سلاح أردوغان خطير وجيشه يفوق المليار... حروب سريّة!؟

تتكشّف تفاصيل التعاوُن والتنسيق التركي - الإيراني يوماً بعد يوم، على مستوى الدولة أو الأذرُع، ورعاية التنظيمات في الشرق الأوسط والعالم.

ففي تطوّرات مُلفِتَة، أكدت إيران أمس ما تمّ تناقله عن خطف أجهزة الأمن والإستخبارات الإيرانية الرئيس السابق لـ"حركة النضال العربي لتحرير الأهواز" حبيب الكعبي (معروف بإسم حبيب أسيود)، الذي يحمل الجنسية السويدية. وهو حادث يُمكنه أن يتّخذ طابعاً نزاعياً دولياً، ولا سيّما بين أوروبا وتركيا، خصوصاً إذا حُكِم على القيادي الأهوازي بالإعدام. فهو اعتُقِلَ في اسطنبول بعدما تمّ استدراجه الى تركيا، العضو في "الناتو، بعملية احتيالية قطرية (قطر حليفة للأميركيين)، وسُلِّمَ الى طهران.

 

حرب سريّة

وتكشف هذه العملية الإستخباراتية المعقّدة حَجْم التحالُف التركي - الإيراني - القطري، وتطرح أسئلة كثيرة حول آفاقه وقدراته ومستقبله، لا سيّما أن تسليم أسيود جرى بحسب معلومات إستخباراتية إيرانية عبر منفذ محافظة أذربيجان الغربية في شمال غرب إيران، وذلك مقابل تسليم طهران ثلاثة من قادة حزب "العمال الكردستاني" الى أنقرة.

فضلاً عن أن "عملية أسيود" تشكّل الخَرْق الرابع في سلسلة الحروب الإستخباراتية السرية بين الغرب وأذرُع إيران، التي اختطفت قبل مدّة شخصيات أخرى مطلوبة إيرانياً. وتمّت بعض تلك العمليات في العراق، وبمساعدة من تركيا، بحسب معلومات إستخباراتية.

 

الحضن الروسي

أوضح الخبير الاستراتيجي الدكتور سامي نادر أن "تركيا تنسّق مع إيران سياسياً واقتصادياً، وليس على المستوى الإستخباراتي فقط. والأميركيون والأوروبيون يتعاملون مع أمر واقع موجود، وهو أن إيران تنجو من العقوبات جزئياً، من خلال البوابة التركية".

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "تركيا تتصرّف كقوّة إقليمية، وليس كعضو في "الناتو". ولذلك، لا مشكلة لديها بشراء صواريخ "إس 400" الروسية، وتنفيذ تجارب عليها، رغم التهديدات الأميركية بفرض عقوبات عليها. ولكن قد لا تُفرَض تلك العقوبات على أنقرة، وقد تثبت لعبة الفأر والهرّ الغربية - التركية على حالها في المرحلة الحالية، منعاً لرمي أنقرة في الحضن الروسي بالكامل".

وأكد أنه "بحسب العقيدة الدفاعية للولايات المتحدة، فإن خصمَي ومنافسَي واشنطن هما الصين وروسيا، وليس تركيا. وبالتالي، معاقبة أنقرة ووضعها نتيجة لذلك في الحضن الروسي، يعني تسجيل انتصار كبير للخصم، وهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وضربة كبيرة جدّاً لأوروبا، إذ إن أي تحالف روسي - تركي يُمكنه أن يتمدّد مستقبلاً، بتداعيات كبيرة ومختلفة".

 

تجييش المسلمين

وأشار نادر الى أن "الصراع مُحتدِم حالياً بين الفرنسيين واليونانيين من جهة، والأتراك من جهة أخرى، وهو كاد يُترجَم منذ مدّة الى نزاع عسكري بين قوى تنتمي كلّها الى حلف "الناتو". وهو ما يطرح أسئلة حول المشروعيّة المستقبلية لمنظومة قامت بعد الحرب العالمية الثانية".

وشدّد نادر على أنه "لو كان طَرْد تركيا من "حلف شمال الأطلسي" سهلاً، لكان نفّذه الأميركيون منذ وقت طويل. ولكن تركيا دولة محورية، وهي بقيت خلال نصف قرن تقريباً الذراع التي تواجه الخطر السوفياتي. وأهميّتها تكمُن في أنها متّصلة بأوروبا وآسيا، وبأنها تقع على المياه الدافئة، وتشكّل ممرّاً بين الشرق والغرب، بالإضافة الى دورها الديني. وهنا نتحدّث عن قدرة تركيا على تجييش المسلمين، وهو ما يمكّنها من تأجيج الصّراعات أحياناً، ومن إرساء عوامل الإستقرار أحياناً أخرى".

 

وسيلة للتوسُّع

وحذّر نادر "من عامل مهمّ وخطير جدّاً، يعيدنا الى القرن التاسع عشر، وهو استعمال الدِّيْن كوسيلة جيو - استراتيجية للتمدُّد، وللسياسة الخارجية".

وشرح:"الدّعم التركي للتنظيمات الإسلامية في العالم العربي، والدّخول في حرب ناغورني كاراباخ بأبعاد دينية، وإقحام أنقرة نفسها في السياسة الداخلية لفرنسا، وتحديد ما يحقّ لباريس أو ما لا يحقّ لها أن تفعله على مستوى السّماح برسوم كاريكاتورية أو لا، كلّها ممارسات تُعيدنا الى استعمال الدِّيْن كوسيلة للتوسُّع".

وختم:"لهذا كلّه تداعيات كثيرة، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أن عدد المسلمين في العالم يفوق المليار نسمة بكثير، وهو ما يجعل الغرب يقوم بكامل مجهوده لعَدَم كَسْر الجرّة مع الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، الذي يتلاعب في تلك الملاعب، على حافّة الهاوية، وبطُرُق أخرى غيرها".