ما سبق يقود إلى أمرين: الأول أن وزير المال، أو بالأحرى مرجعيته الرئيس نبيه بري، قرّر عدم الإفصاح عن أي تفصيل في هذا التقرير حتى لو كان الأمر عبارة عن نص غير موقّع من شركة التدقيق لرفع المسؤولية عن نفسها. وبالتالي يتحمّل خليل مسؤولية إخفاء نتائج أولية حول ما توصّل إليه التدقيق في حسابات مصرف لبنان وهو شريك حاكمه رياض سلامة كونه شغل سابقاً مدير العمليات المالية في المصرف. وخليل اليوم متهم بتبديد مليونين ونصف مليون دولار من أموال الناس لزوم تقرير حول تدقيق جنائي لن يُستخدم لكشف حقيقة المخطط الاحتيالي الذي أدّى إلى خسارة المودعين أموالهم، ولن يُستخدم لمحاسبة أي مرتكب. أما الثاني، فهو أن هيئة التشريع والاستشارات التي أبدت رأيها في مشروع عقد التدقيق الجنائي بين الدولة وشركة ألفاريز بتاريخ 7/7/2021، تتحمّل مسؤولية ما يجري حالياً من فوضى تصريحات وتفسيرات لبنود العقد، إذ إن الهيئة منحت موافقتها على السير بالمشروع وقبلت بإيراد بنود غير ملزمة للشركة ولا تنحاز بشكل واضح إلى مصلحة الدولة اللبنانية. وثمة مسؤولية رئيسية على رئيس الحكومة الصامت منذ صدور التقرير ولكنه «نطق» اول من أمس لينسف بنفسه سرية التقرير عبر القول انه «لم يجد فيه ما هو غير معلوم ومعروف. فبحسب ما شرح وزير المالية لا شيء غير المتعارف عليه مع شرح لما حصل وأسبابه وظروفه وتداعيات الهندسات المالية وغيرها من الخطوات»، ما يعني أنه اطلع عليه أو سمع عنه من وزير المال، أي الموظف السابق في مصرف لبنان، دون مشاركته في مجلس الوزراء. أما المسؤولية الأكبر فتقع على عاتق غالبية النواب الذين يفترض أن يمثلوا الشعب ولكنهم عند الجدّ يلتحقون بركاب مرجعياتهم. فقانون حق الوصول إلى المعلومات الصادر عن مجلس النواب يحدّد الاستثناءات والمستندات السرية التي لا يمكن الحصول عليها والتدقيق الجنائي ليس من بينها. كل ذلك لا يعفي القضاء أو النيابة العامة التمييزية من دورها الذي يخوّلها تجاوز مطبات العقد وعدم الالتزام به، طالما أن بنوده لا تعلو فوق القانون عندما يتوفر الدليل الجرمي على ما تقول مصادر قضائية ولأن هذا التقرير أساسي في الدعوى التي أقامتها الدولة اللبنانية ضد سلامة. فالقضاء مستقلّ عن الحكومة ويمكنه طلب الحصول على التقرير حتى ولو بالقوة خدمة للصالح العام.