عبدالله عيسى والرصاصة الغادرة في طرابلس: الرعب بالشوارع

أحدثت الإصابة الحرجة للمواطن عبد الله عيسى صدمة في طرابلس، خصوصًا بعدما كشف الفيديو حجم التهور والدم البارد في إطلاق الرصاص على خلفية أفضلية مرور بين مركبة ودراجة نارية. لكن، يكاد لا يمر يوم في طرابلس من دون أن تتردد أصداء الطلقات النارية، بعدما خرج تفلت السلاح غير المرخص عن السيطرة، وأصبح يلازم حضور معظم الكبار والصغار أمام الملأ.  

ويأسف كثيرون في المدينة أن امتشاق السلاح حاضر في أي لحظة عند أصغر الأمور وأكثرها إشكالًا: في الأفراح والتعازي وفي المونديال وفي حوادث السرقة والسلب والملاسنات وحتى على سبيل المزاح واللعب.  

غير أن خطورة هذه الظاهرة التي تعكس مستوى انحلال الدولة وغيابها، بلغ مرحلة استدعت مناشدة السكان لإيجاد حل جذري لها، مع ارتفاع حصيلة الضحايا، حتى صار التجول ليلًا في الطرقات الفرعية وغير المضيئة من المغامرات غير المحسوبة.  

ما قصة عبد الله؟  
في منطقة الزاهرية مقابل أفران المير، كان عبد الله عيسى مع شخص آخر داخل سيارته من طراز "رابيد"، وهي مركونة عند طرف الرصيف. ومع بلوغ زحمة السير ذروتها، كان خلفه المواطن أحمد الديك على دراجته النارية. فتلاسن الأخير مع عيسى حتى يمر من أمامه، ثم سرعان ما ترجل من دراجته، وأشهر المسدس من خصره، وتقدم نحو عيسى مطلقًا النار نحو رأسه من شباك سيارته. وهو ما يظهر في الفيديو الذي انتشر عبر وسائل التواصل .  

سريعًا، تمكن الديك من الفرار ولم تلقِ القوى الأمنية القبض عليه حتى الآن. في حين نقل عبد الله، وهو من منطقة جبل محسن، إلى المستشفى الإسلامي، وحالته الصحية حرجة، حتى أن البعض سرب شائعات مغلوطة عن مقتله.  

وفي المستشفى التقت "المدن" عائلة عيسى، التي ما زالت تحت وطأة الصدمة وتخشى من موت ابنها المصاب برأسه، وهو يقبع في العناية المركزة. وبصوت يختنق من البكاء داخل المستشفى، يتساءل والد عبدالله: "هل يعقل أن يرفع السلاح أحد على رأس ابني من أجل أفضلية مرور؟ لماذا لم يكتفِ مطلق النار بالتلاسن؟ أين الدولة والأمن؟". 

ويقول صديق عيسى إن الضحية سيبقى تحت المراقبة لنحو أربعة أيام قبل خضوعه لعملية جراحية، ويطالب الأجهزة الأمنية بالتحرك سريعًا، "بعدما بلغ الانفلات الأمني مستوى خطيرًا جعل حياة جميع السكان الآمنين بخطر".  

السلاح العشوائي  
وهذه القصة، ليست إلا واحدة من حوادث إطلاق الرصاص التي لا تهدأ شمالًا، حتى أصبحت أداة لحركة السارقين ليلًا. وقبل أيام، أقدم مجهولون ليلًا على محاولة سلب الشاب مصطفى بلال مواس، عند طلعة "المنار" في طرابلس، وباءت المحاولة بالفشل، لكن السارقين أطلقوا النار على قدمي مواس، ثم لاذوا بالفرار. كذلك، قتل قبل أيام طفل صغير لا يتجاوز ثلاث سنوات في منطقة القبة، مصابًا بطلق ناري أثناء لهوه بمسدّس حربي عن طريق الخطأ!  

وهذه الحادثة تعد أيضًا عينة صغيرة عن تداعيات أزمة انتشار السلاح في طرابلس وجوارها، حيث يُباع عشوائيًا، وينتشر بين أيدي معظم أبناء المناطق، ومن مختلف الأعمار حتى بين القاصرين والأطفال.  

وتشير معلومات "المدن"، إلى أن أكثر الأسلحة انتشارًا هي المسدسات الحربية، وأكثرها شيوعًا الروسية والتركية الصنع. ويدخل معظمها عبر عمليات التهريب من سوريا، كما تنتشر بعض أنواع الرشاشات والقنابل اليدوية، حيث أصبحت تجارة السلاح الأكثر رواجًا، رغم غلاء أسعارها بالدولار الأميركي.    

توازيًا، وحول حوادث السرقة، صدر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، اليوم الثلاثاء، بلاغ مما جاء فيه: حصلت في الآونة الأخيرة عدة عمليات سرقة طالت سيارات نوع مرسيدس قديمة العهد، وذلك في مدينة طرابلس وجوارها. على الأثر، كثّفت الدوريات إجراءاتها في أماكن حصول هذه العمليات. وبنتيجة الاستقصاءات والتحريات التي قامت بها، توافرت معلومات حول قيام كل من اللبنانيين: ع. ج. (من مواليد عام 2002)، ص. ف. و ص. ف. (من مواليد عام 1993) وهما شقيقان توأم، بتأليف عصابة لسرقة السيارات وتفكيكها.  

بتاريخ 06 كانون الأول 2022، تم نصب كمين محكم أسفر عن توقيفهم بالتزامن في محلة المنية وفي أماكن مختلفة.  

في عكار أيضًا  
في هذا الوقت، يشكو أهالي عكار لـ"المدن" من تصاعد وتيرة عمليات السلب والسرقة ليلًا، وتحديدًا في الطرق الفرعية لمناطق ببنين، وفي الريحانية وفي الجديدة وعلى طريق البحر وغيرها. وتتراوح عمليات السلب بين نشل هواتف حقائب والدراجات النارية. كما يخشى كثيرون من تجول ليلًا، وهم يطالبون الدولة والبلديات بحل أزمة غياب الإنارة.