جريج: لا مسايرة سياسية في جريمة المرفأ والا انتهى القضاء والبلد.. والسلطة عادت الى المحاصصة والامور التي ادت لقيام 17 تشرين

رأى نائب رئيس حزب الكتائب نقيب المحامين السابق جورج جريج في حديث لليوم السابع من صوت لبنان ان “البروفا” الفتنوية بدأت ميدانياً مع لحظة اختراق مجموعة من المتظاهرين ثغرة أمنية، فدخلوا عبرها باتجاه أحد أحياء عين الرمانة، وكان من المفترض أن يكون هناك عمل استخباراتي استباقي ولا سيما بعد الاتصال الاستباقي من رئيس الكتائب بقائد الجيش.

واعرب جريج عن اعتقاده بان الجيش سيبقى في المنطقة لفترة غير قصيرة منعاً لاي احتكاك او لاي محاولة اختراق مثلث الصمود، مشددا على ان لا التهديد بقبع البيطار مسموح ولا القتل العمد مسموح.

وعن بداية التمايز بين رئيس الجمهورية وحزب الله، اكد جريج ان رئيس الجمهورية بحكم موقعه الدستوري لا يستطيع الا ان يأخذ الموقف الدستوري، وهنا لا مسايرة سياسية. عليه حماية القضاء، عليه حماية مبدأ فصل السلطات، والا انتهى القضاء وانتهى البلد.

واضاف: من هنا اكد رئيس الجمهورية عدم السماح لأحد بأن يأخذ البلد رهينة مصالحه الخاصة أو رهينة حساباته، وجدد الالتزام باستكمال التحقيق في جريمة المرفأ، لكنه قال في مكان آخر ان العمل جار على إيجاد صيغة حل مناسبة لاعتراض امل وحزب الله على المحقق العدلي لكن على قاعدة استقلالية القضاء وفصل السلطات واحترام العدالة، معتبراً ان الجزء الاخير من كلام رئيس الجمهورية يُشتم فيه رائحة تسوية.

ودعا جريج الى عدم اقحام مجلس القضاء الاعلى في تسوية سياسية، معتبرا ان أي تسوية اليوم على حساب التحقيق الذي يقوم به المحقق العدلي يشكل ادانة لمن هم وراء التسوية، وان اي سيناريو لكف يد طارق البيطار مهما كانت الديباجة القانونية هو تنفيذ لأمر عمليات القبع الذي اعلنه السيد وفيق صفا ثم ترجمه بكلام عالي السقف الأمين العام لحزب الله، ثم نقله القاضي مرتضى الى داخل مجلس الوزراء.

وعن كيفية تلبية طلب حزب الله وحركة امل بردّ المحقق العدلي، ذكّر جريج بانه تم تعيين القاضي فادي صوان محققاً عدلياً. وعندما وصل التحقيق الى مكان حساس او ممنوع التوسع فيه، تقدّم الوزراء والنواب المعنيون بطلب كف يده ونقل الملف للارتياب. فكان لهم ما أرادوا. السيناريو ذاته يتكرر مع المحقق العدلي الثاني، مع فارق ان الادعاءات بحقه تكثفت وتنوعت وبتوزيع ادوار متقن بين النواب الثلاثة زائد الوزير السابق الرابع لاستنفاد كل المهل الفاصلة عن موعد بدء العقد النيابي الثاني يوم الثلثاء المقبل. وكان هناك اعتراض امام محكمة الاستئناف المدنية، واعتراض امام محكمة التمييز الجزائية، واعتراض امام محكمة التمييز المدنية مرتين. وصدرت القرارات برد طلبات الرد، باستثناء محكمة التمييز المطروح امامها نقل الدعوى للارتياب ولم يصدر قرارها بعد.

اضاف جريج: اذاً هناك اجماع قضائي على رد هذه المراجعات، بالمقابل هناك اصرار على الخروج عن الأصول لجهة التعسف في استعمال الحق ولجهة ضرب قاعدة سبق الادعاء وقوة القضية المحكمة، والا ما معنى التقدم بكل هذه المراجعات المكررة.

واشار الى ان حكومة الرئيس حسّان دياب أحالت وقبل إستقالتها، قضيّة إنفجار المرفأ على المجلس العدلي، عملاً بأحكام المادة/355/ من قانون الأصول الجزائية المعدّل. وسمّت وزيرة العدل بالإتّفاق مع مجلس القضاء الأعلى، القاضي فادي صوّان مُحقّقًا عدليًا في هذه الجريمة، سندًا لأحكام الفقرة الثانية من المادة/360/ من القانون ذاته.

