حنكش: لبنان لا يشبه "محور المقاومة" وليس منصة له ولصواريخه

تأسف عضو كتلة الكتائب النائب الياس حنكش على أن "لبنان ارتضى على نفسه منذ زمن طويل أن يكون صندوق بريد وبالتالي كل القوى المتصارعة في المنطقة تُرسل رسائل لبعضها البعض من خلال الداخل اللبناني والعكس صحيح فعندما يقع صراع في الخارج تنعكس تداعياته على الداخل وعلى المنظمات والأحزاب التابعة للخارج مثل تبعية حزب الله لإيران".

وأكدّ في حديث لقناة "السياسة" أن "كل ما يحصل اليوم في المنطقة له ارتدادات على لبنان، لأنه في قلب المعركة وفي عين العاصفة".

وقال: "كثُرت الوفود الدبلوماسية في الآونة الأخيرة، ولاحظنا أنه هناك مساع جدية لتخفيف أو توقيف الحرب الدائرة بين الجنوب اللبناني وشمال اسرائيل تناسب مصالح الدول وتشكّل منفعة مباشرة لها".

أضاف: "المشكلة أن هذه الدول لا سيّما الولايات المتحدة، لم تستطيع السيطرة على التعاطي مع شخص مجنون ومجرم اسمه نتنياهو،   ونحن في الوقت نفسه أعطينا لهم ذريعة عندما قرّر حزب الله مساندة غزة، علمًا أننا لن نلاحظ أي منفعة من هذه المساعدة."

وعن ما يحصل في غزة، رأى حنكش أنها أكبر جريمة في تاريخنا الحديث، وهجوم 7 أكتوبر لم يقدّم سوى ساعات قليلة من "الإنتصار" أو "النشوة" لحركة حماس في كسر "هالة" اسرائيل، وبعدها ما كان سوى "حمام دم"، قائلًا: "من خلال ذلك، نلاحظ حكمة "الحكام"  وبعد نظرهم".

واشار حنكش الى أن "إيران  لها أذرعها في المنطقة، بدءً من اليمن والعراق وسوريا ولبنان، والأكيد أن "اغلى" ورقة استثمرت بها هي "حزب الله"".

وتساءل: "التفاوض قائم على الصعيد الدولي،  فهل ستُطرح ورقة حزب الله على طاولة التفاوض أو هل سيلتزم حزب الله بقواعد الإشتباك وهل سينعكس ذلك على الداخل اللبناني؟"

وقال: "حزب الله لم يستخدم قوّته الذي كان يهدّد بها اللبنانيين إلا بطريقة محدودة".

أضاف: "الدول لا تراع مشاعر أحد لكن علينا نحن كمناضلين وسياديين أن نكون سدّ منيع في وجه اي تلزيم أو استثمار داخلي لما حصل في الجنوب".

واعتبر أنه "في السابق لا سيما بعد حرب تموز 2006، كان هناك لهفة عربية لمساندة لبنان وإعادة إعماره، وكان لا يزال محط إهتمام لهذه الدول، ولكن اليوم وجراء سياسات خارجية "عوجة" وضعت أقرب الأصدقاء التاريخيين بمواجهة لبنان".

وقال: "ستنتهي الحرب في يوم ما، وسيأتي "اليوم التالي"، وسنعود الى الجنوب ونرى الأهالي مشردين من منازلهم ولا يملكون الحد الأدنى من البنى التحتية، فمن المسؤول ومن سيساعد ويعيد إعمار المنازل المهدّمة؟"

أضاف: "من قرر الدخول في هذه الحرب ومن عرّض اللبنانيين الى القتل والدمار، عليه أن يتحمّل  المسؤولية؟"

تابع: "الخطر الأكبر في لبنان هو التغيير الثقافي الإجتماعي في لبنان وإدخال ثقافات لا تشبه لبنان ولا هويته ولا تمثّل تطلعات شعبه وذلك سببه العوز والقهر والدمار، بالتالي من هو بحاجة الى إعادة إعمار منزله لن يهمّه هوية المساعد ما يقابله من ولاء ووفاء له".

وشدّد حنكش على أنه "لا يحق لحزب الله احتكار قرار الحرب، فالدولة من المفروض أنها قائمة وهي وحدها تملك هذه الصلاحية، والجيش اللبناني هو وحده من يحمينا، والخطر بالإنزلاق بحرب شاملة موجود، بالتالي لا أحد كلّف حزب الله بخوض هذه الحرب".

