ما سرّ بري الذي أخرج برّاك متفائلاً؟

خلافاً للانطباع المتجهم الذي ارتسم على وجهه بعد لقاءيه رئيسي الجمهورية والحكومة أول من أمس، بدت ملامح الارتياح على وجه الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك لدى خروجه من عين التينة، حيث أعلن أن اللقاء مع رئيس المجلس نبيه بري كان ممتازاً، مضيفاً أن العمل جارٍ قدماً للتوصل إلى الاستقرار، وداعياً إلى التحلي بالأمل. فهل سمع براك كلمة سر من بري لم يسمعها من الرئيس جوزف عون الذي سلمه ورقة الرد اللبناني الرسمي الموحد، أو من الرئيس نواف سلام، أو أنه لم يأخذ إلا بكلمة بري باعتباره المفوض والمتحدث باسم "حزب الله" المعني الأول بكل هذه المفاوضات؟

واستطراداً، هل ما سمعه يفتح الباب أمام الحل الذي تتوق إليه واشنطن، بالرغم من اللاءات التي رفعها موفدها، سواء في موضوع الضمانات أو الدعم، أو أي مرونة في شأن تسليم السلاح والمهل الزمنية لذلك والآليات التنفيذية المرافقة؟

المؤكد من التصريح المقتضب والسريع الذي أطلقه براك أمام الصحافيين في طريق خروجه من عين التينة، كان كافياً ليثبت أن الرجل سمع ما يريد أن يسمعه وارتاح إلى الجواب الذي أبلغه إليه رئيس المجلس. ووسط التكتم الشديد عن هذا الجواب، علم أنه يعكس موقفاً لبنانياً جامعاً، لحظته الورقة اللبنانية في شكل عام، فيما أبقيت تفاصيله في جعبة بري، وإنما بتوافق وتنسيق مع رئيسي الجمهورية والحكومة. والمقصود بالتفاصيل الآليات التطبيقية لخطاب القسم والبيان الوزاري في شأن حصرية السلاح واستعادة الدولة دورها الحامي والراعي والمسؤول عن قرار الحرب والسلم.

أما وقد بات الجواب - الحل في يد براك، فإن الخطوات المقبلة، بعد انتهاء زيارته لبيروت ولقاءاته المكوكية المستمرة حتى اليوم، تتمثل في عودته إلى بلاده حاملاً الرد، ليحصل على موافقة إدارته من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، ولتصبح العودة الرابعة إلى بيروت لإعلان الاتفاق. ولكن أين يقف الحزب من هذه الحركة المكوكية، ومن التفاهم الحاصل بين براك وبري؟

الثابت وفق المعلومات المتوافرة أن حركة بري والمفاوضات التي قام بها ممثله في لجنة المستشارين، غير معزولة عن الحزب ولا بعيدة عنه. وهذا يعني أنه بالرغم من الهامش الواسع المتاح أمام رئيس المجلس انطلاقاً من موقعه الدستوري من جهة وموقعه في الشراكة مع الحزب من جهة أخرى، وقد بات في منزلة "الأخ الأكبر"، كما يصنّفه الحزب، فهو لا يخرج بالحلول التي يقترحها ويفاوض عليها عن السقف الذي يعمل ضمنه حزبياً ومؤسساتياً. لذلك، هو يضمن موافقة الحزب على الرد الذي أبلغه إلى براك، والذي على أساسه سيأتي الموقف النهائي في شأن الاتفاق.