وعن عودة العمل بالحصانات النيابية حكماً مع انعقاد مجلس النواب، اجاب جريج: المسألة ليست سهلة للاجابة بنعم او لا. من جهة المادة /40/ من الدستور تنُّص على أنّه لا يجوز في أثناء دَوْر الإنعقاد، إتّخاذ إجراءات جزائية نحو أي من أعضاء المجلس النيابي، أو إلقاء القبض عليه، إذا إقترف جُرمًا جزائيًا، إلاّ بإذن المجلس، ما خلا حالة التلّبُس بالجريمة.

ومن جهة ثانية المادة/97/ من النظام الداخلي لمجلس النوّاب تنُّص صراحةً على أنّه إذا لوحق النائب خارج دورة الإنعقاد، تستمّر الملاحقة في دورات الإنعقاد اللاحقة، من دون حاجة إلى طلب إذن المجلس. والتاريخ المقصود هو تاريخ الإدّعاء بحّق النائب شخصيًا تحريكًا للدعوى العامة. برأيي يجب الاستناد الى هذه المادة لأنها وضعت بعد المادة الدستورية وتفسيراً لها وإنفاذاً لأوجه تطبيق المادة ٤٠ من الدستور. واذا اعتبرنا ان المُحقق العدلي سبق وادعى على النوّاب تخصيصًا، ودعاهم للمثول أمامه بصفة مدّعى عليهم، يكون قد إدّعى عليهم شخصيّاً، وبالتالي يكون قد حرّك الدعوى العامة بحقهم. وبالتالي لا وجوب لاعادة طلب الاذن بالملاحقة من مجلس النواب بعد انعقاده عملاً بالمادة ٩٧ من النظام الداخلي لمجلس النوّاب.

لكن أعتقد ان أول ما سيفعله مجلس النواب فور انعقاده هو اتخاذه قراراً بوَقْف الملاحقات القضائية بحّق النوّاب طوال دَوْرة الإنعقاد اي عملياً لغاية ٣١ كانون الاول المقبل.

وشرح جريج انّ المشترع اللبناني أسوة بالمشرّع في الدول الاخرى خصّ الجرائم التي تمسّ امن الدولة الداخلي والخارجي بنصوص وأصول خاصة. واذا راجعنا المواد ٣٥٥ الى ٣٦٧ يتبيّن ان القانون أنشأ للنظر بهذه الجرائم محكمة خاصة استثنائية هي المجلس العدلي المؤلف من ٥ قضاة كلهم من التمييز وليس فقط من ٣ للدلالة على الأهمية وايضاً على العدالة كون احكام المجلس العدلي نهائية وغير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة.

اذاً المجلس العدلي صاحب اختصاص للنظر بناء على مرسوم احالة الجرم من الحكومة بالجنايات الواقعة على امن الدولة الخارجي اي الخيانة، التجسس، الصلات غير المشروعة بالعدو، الجرائم الماسة بالقانون الدولي مثل تعريض علاقات لبنان الدولية او انتهاك تدابير الحكومة بحيادها في حرب خارجية، والنيل من هيبة الدولة، وهذه الجرائم منصوص عنها بالمواد ٢٧٣ الى ٣٠٠ عقوبات. كما تحال على المجلس العدلي بمرسوم الجرائم الواقعة على امن الدولة الداخلي مثل الجنايات الواقعة على الدستور (عصيان مسلح، تغيير الدستور بانقلاب او بطرق غير مشروعة، سلخ مربعات عن سيادة الدولة، اغتصاب سلطة سياسية او مدنية او قيادة عسكرية، اثارة الفتنة والحرب الأهلية، الارهاب، استهداف الوحدة الوطنية او ايضاً النيل من مكانة الدولة المالية وهذه الجرائم ينص عليها قانون العقوبات بالمواد ٣٠١ الى ٣٢٠.

بحالة المرفأ نحن امام جريمة من هذا الصنف ومحالة على المجلس العدلي بموجب مرسوم واي تراجع يشكل مساساً بهيبة القضاء وخروجاً على النص القانوني.

وعن امكانية انهاء وظيفة المحقق العدلي، اجاب جريج بالنفي لأن المحقق العدلي كما المجلس العدلي كما المحكمة الخاصة بلبنان او المحكمة الخاصة بيوغوسلافيا السابقة او روندا هي من نوع المحاكم ad Hoc ، فالمحقق العدلي تنتهي مهمته بانتهاء التحقيق والمجلس العدلي تنتهي مهمته بصدور حكمه في قضية تفجير المرفأ وترتيب المسؤوليات ولفظ العقوبات.