عمل الجيش محاسبة المخلّين لا الانتقام... بعلبك إلى كنف الدولة؟

لم تعد منطقة بعلبك -الهرمل كما الأمس، ولم يعد هناك مكان عصيَّ على وحدات الجيش التي تحارب آفة المخدرات باحترافية رغم التحديات، من أجل إبقاء المنطقة تحت كنف الدولة، أذ تكثف وحدات الجيش ومديرية المخابرات خلال الأيام الأخيرة بشكل لافت عمليات الدهم للمطلوبين، كرسالة موجهة للجميع بأنه لا هوادة في استمرار حربها ضد الجريمة.
 
هذه المبادرات من قبل الجيس تقسم الأهالي بين مؤيّد لها، وبين من يريد أن تسود قوة السلاح على القضاء. وهذه الفئة تعتبر نفسها ضحية ما تصفها الممارسات اللاإنسانية للمؤسسة العسكرية، فتعمل هذه الفئة على على محاولة تشويه صورة الجيش عبر نشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل تشير الى ما يصفوه همجية هذه العناصر، وشعارات معلّبة.
 
لهذا يتخوف كثيرون من مدى قدرة الجيش على الاستمرار بمهمة مكافحة آفة المخدرات وغيرها، سواء من خلال المهام العملانية أو المتابعة الأمنية للمطلوبين، وصولاً إلى توقيفهم، خصوصاً وأن أهالي "المطلوبين" يعتبرون الأمر مظلمة وبعيداً عن القيم العسكرية، وأن المطلوب هو ضحية مداهمات لا مبرر لها (وفق وصف المجموعة).
  
من هنا، هناك إجماع لدى الأحزاب والقوى السياسية في المنطقة على أنه لا يوجد غطاء لأي مجرم في المنطقة، وعمل الأجهزة الأمنية يقوم على توقيف منتهكي القانون وتقديمهم إلى القضاء.
 
وتشدد هذه الأحزاب والقوى السياسية على ان الخلافات الموجودة لا تلغي حقيقة العلاقة القوية والدائمة بين الأهالي والجيش، فالأخير هو الضامن والجامع الوحيد المتبقي في هذا البلد، وأن الدعوة كانت دائما للجميع للالتفاف حوله ودعم صموده وان بعض الحالات الأخرى قليلة، وتطبيق القانون مطلوب عند ارتكاب الجريمة في النهاية والمؤسسة العسكرية هي الحل الأنسب لمكافحة كافة انواع هذه الجرائم.
 
في المقابل، يؤكد مصدر أمني لـ "النهار"، أن عمل المؤسسة العسكرية يقوم على قاعدة محاسبة المخلين بالأمن وفق القانون وليس الانتقام منهم، ولو سقط للمؤسسة شهداء فللمنطقة وللبلد الحق في حياة آمنة بعيدا عن العصابات كافة، من هنا التحدي يكون بذل قصارى جهدها لحماية العسكريين.

ويضيف: "هل سأل أحد عن التحديات النفسية التي يواجهها العسكريون بمجرد انتهاء المهمة العسكرية وعودتهم إلى حياتهم الطبيعية مع عائلاتهم، مجردة من البيئة والثقافة القتالية التي ينشؤون فيها ويتأثرون بسلوكها"؟
 
ويختم المصدر بكلمات قائد الجيش العماد جوزف عون خلال زيارته للمنطقة في آذار الماضي، حيث قدّم تعازيه بالعسكريين الذين استشهدوا أثناء تنفيذ عمليات مداهمة للمطلوبين في بلدة حورتعلا في شباط الماضي: "الأجدر بكم أن تبذلوا جهودكم لمساعدة المؤسسة العسكرية ودعمها بدلاً من استهدافها، أعان الله جيشاً يحارب الغباء والغلاء والوباء وقلة الحياء والوفاء، حمى الله الجيش وجنوده".