المصدر: النهار
الكاتب: جاد فقيه
الاثنين 13 تشرين الأول 2025 07:22:11
ساعات قليلة فصلت بين بيانين صدرا الثلثاء الماضي عن شركة "رامكو التاس-ب"، الأول صدر صباحا أعلنت فيه الشركة توقفها عن رفع النفايات في كل مناطق قضاءي المتن وكسروان وبيروت الإدارية الكبرى، إلى حين إعادة فتح مطمر الجديدة، وبعد ساعات من هذا البيان الذي أنذر جميع المعنيين بأن النفايات ستملأ الطرق، وأن هذا الأمر "من خارج إدارة الشركة"، صدر بيان ثان عن الجهة نفسها أعلنت فيه تبلغها من مجلس الإنماء والإعمار أنه تم إبلاغ الشركة المتعهّدة مشروع مطمر الجديدة الصحي بوجوب استئناف استقبال النفايات وتخزينها موقتاً، وذلك بعدما بلغ المطمر الحد الأقصى من قدرته الاستيعابية.
هذه الحادثة فتحت الباب أمام ملف قديم-جديد، هو عدم إدارة الحكومات المتعاقبة منذ عقود ملف النفايات علميا، والاعتماد على الحلول السهلة والسريعة، والمكلفة أيضا، كتلزيم شركة جمع النفايات ثم طمرها في أكثر من موقع، من الناعمة مرورا بالكوستا برافا وصولا إلى الجديدة.
وفي كل مرة تتفاقم نسب التلوث الناجمة عن المطمر ويصل إلى قدرته الاستيعابية القصوى، تبرز أصوات الجهات المحلية من جمعيات وبلدية واتحاد بلديات للمطالبة بإقفال المطمر أو إعادة تأهيله.
بلدية الجديدة البوشرية-السد حذت هذا الحذو، وقد كتبت رسميا في تاريخ 17/07/2025 إلى الجهات المعنية ولا سيما مجلس الوزراء، رافضة أي محاولة لتوسعة المطمر أو إنشاء خلية طمر جديدة (المعروفة بـ Cell 8) كما كان مقترحا على العقار الذي سبق أن خصصته الدولة لمصلحة البلدية بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 22 تاريخ 8/2/2022.
وفي هذا السياق، أشار رئيس بلدية الجديدة البوشرية-السد أوغست باخوس لـ"النهار" إلى "أننا لا نريد أن نتعارض مع الدولة، ونريد أن يوضع على جدول أعمال أول جلسة لمجلس وزراء مشروع المطمر لكي يتسنى إعادة فتحه. نحن وافقنا على الطرح المرجح إدراجه في جدول أعمال مجلس الوزراء والقاضي باستثمار كامل سطح المطمر لمصلحة البلدية، واستحداث مشروع طاقة شمسية للمنطقة، بالإضافة إلى إنشاء معمل نفايات يكون بديلا من المطمر في المستقبل بعد إعداد دراسة الأثر البيئي والاستحصال على التراخيص اللازمة".
صحيح أن المطامر موجودة في بلدان غربية متطورة، لكن نوعية النفايات التي تعالج فيها مدروسة بعناية وهي بطبيعة الحال غير قابلة للمعالجة.
رئيس جمعية "الأرض لبنان" والخبير البيئي بول أبي راشد يشرح لـ"النهار": "المطمر أنشئ أساسا في لبنان لرمي ما يسمى العوادم أو المرفوضات، والتي تشكل نحو 20٪ فقط من مجمل النفايات، وهذا ما نص عليه عقد التلزيم. وإذا احتُرم هذا الغرض الذي أنشئ على أساسه المطمر، فلن يصل إلى قدرته الاستيعابية بهذه السرعة".
وبحسب أبي راشد "هنا نرى تقصير مجلس الإنماء والإعمار الذي يُفترض أن يسهر على حسن تطبيق العقد، ووزارة البيئة مسؤولة أيضا لكونها المعنية بمراقبة المخالفات البيئية".
يبقى أن كمية الـ80٪ المتبقية من النفايات، في حال استخدام المطامر في لبنان كما في كل دول العالم فقط للنفايات غير القابلة للمعالجة والفرز، يجب أن تخضع للفزر وإعادة التدوير، وهذا ما لا يكبد الدولة تكاليف كبرى كإنشاء المطامر أو توسعتها…