عباس إلى بيروت في 21 أيار للحوار... والدولة تحذّر "حماس" من اللعب بالنار

عاد السلاح الفلسطيني إلى واجهة الاهتمام السياسي اللبناني في ظل خطة الدولة اللبنانية فرض سيادتها الكاملة على أراضيها، بما في ذلك المخيمات الفلسطينية، في أعقاب الحرب الإسرائيلية على لبنان، واتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، والتعهد  بحصرية السلاح بيد الدولة.

وقد ساهم عاملان في وضع الاتفاق على نار حامية: الأول، الزيارة المرتقبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان في 21 أيار الجاري، في إطار إطلاق حوار رسمي مع الدولة اللبنانية بشأن أوضاع المخيمات الإنسانية والمدنية والسلاح، وذلك استكمالاً للقاء سابق جمعه بالرئيس اللبناني جوزاف عون في آذار الماضي خلال القمة العربية في القاهرة.

 

وذكرت مصادر فلسطينية لـ "نداء الوطن"، أن الترتيبات الجارية بإشراف السفير أشرف دبور تهدف إلى ضمان نجاح الزيارة التي تركز على تثبيت الأمن والاستقرار في المخيمات، في ظل توافق لبناني– فلسطيني على معالجة ملف السلاح بالحوار والمسؤولية، دون اللجوء إلى القوة، مع احترام كرامة اللاجئين ورفض التوطين، والتأكيد على حق العودة.

وعلى وقع الزيارة، تدور في الأروقة الفلسطينية تساؤلات حول من يقود الحوار: هل سيكون الرئيس عباس وتحديداً منظمة التحرير الفلسطينية وحدها بصفتها المرجعية السياسية، أم أن هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، التي أُنشئت بمساعٍ من رئيس مجلس النواب نبيه بري وتضم جميع الفصائل بما فيها "حماس"، و"الجهاد الإسلامي" ستكون هي المحاور؟ أم أن الطرفين معاً سيشاركان في الحوار؟

 

العامل الثاني، وهو الوجود العسكري لحركة "حماس" والذي بات مصدر قلق للسلطات اللبنانية، بعدما بيّنت التحقيقات الأمنية والعسكرية مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ من الجنوب اللبناني على مستعمرات شمال إسرائيل، وهو ما اعتبره لبنان خطراً على الأمن القومي اللبناني، ما دفع مجلس الدفاع الأعلى أمس إلى توجيه تحذير شديد اللهجة إلى الحركة لعدم اللعب بالنار ووقف نشاطها العسكري (وغيرها من الفصائل الفلسطينية)، وإعلانه في الوقت نفسه إصراره على استكمال التحقيقات القضائية وتوقيف كل الذين شاركوا في إطلاق الصواريخ.

يُذكر أنه جرى إطلاق صواريخ مرتيّن: الأولى، من منطقة جنوب الليطاني (السبت في 22 آذار  2025)، حيث تم إطلاق 5 صواريخ، اعترضت إسرائيل ثلاثة منها، وسقط إثنان في الأراضي اللبنانية، والثانية، من شمال الليطاني، وتحديداً من منطقة قعقعية الجسر (الجمعة في 28 آذار  2025)، وقد اتخذت إسرائيل من إطلاقهما ذريعة لتصعيد عدوانها ضد لبنان عشية عيد الفطر المبارك.

وفيما تلتزم "حماس" في لبنان الصمت ولم تعلق بعد، أبلغت مصادر فلسطينية "نداء الوطن" أن قيادة الحركة المركزية تولي قضية لبنان اهتماماً كبيراً، وقد تواصل رئيسها في الخارج خالد مشعل مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وبحث معه في تفاصيل القضية، وأكد له الحرص على أمن واستقرار لبنان، وأن الحركة ستكون تحت سقف القانون واحترام سيادة لبنان.

وقرأت المصادر أن التحذير هو بمثابة تقليم أظافر الحركة، لمنعها من العودة إلى إطلاق الصواريخ مجدداً من الجنوب، انسجاماً مع التزام لبنان بتطبيق مندرجات القرار الدولي 1701، وهو ما سرى على "حزب الله"، الذي التزم به رغم الخروقات الإسرائيلية المتكررة، والعدوان على الضاحية الجنوبية، واغتيال قادته وكوادره.

وكان الناطق باسم "حماس"، جهاد طه، قد أعلن (في تصريح قبل أيام) انفتاحها على الحوار مع الجانب اللبناني، شرط ألّا يقتصر البحث فيه على الجوانب الأمنية والعسكرية، بل أن يتسع ليشمل الملفات السياسية والاجتماعية والقانونية للاجئين في لبنان، وهو ما اصطُلح على تسميته بـ "الحقوق المدنية والإنسانية للاجئين". وشدد على أن "استقرار لبنان ووحدته وتعافيه أمر يهم الفلسطينيين كثيراً، إذ نعتبره عامل دعم لنضال الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه، وفي مقدّمها حق العودة".

وإذ أعرب طه عن ضرورة أن يكون الحوار مع هيئة العمل المشترك الفلسطيني في لبنان، رأى أن تجريد المخيمات الفلسطينية من سلاحها مسألة ليست جديدة، وأن النقاش حولها قديم ومستفيض، واتخذ أشكالًا شتى، وقد سبق لكل الجهات الفلسطينية المعنية (فصائل وقوى) أن أكدت مراراً أنها منفتحة على البحث والتحاور.