المصدر: نداء الوطن
الكاتب: نخلة عضيمي
الاثنين 21 تموز 2025 06:52:01
السلاح الفلسطيني وتحديدًا سلاح حركة "حماس" تحول بقوة إلى ورقة تفاوضية بيد "حزب الله" لن يتنازل عنها بسهولة.
هذا هو الواقع الذي يحاول "الحزب" فرضه لرفع مطالبه في مواجهة الحملة الدولية والداخلية لحصر السلاح بيد الدولة. وقد تخوّف مصدر دبلوماسي رفيع من "احتمال استخدام "حزب الله" هذه الورقة لزعزعة الاستقرار إذا اقتربت لحظة الحسم على خط السلاح". وهو أكد أن "الحزب لطالما استغل السلاح الفلسطيني من أجل تحقيق غايات وأهداف حتى لو أدى الأمر إلى ضرب استقرار لبنان، وقد يكون مخيم عين الحلوة بموزايك القوى المسلحة الموجودة فيه منطلقًا لذلك".
بالعودة إلى بعض الأحداث، ففي ربيع 2025 شهد لبنان عمليتَي إطلاق صواريخ نحو إسرائيل من دون أن تتبنّى أي جهة العملية، فيما أعلن المجلس الأعلى للدفاع في لبنان عن توجيه تحذير رسمي إلى حركة "حماس" لئلا تستخدم الأراضي اللبنانية في أعمال تهدد سيادة وأمن الدولة. ولم تعلق الحركة على هذا البيان حتى الآن.
ترافق هذا السياق مع إعلان الجيش اللبناني في نيسان 2025 عن توقيف لبنانيين وفلسطينيين يشتبه في مشاركتهم بعمليات الصواريخ. وأفادت مصادر لوكالة "الصحافة الفرنسية" حينها بأن ثلاثة من الموقوفين تبين انتماؤهم لـ "حماس". هذه الاتهامات الأمنية لم تلقَ نفيًا من قبل "حماس" التي رفضت حتى إشعار آخر تنفيذ أي مطالبة رسمية بتسليم المشتبه فيهم إلى الجيش.
بعد عدة أشهر، وفي منتصف تموز 2025، كشف الجيش اللبناني بالتعاون مع شعبة المخابرات عن تفكيك خلية إرهابية في بلدة بتبيات (رأس المتن الأعلى). ووفرت التحقيقات الأولية معلومات عن ضبط الجيش مستودعاً كبيراً للأسلحة ضم منصات إطلاق صواريخ وقناصات وطائرات مسيّرة (مُسلّحة) ورشاشات ثقيلة. وأوردت مصادر امنية أن هذه الخلية اتضح أنها "مؤلفة بشكل أساسي من عناصر من حركة حماس".
تتمتع هذه التطورات بأبعاد متعددة. فاستمرار وجود أسلحة فلسطينية غير شرعية داخل المخيمات وخارجها يشكل تهديدًا مزدوجًا: فهو يجعل المخيمات نقطة انطلاق محتملة لأي تصعيد وحجة لإسرائيل لاستهداف مواقع لبنانية، وفي الوقت ذاته يفاقم التوترات الداخلية.
قرار للرئيس الفلسطيني يُثير إشكاليات قانونية وسياسية خطيرة
هذا على خط حركة "حماس"، أضيف إليه في المقابل قرار فتحاوي يطرح أكثر من علامة استفهام.
فبتاريخ 12 تموز 2025، صدر عن رئيس دولة فلسطين قرار رسمي يقضي بـ "إلحاق وحدة الأمن والحماية التابعة لسفارة دولة فلسطين في الجمهورية اللبنانية بقوامها وعتادها كافة، إلى قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان"، وهو قرار يُثير العديد من الإشكاليات القانونية والسياسية الخطيرة، ويطرح تساؤلات حول مدى مشروعيته في ضوء اتفاق الطائف، والسيادة اللبنانية، ومبدأ حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
أولاً: في التوصيف القانوني للقوة المعنية
قوات الأمن الوطني الفلسطيني تشكيل عسكري غير لبناني وهي في الواقع لا تتمتع بأي وضع قانوني رسمي داخل الأراضي اللبنانية، ما يجعلها ميليشيا أجنبية غير شرعية من منظور الدستور اللبناني.
ثانيًا: في مخالفة مبدأ حصرية القوة المسلحة في الدولة المضيفة
ينص اتفاق الطائف صراحة على حل جميع الميليشيات وفرض سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية. بالتالي، فإن ضم وحدة أمنية إلى قوة مسلحة أجنبية داخل الأراضي اللبنانية من دون موافقة الدولة المضيفة أو تنسيق رسمي، يشكل خرقًا للسيادة.
ثالثًا: في التذرع بالحماية الدبلوماسية وفق اتفاقية فيينا
اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، تمنح حق الحماية الأمنية للسفارات عبر الأجهزة الأمنية الرسمية للدولة المضيفة (أي قوى الأمن الداخلي أو الجيش اللبناني في حالة لبنان). ولا يجوز إنشاء وحدات أمنية مسلّحة أجنبية داخل بعثة دبلوماسية.
رابعًا: في المخاطر العملية والسياسية
• أمنيًا: يُنذر القرار بتحويل البعثة الدبلوماسية الفلسطينية إلى مركز عسكري يدار من خارج المنظومة القانونية اللبنانية.
• سياسيًا: قد يُستخدم القرار لإعادة تشكيل "بنية مسلّحة شرعية" لقوة فلسطينية على الأراضي اللبنانية، بما يخالف الالتزامات الفلسطينية الرسمية السابقة.
• دبلوماسيًا: يُشكل هذا القرار تعديًا على أعراف العمل الدبلوماسي في لبنان، ويؤسس سابقة خطيرة في العلاقات بين البعثات الأجنبية والدولة المضيفة.
تسليم السلاح الفلسطيني لا يستغرق سوى أسابيع
وهكذا، في ضوء كل ما تقدم، لا بد وسريعًا جدًا من وضع حد لانفلاش السلاح الفلسطيني كخطوة تمهيدية أمام نزع سلاح "حزب الله". كما لا بد من فك الترابط بين السلاحين والمسارين لا سيما وأن مصدرًا أمنيًا متابعًا لملف السلاح الفلسطيني يؤكد أن تسليمه لا يستغرق سوى أسابيع علمًا أن الجيش اللبناني وكما أكدت مصادر سياسية يتخذ "أشد الإجراءات حول المخيمات" لكبح انتشار السلاح وتقييد تحرّكات العناصر المسلحة خارجها.
والسؤال: هل سيتخذ القرار ويبلّغ به المبعوث الأميركي توم براك خلال زيارته الحاسمة هذا الأسبوع، أم يفشل لبنان في الخطوة الأولى من اختبار حصر السلاح ويغرق مجددًا في وحول السلاح الفلسطيني كرمى عيون سلاح "حزب الله"؟..