وقال: " لو فعلياً كان الهدف مساندة غزة أو إلهاء الجيش الإسرائيلي لكانت المعركة مختلفة، واليوم هناك أكثر من 30 ألف ضحية ومليوني مُهجّر إلى رفح ناهيك عن الدمار الشامل الحاصل، وبالتالي وحدة الساحات التي يتحدثون عنها ليست إلّا بدعة لم تجلب إلّا الدمار".

أضاف: " هناك دول خارجية لم تُصنّف حزب الله منظمة إرهابية لكن هناك دول أخرى صنّفته مثل ألمانيا، وبالتالي حزب الله يخطف قرار الدولة ويحاول فرض سياسته بقوة السلاح وهو يُرهب اللبنانيين".

 

ورأى حنكش أن "العميل هو من يعمل سرّاً أو علناً لدولة غير دولته، واليوم عندما يقول أمين عام حزب الله أن ماله ودعمه من ايران وأنه جندي في ولاية الفقيه يكون قد صنّف نفسه ضمن خانة العملاء، وأنا عضو في حزب قدّم خيرة شبابه شهداء للحفاظ على لبنان ولا أدّعي أننا الحزب الوحيد الذي دافع عن لبنان، ولكن لا يمكن لأي أحد أن يفرض علينا سياسته ونمط عيشه المختلفة عن حياتنا اللبنانية".

ولفت الى أنه "عند بداية الحرب في لبنان في سبعينيات القرن الماضي لم يكن هناك إلّا عدد محدود من الشباب الذين لبّوا نداء الدفاع بوجه المؤامرة الخارجية، وسُخّفوا لأنهم قرروا مواجهة الإحتلال الفلسطيني الذي كان يتمتع بغطاء دولي، ولكن بعد عدّة أعوام خرجت منظمة التحرير وبقي لبنان، وبعدها بدأ تجمّع صغير من بعض الشباب الرافضين للإحتلال السوري في لبنان ومع الوقت كبرت كرة الثلج وصولاً إلى ثورة الأرز في 14 آذار وبالتالي الإيمان بالحرية ينتج عنه التقاء مع المجتمع الدولي وصولاً إلى التحرر".

واعتبر أنه "بمرحلة دقيقة من تاريخ لبنان، الفراغ الذي نتج عن الإغتيالات التي حصلت، سمح بتعاظم قوّة حزب الله وصولاً إلى سيطرته على مكامن الدولة اللبنانية، وشهداؤنا قتلوا عمداً من أجل إفساح المجال لمكونات من أجل السيطرة على قرار البلد".

وقال: "دائماً عندما يربح حزب الله يخسر الشعب اللبناني، وعلينا جميعاً أن نربح من أجل أن يربح لبنان، واليوم نحن عند مفترق طرق مصيري، وعند نهاية هذه الحرب علينا أن نقول على كل اللبنانيين أن يجتمعوا لبناء هذا البلد الذي يعكس تطلعاتنا ويحاكي طموحات شبابنا، ولكن إذا قرر حزب الله الإستمرار بالطريقة التي يتعاطى بها اليوم، من خلال الفصل وبناء دويلة موازية للدولة وجيش بديل في ولاية الفقيه، الأمر الذي نرفضه بشكلٍ قاطع أقلّه ككتلة ضمن المعارضة تمثل شريحة من اللبنانيين، ونرفض معاداة الدول الصديقة للبنان التي من خلالها نصرف إنتاجنا، وهذه الأمور يرفضها الشعب اللبناني، وبالتالي لبنان لا يشبه "محور المقاومة" وليس منصة لهذا المحور ولصواريخ بل نريد لبنان منصّةً للتطور والإنفتاح".

أضاف حنكش: "يتم تخويننا ككتائبيين من قبل فريق الممانعة، والهجوم على رئيس الحزب هو هجوم علينا شخصياً وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الفريق الأوسع في المعارضة، ولكن اليوم هذه الإتهامات هي سطحية وسخيفة، إن هاجمونا أو اغتالونا أو لم يفعلوا، لأن هذه الحملات ستؤدي إلى مكانٍ واحد أي أن هناك شعب يريد إكمال حياته بشكلٍ كريم وطبيعي، ومع هذا الشعب المؤمن بوطنه يمكننا إعادة لبنان إلى مكانته بين دول العالم".

