حزب الله غير المُرتاح يوكل مهمة الردّ على الراعي لحلفائه

لا يزال نداء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حول حياد لبنان يُشكّل الطبق الرئيس على مائدة السياسة اليومية وبوصلة إتّجاه الزوّار الى الديمان.

وفي حين ادلت معظم القوى السياسية بدلوها ازاء نداء الحياد واضعةً نفسها في تصرّف الراعي من اجل توسيع رقعة المؤيّدين، بدا لافتاً صمت الثنائي الشيعي وعدم إعطائه موقفاً واضحاً وصريحاً تجاهه، ولو ان المفتي الجعفري الشيخ احمد قبلان "تكفّل" بإيصال الرسالة الشيعية الى من يعنيهم الامر بإشارته الى "ان المئة سنة الماضية لم تكن صحية للبنان واللبنانيين الذين كانوا يتوقون للبنان الوطن والدولة والمواطن، ولم ينفعنا في يوم من الأيام مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة، خصوصاً عندما كنا نقتل أمام عيونهم وعيونكم".

وفي الاطار، قالت اوساط سياسية مواكبة لنداء الراعي لـ"المركزية" "ان الثنائي الشيعي، لاسيما حزب الله لا يمكنه ان يسير بالحياد، لانه مرتبط "حتى العظم" في محور اقليمي تقوده ايران، ونقض "اعلان بعبدا" وسياسة النأي بالنفس كرمى لعيونه، وبالتالي من سابع المستحيلات ان يوافق على مشروع يُنهي مشروعه الاقليمي المرتبط بالجمهورية الاسلامية".

وإنطلاقاً من ذلك، وخشية الدخول في مواجهة مسيحية سنّية من جهة وشيعية من جهة اخرى، وتحاشي الصدامات الداخلية نتيجة ذلك يحاول الثنائي كما اشارت الاوساط الابتعاد عن السجال وعدم اتّخاذ موقف من نداء الراعي ما دامت مواقف كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسّان دياب ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل واضحة لجهة "الرفض الدبلوماسي والمهذّب" باللجوء الى ضرورة تأمين الاجماع الوطني حوله من خلال حوار داخلي والحرص على الوحدة الوطنية والابتعاد عن كل ما يعزز الانقسام والانشقاق بين اللبنانيين وتجنّب ارتفاع منسوب الخلافات الطائفية".

وفي الاطار، اعتبرت الاوساط "ان حزب الله في وضعية لا يُحسد عليها محلياً واقليمياً ودولياً، لذلك "استعان" ببعض حلفائه للردّ على مبادرة الراعي، فلو كان الحزب في وضعية مريحة لكان تولى هو ادارة مسار الرفض للحياد، الا انه يخشى ان يفقد ورقة التين المسيحية التي تغطّيه عبر "تفاهم مار مخايل" بعدما تبين ان التيار بات محرجاً داخل بيئته بسبب تمادي حزب الله وعدم الالتزام ببنود التفاهم، لاسيما بند قيام الدولة واخذ كل ما يناسبه منها وترك ما لايناسبه او يزعجه". 

ومع ان معلومات تحدّثت عن عدم "رضى" البطريرك الراعي على مواقف الرئيسين عون ودياب والنائب باسيل مع اصراره على المضي بالحياد حتى النهاية وحشد الدعم الداخلي والخارجي له، لفتت الاوساط السياسية المواكبة لنداء الراعي الى "ان قوى الثامن من آذار ستواصل هي الاخرى سياسة "إفراغ" الحياد من مضمونه بملعقة الحوار والتوافق الوطني، ليُصبح مصيره كمصير اعلان بعبدا والنأي بالنفس، حيث باتا حبراً على ورق، مع العلم ان الاخيرين خرجا من رحم اجماع وطني تمثّل بطاولة الحوار في عهد الرئيس ميشال سليمان (اعلان بعبدا) والبيان الوزاري لحكومات الوحدة الوطنية التي تتمثّل فيها كل الاطراف (النأي بالنفس)، ومع ذلك لم يحترم حزب الله توقيعه وموافقته عليهما داعياً الى "بلّهما وشرب زومهما".

وفي قراءتها لابعاد رفض حزب الله (المتوقّع) لحياد لبنان، اعتبرت الاوساط "انه ليس في مرحلة تقديم تنازلات (الحياد) بهذا الحجم قبل صدور نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية في الخريف المقبل وإتّضاح مسار الضغط الاميركي والغربي والعربي عليه، وبالتالي فإن موقفه من نداء الراعي سيُحدده بعد هذه الاستحقاقات بالاضافة الى نتائج الزيارة المُرتقبة للراعي الى الفاتيكان والولايات المتحدة في الخريف ايضاً".

هذا الانتظار لنتائج استحقاقات خارجية وضعته الاوساط في خانة "الرهان" الايراني على خسارة دونالد ترامب في الانتخابات وفوز المرشح الجمهوري جو بايدن، وهو ما سيُريحها في المفاوضات المنتظرة، لاسيما وان ترامب يتمسّك بتنفيذ النقاط الـ12 التي وضعها كاساس للتفاوض قبل الانتخابات والتي تصبّ جميعها في سياق إعادة الجمهورية الاسلامية الى حدودها الطبيعية وإنهاء نفوذها في المنطقة".