سوريا تفاوض على المستقبل والحزب مهتمّ بصخرة الروشة!

فيما تسارع سوريا إلى التفاوض مع إسرائيل على اتفاق أمني متقدّم يهدف إلى أن يكون بديلاً من اتفاق فضّ الاشتباك المعقود بين البلدين عام 1974، لا يزال لبنان أسير دوامة "الجدل البيزنطي" حول السلاح أولاً أم الانسحاب الإسرائيلي ووقف الضربات وإعادة إعمار القرى والبلدات المدمرة أولاً! وفي التفاصيل التي رشحت حول المفاوضات السورية - الإسرائيلية التي تشير معلومات إلى أنها جارية على قدم وساق في العاصمة الأذرية باكو، إن الاتفاق في الوقت الحاضر يقتصر على الجانب الأمني، فيما يُترك الجانب السياسي لمرحلة لاحقة إذا نجحت إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، ولبّ الموضوع إقامة منطقة منزوعة السلاح ونطاق حظر جوّي للطيران السوري، وتمتد المنطقة من جنوب العاصمة السورية دمشق إلى حدود الجولان المحتل. ولن يُسمح إلا لقوات الأمن والشرطة بالانتشار فيها! ويتزامن التفاوض في باكو مع الاتفاق الأولي الذي شهدته مع اتفاق ثلاثي أولي تم بين السلطات السورية والأردن والولايات المتحدة يُفترض أن يشكل أساساً لحل أزمة السويداء وشكل العلاقة بينها وبين السلطة المركزية في دمشق.

في لبنان جدال عقيم بمناسبة الذكرى الأولى لانطلاق حرب الـ66 يوماً بين "حزب الله" وإسرائيل، والمشكلة تكمن في دعوة "حزب الله" إلى إقامة فعاليات خاصة به في قلب بيروت المتنوّعة، بدءاً من الحديث عن إنارة صخرة الروشة بصورتي الأمينين العامين السابقين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفيّ الدين، فضلاً عن تنظيم مسيرة على الواجهة البحرية وكورنيش بيروت لضحايا "هجوم البيجر". وأخيراً وليس آخراً تنظيم فعالية شعبية واسعة في مدينة كميل شمعون الرياضية! وأساس البلبلة أن بيروت متنوّعة، وجزء كبير من أهلها يرفضون ربط العاصمة بمظاهر احتفالية خاصة بـ"حزب الله". والحال أن الاعتراض على هذه الفعاليات التي كان يمكن أن تحصل في الضاحية الجنوبية للعاصمة، يتمركز في الأوساط السنية التي ترافق طغيان شعائر ومظاهر ترمز إلى التنظيم وقادته، حتى لو أنهم سقطوا بمواجهة إسرائيل. وليس سراً أن سجل الحزب المذكور سلبي جداً مع الطائفة السنية وأيضاً مع بقية المكونات الطائفية اللبنانية. والتعاطف شبه مفقود من القلوب التي لطالما عانت من هيمنة الحزب واستخدامه العنف ضدها، وصولاً إلى اغتيال قادة كبار من البيئات الأخرى (دون نسيان اغتيال قادة رأي كبار مثل لقمان سليم). فبيروت على الرغم من الجهد المنهجي لتغيير هويتها التاريخية لا يزال مكونها الطائفي الأول يعتبرها مدينة شهيد الاستقلال رفيق الحريري الذي اغتيل في شوارعها على يد عناصر تابعين للحزب المذكور في 14شباط 2005. ومن هنا أصل الموقف السلبي من أهالي بيروت وممثليها في مجلس النواب الرافض وسم مدينتهم برموز غزاة المدينة في 7 أيار 2008، فضلاً عن قتلة رفيق الحريري ورفاقه.

من المؤسف حقاً أن يبقى لبنان أسير هذه المعادلة حيث لا يزال السلاح غير الشرعي ناظماً للحياة العامة والخاصة. إن أفضل ما يمكن أن يفعله قادة "حزب الله" في هذه المرحلة هو أن "يخففوا" من استفزاز الآخرين.