لبنان الكبير- الكتائب يريد رئيساً سيادياً... ويؤمن بحياد لبنان

كتبت هيام طوق في موقع لبنان الكبير:

في وقت تشهد المنطقة تطورات ومفاوضات واتفاقيات وقمم على مستوى رؤساء جمهوريات دول فاعلة، ينصرف اللبنانيون الى تأمين لقمة العيش والتفتيش عن أي قشة نجاة للاستمرار على قيد الحياة في حين يتلهى المسؤولون بتقاسم الحصص على ما تبقى من المؤسسات المهترئة. وما يجري على صعيد التأليف الحكومي خير دليل، اذ باتت هناك قناعة راسخة لدى كل الأفرقاء بأن لا حكومة جديدة في العهد الحالي، وأن كل المساعي على هذا الصعيد تصب في خانة "رفع العتب" والايحاء بأن أصحاب الشأن يقومون بالواجب لكنهم وفق المراقبين لا يريدون سوى تقطيع الوقت الضائع من اليوم حتى موعد الاستحقاق الرئاسي. وما يزيد الطين بلة أن طريقة تطبيقهم للبروتوكول أو الدستور في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة والضاغطة ترتد سلباً على الجميع لأنه لم ينتج عنها سوى المناكفات والبيانات النارية التي كشفت عمق الهوة بينهم، كما أظهرت للقاصي والداني كيفية ادارة الحكم في البلد التي تنطلق من حسابات ومصالح شخصية .

وإذا كان ملف التأليف الحكومي أصيب بانتكاسة من الصعب معالجتها، فيبدو أيضاً أن مختلف الأطراف تتخوف من انتكاسة مماثلة تلحق بالاستحقاق الرئاسي ما يعني أن احتمال الفراغ الشامل وارد جداً في المرحلة المقبلة، بحيث يرى المتشائمون أن الأشهر القليلة المقبلة سوداوية وهي الأخطر على لبنان في ظل أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، وانهيارات على المستويات كافة، وتعطيل في المرافق والمؤسسات العامة ما ينذر بأن الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات وعلى السيناريوهات الضبابية.

وفيما ينقسم المراقبون بين من يعتبر أن انتخاب رئيس جمهورية في لبنان يتأثر تاريخياً بالمعطيات والتطورات الاقليمية والدولية، وهم ينتظرون نتائج جولة الرئيس الأميركي جو بايدن في المنطقة، لمعرفة هوية الرئيس المقبل، يسقط  مراقبون آخرون هذه المعادلة من الحسبان على اعتبار أن ملف رئاسة الجمهورية ليس مطروحاً في برنامج الزيارة ولا في الاجتماعات، وبالتالي، على اللبنانيين التوافق على اسم بأسرع وقت ممكن لأن البلد لا يحتمل الفراغ على المستوى الرئاسي.

وبغض النظر عن الأسماء المتداولة والتحليلات التي تتغير وفق المعطيات، لا بد من الاضاءة على ملف رئاسة الجمهورية من منظار الأطراف كافة لناحية مواصفات الرئيس المقبل، وخلفياته ومؤهلاته، وما هي الخطوات المطلوب القيام بها أو الأولويات على الساحتين الداخلية والخارجية؟ وهل الذهاب نحو التسوية في المنطقة سيؤدي الى انتخاب رئيس وسطي، وفي حال التصعيد سيكون هناك رئيس تحد واستفزازي؟ وهل نتائج زيارة بايدن الى المنطقة تحدد هوية الرئيس الجديد؟

أشار نائب رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" جورج جريج الى أن "موقف الحزب مبدئي لا علاقة له لا بإسم ولا بحزب ولا بتيار. يريد الانتخابات الرئاسية في اليوم الأول من المهلة الدستورية، وهذا ليس استعجالاً أو انتقاصاً من موقع الرئاسة، بل تطبيق لنص دستوري لمنع 3 أمور: منع الفراغ ومنع الاجتهادات الدستورية حول صلاحية حكومة تصريف الأعمال ومنع تحويل رئاسة الجمهورية الى نوع من استدراج عروض مرشحين وللبننة هذه الانتخابات".

واعتبر أن "مواصفات الرئيس المقبل يحكمها الدستور والقانون ويجب أن يتمتع بالالتزام والكفاءة والنزاهة والمقدرة، ويكون رمز وحدة البلاد التي لها علاقة بصورة مباشرة بالسيادة، وهذا موضوع أساس للحزب. السيادة أولاً، واحترام القانون واستقلالية القضاء"، لافتاً الى "أننا أمام وضع سياسي واقتصادي صعب للغاية، وبالتالي، حين نحل الأزمة السياسية ونفك العزلة، تحل الأوضاع الاقتصادية لأن هناك وضع يد على الجمهورية".

ورأت عضو المكتب السياسي في حزب "الكتائب" جويل بو عبود أن "الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات في الاستحقاق الرئاسي. والتيار الوطني الحر ربما سيحاول التعطيل والعرقلة اذا لم يكن الاستحقاق لصالحه، والأمور ذاهبة في هذا الاتجاه خصوصاً في ظل ما نشهده من تطورات اقليمية، وتصعيد من حزب الله ما يجعل انتخاب رئيس جديد للجمهورية أكثر صعوبة".

ولفتت الى أن "الدستور لم يطبق في السنوات الأخيرة، انما تحول الى وجهة نظر. وبقاء رئيس الجمهورية في القصر بعد 31 تشرين الأول وارد على الرغم من عدم دستورية ذلك، بحيث أن مطرزي الدستور في القصر سيجدون ثغرة ما والتحجج بالأمر الواقع، وبالتالي عدم تسليم البلد الى الفراغ خصوصاً اذا لم تتشكل حكومة كاملة الصلاحيات، لكن علينا انتظار كيف سيكون الوضع السياسي حينها والذي على أساسه سيكون لكل فريق خياره".

وأشارت بو عبود الى أن "الرئيس الأميركي لن يتطرق في زيارته الى الاستحقاق الرئاسي الا أن السياسة الخارجية والاقليمية تنعكس على الوضع اللبناني، وربما يعمد البعض الى التمسك بحجة التطورات الخارجية لتنفيذ الأجندات على الساحة الداخلية. حزب الله يسير على النبض الايراني وفي المسار الذي تصب فيه المصلحة الايرانية. ولو كان انتماء كل الفرقاء الى الداخل وليس الى الخارج لكنا انتخبنا رئيساً صناعة لبنانية ولم نسمح لأي دولة بالتدخل في استحقاقاتنا الدستورية أو عرقلتها".

وشددت على ضرورة "أن يكون الرئيس المقبل سيادياً ويعيد قرار الدولة الى الدولة دون سواها، ويؤمن بحياد لبنان ويعمل على تطبيقه، وأن يكون نظيف الكف ولديه الكفاءة، وينسج علاقات خارجية قوية لنخرج من أزماتنا. ومن أولويات الرئيس المقبل، الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي لا يمكن فصله عن الموضوع السيادي بمعنى أن غياب الاصلاحات سببه السيادة المنتقصة لأن هناك حزباً يعطل الحياة السياسية والمؤسساتية. وبالتالي الأولوية اليوم، للوضع المعيشي واتخاذ اجراءات سريعة للانقاذ خصوصاً أن الظروف الحالية غير مؤاتية لحل موضوع سلاح حزب الله".