عامان على انطلاق الثورة.. هنا المُعارضة الحقيقية!

خرج اللبنانيون منذ عامين لرفض نهج المنظومة الحاكمة، المنظومة عينها التي تحتضن مافيا أحزاب الفساد، وميليشيا أحزاب السلاح المُتفلّت وتؤمّن الغطاء بالقوّة للفاسدين. اتّحد اللبنانيون حينها بمعزل عن انتماءاتهم الطائفية وتوجّهاتهم الفكرية ووقفوا في ساحةِ الوطن في العاصمة بيروت مُطالبين برحيل الطبقة السياسية الحاكمة من أجل بناء وطن يجمع أبناءه، تحت سقف دولةٍ تُتيح المجال للمواطن بأن يحلم ويُحقّق نفسه بدلاً من التفكير بلقمة عيشه فقط. واجهت الثورة العديد من العقبات منذ انطلاقتها، فأحزاب المنظومة عملت على تعزيز التقوقع الطائفي للجم وحدة الشعب اللبناني الذي نفض عنه غبار أصنام السياسة التقليدية، الى تفشّي وباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت، إلّا أن الأحزاب والمجموعات المُعارضة لم تتوقف عن العمل من أجل التغيير، فامتحانها القادم سيكون في صناديق الإقتراع.

 

عضو المكتب السياسي الكتائبي المحامية جويل بو عبود أشارت الى أن الثورة ليست فقط كمية الناس الموجودة في الشارع، ففي العام 2005 كانت ثورة الأرز في 14 آذار عبارة عن يومٍ واحد من المطالبة بدحر الإحتلال السوري وهذا ما حصل، وقالت:" الثورة هي ثورة فكرية وذهنية على طريقة التعاطي والنهج السياسي المُتّبع وهذا أكبر إنجاز قامت به، وتم كسر المُحرّمات بوجه السياسيين وتأليههم، وبالأخص بوجه حزب الله لأنه قبل 17 تشرين كان هناك حاجز خوف تجاهه وبعدها اندثر هذا الخوف وباتت الناس في مواجهته، وفي المقلب الآخر غدت الطبقة السياسية الحاكمة تحت مِجهر الناس ووسط المحاسبة والإنتقاد، والثورة الأكبر ستُتَرجم في صندوق الإنتخابات".

وعن الثورة والكتائب تحدّثت بو عبود لـkataeb.org وقالت:" الثورة بالنسبة لحزب الكتائب بدأت قبل 17 تشرين، وحينها كان تجدّد لهذه الثورة وهي عبارة عن عمل تراكمي على سنوات عدة، ونحن بدأنا بثورة داخلية في الحزب لتجديد نفسه وأدّت الى رفض طريقة التعاطي السياسي في البلد ورفض المشاركة بحكومات لا يمكن التغيير من خلالها واتّخذنا قرار الإنتقال الى المعارضة، وذلك بدأ عبر استقالة وزراء الكتائب من الحكومة بعد أن حاولنا التغيير من الداخل لكننا لم نصل الى نتيجة، وفي موضوع النفايات حاربنا توسيع مطمر برج حمود ودخل شبابنا المستشفيات الى أن قام القيّمون على البلد برمي النفايات بالشارع واتّهام الكتائب بخنق الناس، ووقفنا أيضاً بوجه مدّ خطوط التوتّر العالي بين المناطق السكنية، وفي ملفّ بواخر الكهرباء عارضنا استجرارها كون تكلفة استئجارها كانت أكبر من كلفة شرائها أي أن هناك صفقة، من بعدها أكملنا الثورة من داخل البرلمان بعدم انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية وهو مُرشّح حزب الله ولم ندخل بالتسوية ولم نُصوّت مع الموازنات الوهمية التي سرّعت في عملية الإنهيار، ولم نُصوّت مع قانون الانتخابات الذي أعطى الأكثرية لحزب الله وعارضنا سلسلة الرتب والرواتب لأنها لم تترافق مع الإصلاحات التي تم الوعد بها من قِبل المنظومة وتقدّمنا بطعن بقانون الضرائب أمام المجلس الدستوري لعدم المساس بجيوب المواطنين ومحاولةً مِنّا لحماية قدرتهم الشرائية. اذاً عند انطلاق الثورة يوم 17 تشرين 2019 كنا في موقعنا الطبيعي، وهذا التموضع كان امتداد لعملنا السياسي ومُعارضتنا ما بين 2015 وانطلاق الثورة".

