رؤساء الحكومات السابقون: لن تكون عروس الثورة حقل رماية لقناصي السياسات الغدارة

عقد رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، سعد الحريري، وتمام سلام صباح اليوم اجتماعاً عبر تقنية الفيديو، تمّ خلاله التداول في الأوضاع الراهنة في البلاد من مختلف جوانبها وعلى وجه التحديد ما شهدته وتشهده مدينة طرابلس الأبيّة، وبالتحديد ما جرى ليل أمس.

وفي نهاية الاجتماع صدر البيان التالي نصه:
يتوجّه المجتمعون بالتعزية الحارة إلى عائلة الشهيد عمر طيبة، وبالدعاء بالشفاء للجرحى الأبرياء، الذين سقطوا نتيجة الاشتباكات والأحداث المؤسفة التي شهدتها بعض شوارع المدينة من احتجاجات شعبية مفهومة ومعلومة من أبناء المدينة الذين يعانون الوجع جراء الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب والمؤلم، والذي تفاقم بفعل اجراءات الاقفال والحجر لمواجهة انتشار جائحة كورونا، والتي كان من المفترض أن تبادر الدولة إلى التعويض على العائلات المحتاجة والأكثر فقراً في المدينة، والتي بقي الحديث عنها كلاماً في الهواء.
لقد أصبح واضحاً للجميع أنّ التحركات الشبابية والشعبية العفوية التي شهدتها شوارع المدينة جاء من يتربص بها من الحاقدين والمأجورين الذين يستهدفون المدينة وأهلها الأفاضل عبر استغلال غضب الناس وأوضاعهم المعيشية الصعبة لإشعال الفتنة والإيقاع بين أهل المدينة الصابرة، وكذلك بينهم وبين مؤسسات الدولة وأجهزتها، والتي تقاعست ولم تبادر إلى التصدّي لأولئك المخرّبين المندسّين في صفوف المتظاهرين من أبناء المدينة المحتجّين على تردّي الأوضاع المعيشية.
إنّ الأيادي الخبيثة التي عملت على تأجيج وغضّ النظر عن أعمال الشغب والاعتداءات المدبرة باتت معروفة للقاصي والداني وليست بخافية على أحد، خصوصاً عندما أقدم أولئك المخرّبون على الاعتداء وإشعال النيران في المؤسسات الرسمية والبلدية على مرأى من أعين وحدات الجيش. ويأتي فوق ذلك كلّه من أقدم على منع أجهزة الإطفاء وعطل أعمال الاغاثة والإنقاذ بشكل مريب وإجرامي لتظلّ النيران مشتعلةً في المبنى التاريخي لبلدية طرابلس. علماً أنّ أغلب من ارتكب تلك الأعمال المستنكرة معروف ومرصود من الأجهزة المخابراتية والأمنية المختصة، بالأسماء والهوية.
إنّ طرابلس التي طال أمد إهمالها وتهميشها ليست ولن تكون بؤرة لأصحاب المشاريع المجرمة والفاسدة، الذين يحاولون تجريد طرابلس من رونقها الوطني وتشويه سيرتها وإلصاق صفة الإرهاب والفوضى بها وزعزعة أعمدتها المتمثلة بقواها الثقافية والاجتماعية والنقابية.
كما أنّ طرابلس التي استحقّت لقب “عروس الثورة” في الشمال لن تكون حقل رماية لقناصي السياسات الغدارة.
كما أنها لن تكون مغلولة الأيدي حيال استهداف عنفي مجرم، ظاهره اجتماعي وباطنه سياسي فاقع يعطل تأليف الحكومة ويسترهن طرابلس من ضمن استرهان الدولة لتفريغها من مقوماتها ولتقزيم دورها وإسقاطها.
كذلك، فإنّ طرابلس لن تكون صندوق بريد لتبادل الرسائل التخريبية. ولذلك يهمّ الرؤساء التأكيد على الآتي:
أولاً: استنكار وإدانة كل أعمال الاعتداء الذي تعرّضت له المؤسسات والأجهزة العسكرية في المدينة.
ثانياً: مطالبة الأجهزة الرسمية والعسكرية بملاحقة جميع الذين قاموا بالاعتداء المتكرّر على السراي الحكومي وإشعال النيران في مبنى البلدية، ومحاولة إحراق مكاتب المحاكم الشرعية في المدينة من أجل حرق تاريخ المدينة بإحراق سجلاتها، ومحاولة اقتحام جامعة العزم.
لذلك يطالب رؤساء الحكومة السابقون بالقبض على جميع المجرمين وسوقهم إلى العدالة لإنزال أشدّ العقوبات بحقهم.
ثالثاً: مطالبة الإدارات الحكومية المختصة بضرورة المسارعة إلى بلسمة الجراح والبدء بتقديم المساعدات للعائلات الأكثر فقرا، وذلك على الأسس التي أعلنت عنها الحكومة، ولم تبادر حتى الآن إلى البدء بتنفيذها في مدينة طرابلس التي هي الأشدّ حاجة وفقراً في كل لبنان.
رابعاً: يؤكد المجتمعون على تمسكهم بأحكام الدستور وحماية العيش المشترك، وهم يطالبون بأن يُسارع فخامة الرئيس ميشال عون إلى تسهيل تشكيل حكومة الإنقاذ من الاختصاصيين المستقلين الأكْفاء غير الحزبيين، بما يؤهلهم أن يكونوا أعضاء في حكومة منسجمة ومتضامنة تكون على قدر التحديات التي تواجهها البلاد، وبما يساعد على استعادة ثقة اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي بالدولة اللبنانية، وبما يؤدي إلى إيقاف الانهيارات، وبالتالي التمهيد إلى انتشال لبنان من الحفرة العميقة التي أصبح في داخلها.