مشاغل حزب الله اليوم: الرئاسة والصيغة والمؤتمر الدولي الفرنسي

يستمرّ حزب الله على ثقته في قدرته على نيل الأكثرية النيابية المطلقة في الانتخابات المقبلة، مركزًا على مرحلة ما بعدها وما ينتظر البلاد من استحقاقات دستورية وسياسية واقتصادية ومالية. فالمجلس النيابي الجديد هو من ينتخب رئيسًا جديدًا للجمهورية.

رؤية حزب الله للاستحقاقات
ويعتقد حزب الله أن الانتخابات الرئاسية يفترض أن تجري في موعدها، بلا تأخير أو تعطيل، طالما المرشحون أو الطامحون للوصول إلى سدّة الرئاسة الأولى يستعجلون إنجاز الاستحقاق، وخصوصًا خصوم رئيس التيار العوني جبران باسيل، الذين يعتبرون أن أي تأجيل في إنجاز الاستحقاق يبقي باسيل مؤثرًا في السلطة. وينطلق هؤلاء من حسم فكرة أن يكون باسيل مرشحًا للرئاسة، وبالتالي الأهم عدم تركه يتحكم بحكومة تتشكل بعد الانتخابات.
من الواضح أن حزب الله يضع منهجية محددة للمسار السياسي، كحاله عند كل مفصل أو مفترق أساسي: إجراء دراساته لاتخاذ القرارات المناسبة. هذا ما فعله لحظة اتخذ قرار مشاركته في الانتخابات النيابية سنة 1992، وصولًا إلى قرار انخراطه في الدولة، بعد تحرير سنة 2000، والدخول في الحكومة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومغادرة الجيش السوري لبنان سنة 2005.

حاليًا يعكف حزب الله على دراسة خياراته للمرحلة المقبلة، ملتمسًا آفاقها وما تحمله من توازنات داخلية وخارجية. وعليه يركز حاليًا على استحقاقات أساسية أولها، الانتخابات النيابية، ساعيًا إلى الحصول فيها على الأكثرية. ويبدو واثقًا من ذلك، بعدما نجح في جمع معظم حلفائه في لوائح موحدة. على خلاف خصومه الذين أصابهم التشتت وتفشت بينهم الخلافات.

لا تأثير للعودة السعودية
لا يعتبر حزب الله أن العودة الديبلوماسية السعودية إلى لبنان تشكل عنصر تغيير أو تأثير كبير على المسار السياسي والانتخابي، بل يعتبرها مرتبطة بالعودة عن قرار خليجي بالانسحاب وبتنسيق فرنسي- سعودي لا أكثر.

لذا ينظر حزب الله إلى حركة السفير السعودي وليد البخاري، وإقامته إفطارات أو لقاءات، على أنها شكلية وفلكلورية، وبلا مردود سياسي. وحسب الحزب عينه لم يظهر أو يبرز أي مسار سياسي واضح للبخاري، يشير إلى استعداد للانخراط في العملية السياسية والانتخابية. فالمعطيات المتوفرة لديه لا تفيد باستعداد سعودي للانفاق الانتخابي. والعودة السعودية جاءت متأخرة أصلًا.

لا التزام بمرشح رئاسي 
ثاني الاستحقاقات التي يدرسها حزب الله هو الانتخابات الرئاسية، معتبرًا أن من عمل على تثبيت الانتخابات النيابية في موعدها يريد إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها أيضًا. وفي حال تأخيرها أو حصول فراغ رئاسي، فلن يطولا حتمًا، كما حصل بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان.

لدى سؤال حزب الله عن السبب في عدم إطالة أمد الفراغ الرئاسي، وهل لأنه لن يلتزم بدعم ترشيح أي طرف للرئاسة المقبلة، على خلاف ما فعل في التزمه دعم ميشال عون، يؤكد سريعًا عدم التزامه أي مرشح. ويحيل سبب عدم إطالة الفراغ في حال حصوله، إلى أن كل المرشحين للانتخابات الرئاسية سيكونون في عجلة من أمرهم لانجاز الاستحقاق. وبالتالي لن تكون هناك مقاطعات للجلسات النيابية.

يعلم حزب الله أن الاستحقاق الرئاسي يكون مرتبطًا بتوازنات داخلية وخارجية. لذا لا بد من تلمس الحركة الدولية وانعكاساتها على لبنان.

المؤتمر الدولي والصيغة
وهنا ينتقل اهتمام حزب الله إلى ثالث الاستحقاقات التي يركز عليها: ما يُحكى عن اهتمام فرنسي استثنائي بلبنان ما بعد انتخابات الرئاسة الفرنسية، في حال إعادة انتخاب إيمانويل ماكرون. ذلك أن الفرنسيين سيعملون على تنظيم مؤتمر خاص بلبنان، وعقد جلسات حوار ومصالحة بين اللبنانيين، بحثًا عن صيغة حلّ للأزمة القائمة. وقد يكون ذلك شبيهًا بمؤتمر سان كلو أو سواه.

لكن الأهم هو توفر الموافقة الخليجية والأميركية على هذا المؤتمر. هنا من غير المعروف ما إذا كان سيعقد المؤتمر قبل الانتخابات الرئاسية، ويكون عنصرًا أساسيًا في تقرير مصيرها، أم يعقد بعدها.

ثمة قناعة لبنانية بأن لا خلاص للبنان بلا عقد مثل هذا المؤتمر، الذي يفترض أن يبحث في الصيغة اللبنانية. والأهم هو الموقف الخليجي والأميركي، وهل يمنحان الغطاء لصيغة يمكن التوصل إليها والموافقة عليها في المؤتمر، علمًا أن حزب الله قد يحوز فيها على مكتسبات كثيرة في بنية النظام؟

يرتبط هذا الأمر بسياق إقليمي- دولي واسع. وفي حال توفرت ظروف دولية إيجابية للمؤتمر، يمكن القول إنه يؤدي إلى تغيير الصيغة والواقع الراهن في اتجاه هدوء واستقرار في الوضع الداخلي. أما في حال عدم توفر ظروف ذلك، فلبنان مستمر في الدوران في حلقة مفرغة من الأزمات والانهيارات.