تصعيد أميركي: السلاح والإصلاحات مفتاح الاستقرار اللبناني

في موقف جديد يعكس تصعيدا مدروسا في اللهجة الأميركية تجاه لبنان، أعاد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية تأكيد المواقف الأساسية التي تعتمدها واشنطن في مقاربتها للواقع اللبناني، خصوصا ما يتعلق بملف سلاح «حزب الله» والإصلاحات الهيكلية المنتظرة من الدولة اللبنانية.

وعلى رغم حرصه على عدم التعليق على التفاصيل الدقيقة للمحادثات الديبلوماسية الجارية، إلا أن المتحدث استشهد بتصريحات السفير الأميركي توماس باراك الذي عبر مؤخرا عن «رضى لا يصدق» إزاء الاستجابة الأولية من قبل الحكومة اللبنانية، مع التنويه بضرورة الانتقال الآن إلى مرحلة التفاصيل الدقيقة، ما يؤشر إلى أن مرحلة المجاملات قد انتهت، وحان وقت التنفيذ الصعب.

وقد حملت الرسائل الأميركية، بحسب مصدر سياسي لبناني رفيع قال لـ«الأنباء»: «أبعاد واضحة. على المستوى الأمني، التشديد على أن القوات المسلحة اللبنانية أحرزت تقدما في ملف نزع سلاح حزب الله جنوبا، لكن أرفق ذلك بإشارة واضحة إلى أن المهمة لم تكتمل، وأن المزيد من الجهد مطلوب، لاسيما على صعيد إزالة كامل البنى التحتية المسلحة التابعة للحزب والجهات غير الحكومية المنتشرة في البلاد.

وفي خلفية هذا الموقف، يتضح الإصرار الأميركي على ضرورة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وهذا مطلب قديم متجدد تسعى واشنطن إلى ترجمته على الأرض، في وقت تزداد فيه الضغوط الإسرائيلية والدولية لمنع الحزب من توسيع قدراته العسكرية أو تهديد الاستقرار الحدودي».

ولم يقف الموقف الأميركي عند البعد الأمني، بل تجاوزه إلى ما هو أعمق وأكثر تأثيرا، إذ ربط الاستقرار الحقيقي في لبنان بسلسلة إصلاحات جوهرية، تبدأ من الإصلاحات الاقتصادية وتصل إلى القضائية.

ويرى المصدر ان هذا الربط «يعكس إدراكا أميركيا بأن أي استقرار أمني سيكون غير دائم إذا لم يرفق بمنظومة متماسكة تعيد بناء الثقة بالبلاد من قبل المجتمعين المحلي والدولي. من هنا، جاء التشديد على ضرورة إقرار قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، بما فيه من تبعات مؤلمة، لكنه بات أمرا لا مفر منه، بالإضافة إلى وجوب تشريع قانون استقلالية السلطة القضائية، كإجراء لا يقل أهمية عن أي خطوات مالية».

الرسالة الأميركية الأخيرة لا يمكن عزلها عن المسار العام الذي تسلكه واشنطن في تعاطيها مع الملف اللبناني، فهي مزيج من التحذير والدفع نحو الحلول. لكن الثابت أنه لا عودة إلى الوراء: فلا السلاح الخارج عن الدولة مقبول، ولا المراوحة في الإصلاحات مقبولة. وعلى اللبنانيين أن يدركوا أن المجتمع الدولي بات يعتبر أن الوقت ينفد، والفرص تتضاءل، والرهانات على التسويف أو الهروب إلى الأمام لم تعد تجدي.