واعتبر أنه "حزب الكتائب يعود إلى "عزّه" عندما يعود لبنان إلى "عزّه" ولا يهم عدد النواب في الكتلة البرلمانية، والكتائب ندر نفسه لخدمة لبنان وإنقاذه والدفاع عن القضية اللبنانية منذ قرن من الزمن".

ورأى أن "التعددية في المجتمع المسيحي هي عنصر غنى، أمّا اليوم يجوب التوافق على الإستراتيجية بظلّ هذه المرحلة الدقيقة، وأدعو اليوم كل المكونات المسيحية من القوات إلى التيار وصولاً إلى تيار المردة إذا أمكن للحفاظ على القاسم المشترك بيننا الذي نتقاطع من خلاله مع شركائنا من كافة الطوائف، لأنه لا يجوز أن نكون متخاصمين لهذه الدرجة وعلينا أن نجتمع لنتحاور لأن وضع البلد اليوم أشبه بمركبة قيد الغرق وهناك من يتنافس على الجلوس في المقدمة، لكن اليوم يجب إنقاذ هذا المركب ومن بعدها الإحتكام إلى المنافسة الديمقراطية الطبيعية".

وعن رئاسة الجمهورية، لفت حنكش الى أنه "في آخر جلسة من الإنتخابات الرئاسية استطعنا حصد 60 صوتاً لمرشحنا مع الصوت الذي قرّر "الشباب" عدم احتسابه، واليوم على الكتل حصد العدد الأكبر من الأصوات من أجل إيصال مرشحها إلى رئاسة الجمهورية من ضمنها أصوات التيار الوطني الحر، وتقاطعنا كمعارضة حينها مع التيار على مرشح وسطي وليس من فريقنا من أجل سدّ فجوة الفراغ الرئاسي، أمّا بالنسبة لمواقف الرئيس عون الأخيرة فكنت قد سألت إن كانت هذه مواقف نهائية من سلاح حزب الله ووجوب حصر السلاح بيد الدولة، وإن كانت بالفع نهائية فيجب البناء على ذلك".

وأكد أن " الرئيس الذي نريد انتخابه اليوم هو رئيس قادر على طرح المواضيع الإشكالية حول حزب الله وسلاحه الخارج عن الدولة ودويلته من أجل الوصول إلى حلّ، رئيس قادر إلى إعادة لبنان إلى فضائه الديبلوماسي وإعادة العلاقات التاريخية مع الدول الصديقة، ورئيس قادر على معالجة الملفات الإصلاحية أبرزها الإقتصادية بالطريقة المناسبة لإعادة الإنتظام إلى لبنان، وهذه المواصفات هي الوحيدة التي نريد انتخابها".

وشدّد حنكش على أن " ما يهم اليوم هو معالجة ملف حزب الله الذي بات خطراً على الدولة اللبنانية، ويدنا ممدودة لكل الفرقاء الذين يريدون خوض المواجهة معنا من أجل إعادة الإنتظام إلى مؤسسات الدولة، ولكن إن قرر حزب الله غداً أن يجلس معنا بمساواة من دون سلاحه لبناء الدولة فلن يكون لدينا مشكلة معه، أمّا في المقلب الآخر فالتيار الوطني الحرّ هو من دق بابنا من أجل مواجهة مشروع حزب الله ولا يمكننا رفضه بل علينا أن نجتمع وأن نتحاور علّنا نصل إلى أي نتيجة لصالح لبنان".

وقال: " كل ما يقوم به حزب الله اليوم يجب أن يواجه بمشروعٍ معاكس، ومشروعنا ينص على إعادة لبنان إلى المنظومة الدولية، إعادة الثقة للبنانيين على الصعيد الإقتصادي لجلب الإستثمار، والقيام بإجراءات اقتصادية واضحة تتناسب مع طروحات صندوق النقد الدولي، ولا يمكن للبنان أن ينتظم اليوم إلّا إذا اندمج كل سلاح خارج عن سلطة الدولة تحت إمرتها".

وختم حنكش: "أفتخر بإنتمائي لحزب الكتائب الذي وضع مشروع عام 2009، طوّره بين عامي 2018 و2022 يعالج كل الأزمات التي يمرّ بها لبنان وصولاً إلى تأمين حياة كريمة للمواطن اللبناني".