المصدر: الانباء الكويتية
الخميس 24 تموز 2025 00:59:51
اليوم الثالث والأخير لزيارة الموفد الأميركي توماس باراك الى بيروت استهله من الصرح البطريركي في بكركي، حيث التقى، ترافقه السفيرة ليزا جونسون، البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي.
وقال الموفد الأميركي: «الجميع يحاول كل ما في وسعه لتسوية الأمور في لبنان، الا أن الأمور معقدة بالنسبة للقادة اللبنانيين كما بالنسبة للجميع، وآمل أن يستمر التواصل وأتفهم الصعوبات والتعقيدات».
وردا على سؤال عما اذا كان سيعود الى لبنان، أجاب: «طبعا سأعود الى لبنان ورئيس مجلس النواب نبيه بري يقوم ما بوسعه على رغم تعقيد الأمور، وما نقوم به هو مسار وليس حدثا».
وأضاف: «على الحكومة أن تقرر ما الذي تريده، يمكن أن نقدم الأمل والمال والدعم لأن الخليج والعالم معنا، نحاول أن نكون الوسيط الصريح لمعالجة التوترات وهناك مشاكل تمنع التطبيق الكامل لاتفاق وقف النار، ووجهات النظر لتفسير ذلك متعددة في هذا المجال، اذا لم يكن هناك استقرار في لبنان، لن يأتي أحد لمساعدتكم». وتابع باراك: «أنا متفائل ولست سلبيا، كما قلت هذا مسار مؤلف من حلقات مترابطة وهي تتطلب وقتا وصبرا وتفهما».
وردا على سؤال عن التالي والمرتقب، أجاب: «الاستمرار في حلحلة الأمور والاستمرار في الحوار مع أولئك الذين ليسوا على الطاولة».
وعما اذا كان الرئيس بري قدم مقترحات يمكن البناء عليها، رد الموفد الأميركي: «نعم، ما أريد قوله هو ان الرئيس بري يقوم بأفضل ما يمكنه فعله لحلحلة الأمور المعقدة جدا في الجنوب ومع حزب الله والشيعة ومعهم جميعهم».
وعما اذا كان الاستقرار الذي يتحدث عنه يعني تجريد «حزب الله» من سلاحه، قال: «لديكم دستور يقول انه يجب ألا تكون هناك ميليشيات بما فيها حزب الله، وان لديكم حكومة واحدة وجيشا واحدا».
وعن وضع جداول زمنية محددة، قال باراك: «المواعيد المحددة لم تنجح. كانت لديكم ثلاثة اتفاقات مع جداول زمنية لكنها لم تنجح. لذا بدلا من المواعيد، حين يجري الحديث عن نزع سلاح، الأمر الأهم بالنسبة إلي ليس نزع السلاح، وإنما الطرف الذي لديه النية بامتلاك السلاح».
وختم قائلا: «يمكن للحوار ان يستمر من دون خسائر في الأرواح».
باختصار، أعاد الموفد الأميركي خلط الأوراق من جديد، ممسكا العصا من الوسط، بين رفض إعطاء أي ضمانات من قبل الولايات المتحدة والقول من جهة أخرى ان أميركا لن تتخلى عن لبنان ولا حرب على هذا البلد.
وتوقفت مصادر نيابية عند الرسائل التي وجهها والقابلة للتأويل والتفسير. فمع تأكيده أن الحرب لن تقع، الا انه أشار الى أن الديبلوماسية هي الخطوة التي تسبق الحرب، وفشل الاتصالات يذهب بالبلد الى المجهول.
واذا كان الاجتماع المطول مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أعطى مساحة تفاؤل عبر عنها باراك لجهة إعادة تصويب مسار الأمور، فقد أفادت مصادر مقربة من رئيس المجلس لـ «الأنباء» بأن باراك تلقى تأكيدات من بري بأن موضوع السلاح سيتم جمعه وبسط سلطة الدولة القوية الواحدة في نهاية المطاف، غير أن الأمور تبقى مرهونة بخواتيمها، ولاتزال واشنطن تتمسك بالمهل، وهي لاتزال كافية للتوصل الى حل، وان كانت تضيق تدريجيا، خصوصا أن جولة المحادثات للموفد الأميركي، أكدت حرص الدولة اللبنانية بكل مكوناتها على التمسك باتفاق وقف إطلاق النار وسحب السلاح من المنظمات كلها كمدخل لقيام الدولة الفعلية.
وأشارت المصادر الى أن الموفد الأميركي ركز على أمرين هما: سحب السلاح والإصلاح. في موضوع السلاح شدد على ان المقصود هو السلاح الثقيل وهناك تقدم في هذا الاتجاه، فيما السلاح الخفيف وهو موجود لدى كل القوى اللبنانية وهذا شأن تعالجه الحكومة بالتعاون مع الأطراف اللبنانيين جميعهم. وما يهم الجانب الأميركي السلاح الذي يهدد بإشعال الحرب مجددا بين لبنان وإسرائيل.
وفي موضوع الإصلاح، أثنى باراك على ما أنجزته الحكومة على مختلف الصعد بوضع قوانين جديدة مطلوبة محليا ودوليا. ويبقى موضوع المصارف الذي يشكل حجر الزاوية بالنسبة الى الدول الغربية كونه يضبط حركة الأموال ويمنع تبييضها، ويجفف مصادر التمويل لجميع القوى غير الشرعية على الأرض اللبنانية. وقد تلقى باراك وعودا جادة في هذا المجال، وفيها أن مشروع إصلاح المصارف اقترب من الوصول الى الهيئة العامة للمجلس النيابي لإقراره بالتشاور مع صندوق النقد الدولي والتنسيق معه.
وفي السياق عينه، عبر مصدر حكومي لـ «الأنباء» عن انزعاجه وامتعاضه من عدم التوصل الى اتفاق نهائي حتى الآن مع المبعوث الأميركي خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين. وقال: «المفاوضات التي جرت لم تثمر أي نتيجة إيجابية كانت أو سلبية. ولاتزال المباحثات جارية وهناك خشية من تضييع الوقت، خصوصا ان الفرصة متاحة، وإضاعتها جريمة. والتصلب في المواقف هو سيد المشهد، ما يعني أن الوضع الأمني سيبقى على حاله بضربات عدوانية إسرائيلية خاطفة تستهدف لبنان واللبنانيين، وهذا مؤشر غير مطمئن».
وتابع المصدر الحكومي: «لاتزال هناك فسحة أمل وتفاؤل ضئيل للوصول الى وقف إطلاق النار واستمرار المباحثات الدولية لعدم توسع العدوان الاسرائيلي على لبنان. وزيارة الرئيس نواف سلام الى فرنسا واجتماعه مع الرئيس ايمانويل ماكرون لا علاقة لهما بما يجري من مباحثات مع المبعوث الأميركي، على الرغم من ان المعلومات تشير الى أن البحث سيتطرق إليها بين الرجلين، ولكن دون التوصل الى أي نتيجة ملموسة على الرغم من ان فرنسا تسعى جاهدة كي لا يتطور الوضع في لبنان الى الانفجار».
ويعود موضوع القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان الى الواجهة وبقوة مع اقتراب موعد التجديد لها. وسيشكل محور المحادثات التي يجريها رئيس الحكومة نواف سلام مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اليوم في «الإليزيه».