المصدر: المدن
الكاتب: بتول يزبك
الأربعاء 22 تشرين الثاني 2023 13:53:18
تستمر التّحضيرات لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (مؤتمر الأطراف COP28)، أكبر المؤتمرات العالميّة الراميّة للتصدي لتداعيات التّغير المناخيّ حول العالم، والتّي من المُزمع أن تحتضنها دولة الإمارات، خلال الفترة الممتدة بين 30 تشرين الثاني الجاري حتّى تاريخ 12 كانون الأول المقبل، في مدينة إكسبو- دبي، جامعةً الأطراف المُوقّعة على اتفاقيّة الأمم المتحدة الإطاريّة بشأن التغيّر المناخيّ، لتقييم التّقدم المحرز على صعيد مكافحة هذا التّغيّر.
ولا تقتصر هذه التّحضيرات على الجهة المُنظمة وحسب، بل تداعى معظم الجمعيات والمنظمات المعنيّة بالتّغيّر المناخيّ والنشطاء البيئيين، منذ أشهر للنقاش حول موضوعات المؤتمر، الذي سُيشكل هذا العام لحظة مفصليةً مهمة تتدرج من التّركيز على المفاوضات، نحو إيجاد حلّول عملانيّة للحدّ من تداعيات تغير المناخ، بالتزامن مع تحقيق التّنميّة المُستدامة، هذا فيما أشار برنامج الأمم المتحدة للمناخ، أنّه سيكون فرصة لتقييم موقف العالم من تداعيات الاحتباس الحراريّ، وتحديدًا في الشرق الأوسط الذي تنبأت النماذج المناخيّة بدرجات حرارة أعلى بنسبة 20 بالمئة من المتوسطات العالميّة.
مؤتمر تحضيريّ
وبعد تنظيمها لمخيم العدالة المناخيّة “Climate Justice Camp”، في لبنان (بوصفه واحدًا من أكثر الدول تأثرًا في منطق الشرق الأوسط بتغير المناخ- راجع "المدن")، الذي اجتمع فيه ما يُناهز عن 450 شابة وشاباً من نشطاء العمل المناخيّ والقادمين من حوالى 100 دولة من الجنوب العالمي، شاركت منظمة Green Peace MENA في المؤتمر التّحضيريّ الافتراضي، والذي جمع عدّة منظمات من القارات الخمس المأهولة، للتباحث بشأن هدفٍ أساسيّ اعتبرت هذه المنظمات وجوب تحققه في المؤتمر الدولي: التّحول العادل في مجال الطاقة، والتّخلص من الوقود الأحفوري بوصفه واحدًا من الأسباب الرئيسيّة للتغير المناخيّ.
ومثل المنظمة العاملة في الشرق الأوسط وفي لبنان، مسؤول الحملات الإقليميّة فيها، شادي خليل، الذي أكدّ في كلمته التّي ألقاها وتابعتها "المدن"، حول التّوقعات لنتائج COP28، في الشرق الأوسط، بالقول: "توقعاتنا لمؤتمر COP28 واضحة وتتركز على اتخاذ إجراءات حاسمة بشأن الوقود الأحفوري. ويجب أن توافق البلاد بشكلٍ جماعيّ على إنهاء التّوسع في استهلاك الوقود الأحفوري والالتزام بالتخلص التدريجيّ العادل بما يتماشى مع هدف 1.5 درجة مئوية. وعندما نقول الوقود الأحفوري، فإننا نعني الفحم والنفط والغاز"، مُضيفًا: "في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، نريد أن نرى كيف يمكن للمنطقة أن تتدرج فعليًّا في مصادر الطاقة المتجدّدة مع الهياكل والديناميكيات التي يمكن أن تفيد الناس بالفعل. من أجل أن نبدأ العمل على هذا، نحتاج إلى وقف هذا التوسع في الوقود الأحفوري وتأثيره على الاقتصادات والناس".
خاتمًا: "إن جعل ضحايا التّغير المناخيّ والملوثات يدفعون، سيأخذ الترخيص الاجتماعي للتوسع الذي يقومون به. يجب على الملوثين التاريخيين والصناعة المساهمة في صندوق الخسائر والأضرار لتمويل المناخ الآخر من أجل المساعدة في هذا التحول في الطاقة. لا يتعلق الأمر فقط بالحصول على بيان حول التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في قرار التغطية، ولكن حول الأمل في شيء أكبر وعادل يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة تقديمه".
لبنان والتّغير المناخيّ
وبوصفه واحداً من البلدان الموقعة على اتفاقيّة الأمم المتحدة الإطاريّة بشأن التغيّر المناخيّ، يلتزم لبنان تجاه المجتمع المجتمع الدوليّ بالقضايا البيئيّة لا سيما بما يتعلق بمسألة تغير المناخ التي تتمثل بتحقيق أهداف اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ وخفض الانبعاثات، والتّي أصدر بموجبها القانون رقم 115 تاريخ 29/3/2019 الذي ينص على الموافقة على إبرام اتفاق باريس الملحق باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
وفي حين من المتوقع حضور لبنان القمة المنتظرة، يبدو التساؤل مهمًا حول الجهود المجهريّة للحدّ من أسباب وتبعات التّغيّر المناخيّ، ملّحًا، وتحديدًا الوقود الأحفوري (أولى أسباب تلوث الهواء في لبنان) الذي يعاني من نقصٍ حادٍ فيها، أدى طرديًا لظاهرة انقطاع الكهرباء العامة المُزمنة والاستعاضة عنها بالمولدات الكهربائيّة (المؤدية لتلوث الهواء الناجم عن استخدام البنزين والديزل، ونواتج احتراق هذا الوقود المتعددة) والطاقة الشمسيّة.
وبتخلف لبنان ومجمل الدول الإقليميّة المحيطة به، عن صياغة رؤى بيئيّة فهو مُهدد اليوم بخطرٍ مناخيّ داهم، تتناسل عنه المزيد من الأزمات، التّي لا سبيل لمواجهتها وخصوصًا أن الشلّل المؤسساتي العام، والعرقلة المستمرة لمسار التّنمية، قضت على قدرة لبنان على مواجهة التّحديات المناخيّة، التّي حتمًا سترخي عاجلًا أم آجلًا بوطأتها على كاهل السكّان.
فمن المتوقع حسب الدراسات المناخيّة الأخيرة، ارتفاعٌ تراكميٍّ في درجات الحرارة وإلى شحّ موارد المياه (الملوّثة أساسًا والتّي لا تصلّ إلى كافة السّكان بالتساوي)، ممّا سيؤثّر بدوره على الإنتاج الزراعيّ، وعلى سُبل عيش العديد من المجتمعات الريفيّة اللّبنانيّة، في خضم النكبة الاقتصاديّة التّي ألمت أصلًا بهذه المجتمعات، أكان في البقاع الشمالي والشمال اللّبنانيّ والسهول الممتدة جنوبًا. كما وأن الارتفاع في الحرارة سيسهم في زيادة الطلب على الطاقة، التّي لن تستطيع الجهات الرسميّة توفيرها، بينما سيواجه شطر هائل من السّكان تحديات جمّة للوصول إلى مصادر طاقة مستدامة (كالطاقة الشمسيّة والهوائيّة) وسيمنع التّخلي عن الوقود الأحفوري، الذي لم توف بعد الجهات الرسميّة التزاماتها البيئيّة في التّخلص التّدريجيّ منه.
وهذا الواقع، من المتوقع مناقشته في القمّة، التّي ستركز على الشرق الأوسط بوصفه المنطقة السّاخنة المعرضة مباشرةً لأشدّ الظواهر البيئيّة المُتطرفة.