مقتل عمال الإغاثة والرواية الإسرائيلية.. ماذا يقول الخبراء؟

لا تزال تداعيات مقتل سبعة من العاملين في منظمة المطبخ المركزي العالمي (وورلد سنترال كيتشن) الخيرية الأميركية جراء ضربة إسرائيلية في غزة تتصاعد في ظل تقارير وتصريحات تتحدث عن "تعمد" الإسرائيليين في استهداف السيارات التي تقلهم، وهو ما تنفيه إسرائيل.

في تصريحات أدلى بها لرويترز، الأربعاء، قال مؤسس المنظمة الطاهي الشهير خوسيه أندريس إن الهجوم الإسرائيلي الذي أدى إلى مقتل الموظفين استهدفهم "بشكل منهجي وعربة تلو الأخرى".

وأضاف أن المنظمة كانت على اتصال واضح مع الجيش الإسرائيلي الذي كان على علم بتحركات موظفيها وبمكان وجود القافلة.

وقال أندريس إن قافلة المساعدات تعرضت على الأرجح لما يزيد على ثلاث ضربات. ورفض التأكيدات الإسرائيلية والأميركية بأن الضربة لم تكن متعمدة.

وقُتل موظفو الإغاثة عندما تعرضت قافلتهم للقصف بعد وقت قصير من إشرافهم على تفريغ 100 طن من الأغذية التي تم جلبها إلى غزة عن طريق البحر. 

وعبر الجيش الإسرائيلي عن "أسفه الشديد" إزاء الأمر ووصفه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بأنه غير متعمد.

وكان هناك مواطنون من أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة وبولندا من بين القتلى.

متعمد أم لا؟

تعليقا على ما جرى يعتقد كبير الباحثين في مركز التقدم الأميركي لاري كورب أن الحادث ربما يكون ناجم عن "مناخ" سائد لدى القوات الإسرائيلية خلال الحرب في غزة.

يقول كورب لموقع "الحرة" إن "ما حدث هو أن الإسرائيليين قالوا لقواتهم في الميدان، عندما تكونون في شك، اتخذوا إجراءات حاسمة، بدلا من الطلب منهم التحقق أكثر عندما يكون هناك شك في هدف ما".

ويضيف كورب، الذي شغل في السابق منصب مساعد وزير الدفاع الأميركي، أن الإسرائيليين "خلقوا مناخا داخل قواتهم في هذا الإطار لأنهم حتى الآن ضربوا الكثير من الأهداف المدنية ولم يحدث شيء". 

ويتابع كورب "أنا لا أقول إنهم تعمدوا القصف، سأعطي الأشخاص الذين كانوا يقودون الطائرة ميزة الشك، وأعتقد أن الذي حدث ليس خطأهم بكل بساطة".

ويلقي كورب باللائمة على الأشخاص الذي يقودون الحرب بالقول إن "القادة الكبار في الجيش الإسرائيلي والمسؤولين المدنيين خلقوا مناخا مفاده إذا كان هناك أي شك فقوموا باستهدافه بدلا من الحذر والتساؤل ما إذا كان الهدف مشروعا أم لا".

وكان نتانياهو قد أقر، الثلاثاء، بأن الجيش الإسرائيلي قتل "عن غير قصد" سبعة من عمال الإغاثة في غارة جوية على قطاع غزة. 

وانتقد الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل بشدّة على الغارة الجوية التي أسفرت عن مقتل ناشطي المطبخ المركزي العالمي، معربا عن شعوره "بالغضب والحزن".

وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي إن الضربة "خطأ جسيم ما كان يجب أن يحدث" متحدثا عن "خطأ في تحديد الأشخاص" في "ظروف معقدة للغاية".

وكذلك وصف أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي الحادث بأنه "مأساوي و"مؤسف"، مؤكدا أنه "لم يكن متعمدا".

وقال جندلمان لموقع "الحرة" إن ما جرى كان "خطأ كبيرا وأليما"، مضيفا أن "إسرائيل لم ولن تستهدف موظفي المنظمات الإنسانية التي تعمل في قطاع غزة وتقوم بدور مهم لمساعدة المدنيين هناك".

جندلمان شدد أن السلطات الإسرائيلية تعمل على "فحص ملابسات الحادث بشكل شامل وجوهري".

وأكد المتحدث الإسرائيلي أن بلاده ستشارك نتائج التحقيق مع منظمة المطبخ المركزي العالمي ومع الدول المعنية، كما أنها "ستفعل كل شيء لضمان عدم تكرار هذا الحادث المأساوي".

مصير المساعدات

وبدأت "ورلد سنترال كيتشن" الشهر الماضي نقل المساعدات الغذائية إلى من يواجهون الجوع في شمال غزة عبر ممر بحري من قبرص، بالتعاون مع منظمة أوبن آرمز الخيرية الإسبانية. 

ومنذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر، أكدت منظمات غير حكومية عديدة تعمل في غزة أن موظفيها ومواقعها تعرضت لقصف إسرائيلي. 

وقُتل 196 من عمال الإغاثة، من بينهم 175 من الأمم المتحدة منذ بداية الحرب، وفقا لأمينها العام أنطونيو غوتيريش.

بالإضافة إلى الخسائر البشرية والدمار، تسببت الحرب في كارثة إنسانية في القطاع المحاصر حيث لا تدخل سوى كمية قليلة من المساعدات الإنسانية التي تخضع لرقابة إسرائيلية صارمة.

ونظرا لصعوبة إيصال المساعدات عبر البر، تم إنشاء ممر بحري، فضلا عن عمليات إنزال جوي للمساعدات. لكن العديد من الدول والمنظمات الإنسانية تعتبر أن الطريق البري هو أفضل وسيلة لإيصال المساعدات الهائلة التي يحتاجها السكان. 

ويأمل لاري كورب أن تكون إسرائيل قد "تعلمت الدرس" بعد حادثة استهداف موظفي الإغاثة "وأن لا يكرروا الخطأ" مستقبلا.

وأعرب عن اعتقاده بأن ما جرى سينعكس سلبا على جهود إيصال المساعدات الإنسانية لغزة.

وتابع قائلا: "سيكون من الصعب جدا على المتطوعين الذهاب للقيام بذلك عندما يعتقدون أنهم يفعلون شيئا ما يصب في الصالح العام للفلسطينيين، وينتهي بهم الأمر بالموت".

واختتم بالقول: "هؤلاء الناس لديهم عائلات وعملهم رائع.. هم متطوعون ولا يحصلون على أموال مقابل ذلك".