بالفيديو- إقتحام مسلح لنادٍ ليلي بدمشق وضرب عنيف للفتيات

تداول ناشطون سوريون مقطع فيديو مسرّب التقطته كاميرا مراقبة، يظهر اقتحاماً عنيفاً من قبل مسلحين مجهولين، لما قيل إنه نادي وكازينو "ليالي الشرق"، بالقرب من ساحة المحافظة في قلب العاصمة دمشق.

وزارة الداخلية تستجيب
وقال المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية إن القوى الأمنية باشرت على الفور باتخاذ جميع الإجراءات العاجلة لملاحقة الفاعلين الظاهرين في الفيديو وضبطهم، وبعد التحقيقات الأولية ومراجعة التسجيلات تم التعرف على العناصر المتورطين بالاعتداء واعتقالهم وتحويلهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل.
 
وأضاف المكتب  أن الوزارة تؤكد أن سيادة القانون هي الأساس في التعامل مع مختلف القضايا داخل الأراضي السورية، وتشدد على أن أي تجاوز أو اعتداء يمس المواطنين أو المرافق العامة سيقابل بإجراءات قانونية صارمة.

اعتداءات وانتهاكات
وتظهر اللقطات لحظات من العنف، إذ تتعرض مجموعة من الفتيات والرجال للضرب باستخدام العصي وأعقاب البنادق، فيما يوثق الفيديو سقوط إحداهن أرضاً بعد تلقيها ضربة قوية كادت أن تفقدها وعيها، وسط صرخات ورعب ظاهر في الفيديو. 
 
ورغم أن الضرب غير مبرر بجميع الأحوال، إلا أن التسجيل يظهر التفاوت في التعامل بين النساء والرجال، حيث يلاحظ أن الرجال قد طردوا من دون التعرض للاعتداء الجسدي العنيف الذي تعرضت له الفتيات، ما أثار تساؤلات حول دوافع هذا الاقتحام والأسس التي يستند إليها، الأمر الذي شببه ناشطون بـ"البلطجة تحت غطاء الوصاية الأخلاقية". 

لا تهديدات ارهابية
وقد يقال إن المداهمة كانت مبررة في حال وجود تهديد أمني كبير، كوقوع اعتداء إرهابي أو احتجاز رهائن، وهي حالات تبرر عادة تدخلًا سريعاً وحازماً من القوى الأمنية. لكن لا شيء في هذا التسجيل يُشير إلى سيناريو كهذا. بل على العكس، يُظهر الفيديو أن التدخل لم يكن لمواجهة خطر داهم، بل لاستهداف مباشر وعنيف لمجموعة من الزبائن والعاملين العزل، دون أي إجراءات قانونية لاحقة كالاعتقال والتوقيف النظامي.
وفي الحالات التي تكون فيها المداهمة مبررة قانوناً، فإن بروتوكولات تنفيذها تختلف جذرياً عمّا ظهر في الفيديو؛ إذ يفترض التعامل مع المشتبه بهم وفق معايير قانونية، بما في ذلك احترام الكرامة الجسدية والامتناع عن استخدام القوة المفرطة. إلا أن ما وثقه التسجيل يبيّن ضرباً عشوائياً، وهو سلوك يُصنّف كاعتداء متعمد قد يؤدي إلى أذى بالغ.

لا اعتقالات
الأهم أن المداهمين لم يقوموا باعتقال أي شخص، ولم تسجّل أي محاولة لتكبيل الأيدي أو اقتياد أحد للتحقيق، ما يعزز فرضية أن القائمين بالاعتداء ليسوا أفراد أمن، وأنه لا تهمة كانت توجّه للمتواجدين في المكان، سوى أنهم كانوا يقضون وقتاً ترفيهياً داخل نادي ليلي مرخص، وهذا يسقط عن المداهمة اي غطاء قانوني أو أمني محتمل، ويضعها في خانة "التأديب الأخلاقي" العنيف الخارج عن القانون.

استنكارات
أثارت الواقعة استنكاراً واسعاً وتساؤلات حول هوية الجهة المنفذة، لا سيما أن التعامل العنيف كان موجّهاً بشكل خاص للفتيات، فيما لم يسجَّل اعتداء مشابه على الرجال الذين تم دفعهم فقط للخروج.
وحسب القانون السوري، فإن أي مداهمة لمكان مغلق يجب أن تتم بموجب إذن خطي صادر عن النيابة العامة، يحدد الأسباب القانونية والجهة المنفذة. ويفترض في حالات الاشتباه بمخالفات مثل الدعارة أو تشغيل قاصرات، كما روج بعض الناشطون، أن يفتح ضبط رسمي من قبل الشرطة، يلي ذلك تفتيش المكان بوجود قوة نظامية، مع احترام كامل لحقوق وسلامة الموجودين، دون الاستخدام المفرط للعنف والضرب دون مقاومة من الضحايا، وهو ما يعد انتهاكاً واضحاً لأصول الإجراءات القانونية.

تجريم الاعتداء الجسدي
كما ينص قانون العقوبات السوري على تجريم الاعتداء الجسدي دون مبرر قانوني، حتى في حالات تصنّف تحت حماية الأخلاق العامة. أما قانون مكافحة الدعارة رقم 10 لعام 1961، فرغم تجريمه للممارسة وتسهيلها، إلا أنه لا يمنح أي جهة أمنية أو غير رسمية صلاحية تنفيذ إجراءات منفردة أو استخدام القوة بهذا الشكل.
وتشير مصادر حقوقية إلى أن مخالفات داخل أماكن السهر، إن وجدت، يفترض أن تواجه بإجراءات رسمية واضحة تحترم الأطر القانونية والكرامة الإنسانية، لا من خلال مداهمات مسلّحة تُنفذ في الظلام وبعنف فج. 
ويعد نادي "الشرق"، المعروف أيضاً باسم "كازينو الشرق"، من أقدم المنشآت الليلية في دمشق، وتأسس عام 1951 على يد رجل الأعمال توفيق الحبوباتي، وكان في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ملتقى للنخب السياسية والثقافية، حيث استضاف شخصيات بارزة كالرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون والمطربة أم كلثوم. 
أغلق النادي في السبعينيات، ثم أعيد تفعيله لاحقاً، وفي عام 2009، اشتراه رجل الأعمال موفق القداح قبل أن يبيعه لسامر الفوز، ويعمل اليوم تحت اسم "مطعم ليالي الشرق"، ويقدم حفلات يومية.