أمّا عن إعادة الزخم الى الشارع بعد قيام أحزاب منظومة "المافيا والميليشيا" بتعزيز التقوقع الطائفي فأضافت:" علينا المُحافظة على لغة العقل وعدم الإنجرار الى الخطاب الطائفي خاصّةً أن حزب الله لا يستهدف طائفة مُعيّنة بل يستهدف كل لبناني يطالب ببسط سيادة الدولة على كافة الأراضي اللبنانية، ويواجه أيضاً كلّ لبناني يطالب بكشف الحقيقة في جريمة انفجار مرفأ بيروت، لذلك من أجل شدّ عصب طائفته يوجهه من وقتٍ لآخر الى عصبيات من طوائف أخرى، ودخول حزب الله الى عين الرمانة مؤخراً لا مُبرّر له سوى استفزاز المواطنين الموجودين في تلك المنطقة عبر شتم الناس وتكسير السيارات وأعمال التخريب، وبالتالي المعركة مع حزب الله ليست طائفية بل وطنية بوجه "جيش إيران في لبنان" كما يقولها علناً الحزب وبكل فخر، وهو يحاول نقل المواجهة الى الملعب الطائفي الذي يبرع فيه ولسوء حظه تبين أن هذا الملعب لا يمتلكه حزب الله وحده كما ذكر رئيس الكتائب وأن أي شارع في لبنان يوجد شارع بوجهه وهذا ما لا نريد الوصول اليه لكننا لا نستطيع القبول أن يفرض علينا أحد أمور تمس بكرامتنا ووجودنا كلبنانيين وليس فقط كمسيحيين، والحرية والسيادة هما قيمة مُهمّة لكل لبناني.

ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابية توجّهت بو عبود الى الرأي بالقول:" أولاً اذا استسلمنا ما هو البديل؟ واذا كان خيارنا ترك الوطن للمجموعات التي تحاول تغيير وجه لبنان بماذا نستفيد؟ وأنا من الأشخاص الذين لديهم خيار المُغادرة لأن زوجي فرنسي ويقطن في فرنسا، لكني قرّرت البقاء وهنا العديد على غراري، وأفهم الذين غادروا بسبب الأوضاع المادّية وغيرها وهؤلاء لديهم دور للقيام به بوجه المنظومة الحاكمة، وخيارنا بعدم المغادر اليوم هو لأننا نخاف أن نعود ولا نجد لبنان كما عرفناه وطناً، واذا لم نقم بخوض الانتخابات فإذاً هناك خيار عنفي كما حدث يوم أمس ولا أظنّ أن هذا الخيار المناسب ولا أحد يريد العنف لذلك الانتخابات هي المخرج السلمي المؤسساتي الوحيد.

وتابعت "نحن اخترنا المواجهة من أجل تغيير الأمر الواقع، وأحزاب المنظومة الحاكمة وصلوا الى الحكم لأن هناك شريحة من الناس اقترعت لصالحهم وسيبقى لديهم تمثيلهم الى حَدٍّ مُعيّن، لكن برأيي الرأي العام المُستقلّ هو الأكثرية في لبنان وليس الحزبيين، والتغيير سيكون بنسب متفاوتة لكن ذلك لا يمنع من حصول التغيير".

 

ومن جهته لفت مُنسّق مجموعة نبض الجنوب محمد عواضة الى أن ثورة 17 تشرين لا تزال مكانها في عقول الناس بشعاراتها وأهدافها، وخروجها من الشارع لا يُشير الى أنها انكفأت بل هي لا تزال حاضرة بمشروعها وطموحاتها الوطنية.

وفي حديثٍ لـkataeb.org قال عواضة:" نحن كمعارضين وثوريين في الجنوب، موجودون وننشط باتّجاه إعادة الوهج لثورة 17 تشرين لاستعادة الطرق السلمية التي توصلها إلى أهدافها عبر التعاطي مع الإستحقاقات الدستورية القادمة ألا وهي الانتخابات النيابية والانتخابات البلدية".

وتابع:" لا شكّ أن الثورة عانت من العديد من المحطات التي جعلتها تنكفئ على المستوى الداخلي وعلى مستوى نشاطها، لأن تبيانات ظهرت بالعناوين السياسية وبالأولويات، أي أن هناك مجموعات حدّدت توجهاتها عبر بسط سيادة الدولة على كافّة الأراضي اللبنانية، ومجموعاتٍ أخرى الأولوية بالنسبة لها هي الفساد ونهج المنظومة السياسية".

وأضاف:" مجموعة نبض الجنوب من أولوياتها السيادة لأن كل ما حصل من فساد وانهيار هو نتيجة لفقدان السيادة الوطنية، لذلك نحن نقوم بالإلتقاء مع المجموعات التي تتّبع مبدأ "السيادة أولاً" بطريقةٍ واضحة وشفافة.

وفي سياقٍ مُتّصل أكّد عواضة أن التعويل هو على ميزان قوى وطني يجب الوصول اليه عبر ثورة 17 تشرين، قادر على استعادة الدولة لسيادتها ومؤسساتها الدستورية والقانونية، والانتخابات النيابية هي محطّة في عملنا السياسي وهي مُهمّة لكنّها ليست آخر الطريق لأن العملية النظامية من أجل الوصول الى أهدافنا هي من خلال الإنتخابات وبعدها وسنبقى موجودين لاسترداد الدولة لعدم تكرار ما رأيناه يوم أمس من عنفٍ مرفوض.