغرقها الإعداد للرد، وبالتالي لا صحة لما يشاع حول وجود تباين بداخل الثنائي بدأ يقترب من إعلان الطلاق بين طرفيه، أي الحزب وحركة «أمل»، رغم المناوشات التي حصلت بين محازبيهما على هامش إحياء المجالس العاشورائية.
وقال المصدر في «الثنائي» إن الحزب ليس في وارد التخلف عن حواره مع عون، وإن من حقه المطالبة بضمانات لوقف النار، وانسحاب إسرائيل، وهذا يشكل نقطة التقاء مع الرؤساء. وأكد أن الحزب وإن كان يتوجه إلى بيئته برفضه تسليم السلاح بلا أي مقابل، فهذا لا يعني أنه يعترض على حصريته طالما أنه وافق على البيان الوزاري للحكومة التي يشارك فيها باحتكار الدولة وحدها للسلاح. ولفت إلى أن الرؤساء يصرون على وضع آلية تنفيذية لوقف الأعمال العدائية، وتثبيت وقف إطلاق النار، وتحقيق التلازم بين سحب السلاح وانسحاب إسرائيل. وقال إن جميع المعنيين يتحدثون بلسان واحد عن الاعتداءات الإسرائيلية، وهذا ما طرحه بري مع المبعوث الأميركي بقوله إن إسرائيل استقبلته بسلسلة من الغارات امتدت من الجنوب إلى البقاع.
ولاحظ المصدر أن لقاء بري ببرّاك اتسم بالتفهّم والتفاهم، وتوقف أمام قول الأخير، فور انتهاء اجتماعه بعون، إن «حزب الله» هو حزب سياسي، يُترك للداخل اللبناني حل مشكلته، ويسأل ألا يشكل هذا انعطافاً في موقف واشنطن بتصنيفه في خانة الإرهاب؟
ورأى أن الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم يتوق لتحقيق السلام في لبنان، وهو يلتقي بذلك مع الرؤساء ليكون في وسعه ألّا يبيع موقفه مجاناً ويقايضه بانسحاب إسرائيل، بما يمكنه من استيعاب حاضنته بأنه استحصل على ثمن سياسي بتحرير الجنوب في مقابل تسليمه لسلاحه، مع قناعته بأن الاختلال في موازين القوى لم يعد يسمح له بالانجرار إلى مواجهة غير محسوبة.
ورداً على سؤال أوضحت المصادر أن لبنان مع ترسيم حدوده مع سوريا، اليوم قبل الغد، وهذا ما أبلغه لبرّاك الذي أبدى استعداده لمساعدته، على أن يشمل تثبيت حدوده مع إسرائيل، بما يمكّنه للمرة الأولى منذ استقلاله عام 1943 من بسط سيادته على كافة أراضيه. وسألت: هل ينجح في إقناع إسرائيل مستفيداً من ضغط الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، على رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، الموجود في واشنطن، بضرورة الالتزام بتثبيت وقف إطلاق النار لتنفيذ الاتفاق، لأن العبرة، كما يقول بري، تبقى بالتنفيذ؟